د. حمد الكواري:
تعاون مكتبة قطر الوطنية مع مختلف المكتبات جهد لتقديم نموذج عصري معاصر…
الكتابُ هو الجليسُ الذي لا يُطريك، والصديقُ الذي لا يُغْرِيك، والرفيقُ الذي لا يَمَلُّكَ ولا يُعَامِلُك بالْمَكْرِ، ولا يَخْدَعُكَ بالنِّفَاقِ، ومن لك بمؤنِس لا ينامُ إلا بِنَوْمِكَ، ولا يَنْطِقُ إلا بما تَهْوَى، آمَنُ مَنْ في الأرضِ وأكتم للسر مِنْ صَاحِبِ السر.
(الجاحظ)
للكتب خاصة والمكتبات عامة في حضارتنا العربية مكانة جليلة في حفظ الإرث المعرفي للعلماء العرب والمسلمين واستمراره حتى الآن. وكانت مكتبة بيت الحكمة هي أول مكتبة أكاديميَّة وعامَّة ومتخصصة حفظت تراث الإنسانية وكانت مقرَّ الدَّرْس والمطالعةِ والبحث، وكانت تُقام بها مناظرات ومناقشات.
-
إن عصرنا يفرض علينا ضرورة الانتقال إلى اقتصاد المعرفة، إذ في هذا الاقتصاد يتجلى الدور المحوري للمكتبات الوطنية الخليجية، العامة منها والمتخصصة، في رفد الاستراتيجيات الوطنية وتمكين الإنسان وإعداد أجيال جديدة قادرة على توظيف التكنولوجيا في استخدام المعلومات بنهج يجمع بين الذكاء والإبداع.
-
تقوم المكتبات في عصرنا بدور محوري ليس فقط في حفظ المعرفة الإنساني وتداوله وانتشاره لتستفيد منه الأجيال الحالية واللاحقة، بل تنهض بدور أكبر في بناء اقتصاد المعرفة والسبق في استثمار التكنولوجيا لتعزيز استفادة البشرية من الإنتاج المعرفي الضخم المتراكم عبر آلاف السنين.
-
كانت تلك خواطر تتالى على خاطري، حينما شاركت بالأمس في افتتاح المؤتمر والمعرض السابع والعشرين لجمعية المكتبات المتخصصة – فرع الخليج المقام حاليًا في الدوحة بالتعاون معنا في مكتبة قطر الوطنية تحت شعار “توظيف التقنيات الذكية في بيئة المكتبات المتخصصة ومؤسسات المعلومات”.
-
يجسد هذا المؤتمر ثمرة التعاون الوثيق مع جمعية المكتبات الخاصة ويترجم أهدافنا وتطلعات واهتماماتنا المشتركة إلى جهود ملموسة على صعيد تطوير مجال المكتبات والمعلومات، والارتقاء بكفاءة العاملين فيه ومهاراتهم، وتعزيز مواكبتهم لمستجدات ثورة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي نشهدها ولا غنى عن استثمارها والاستفادة منها.
-
رافق هذا المؤتمر معرضاً… وكان من دواعي سروري رؤية العديد من دور النشر والمصادر الإلكترونية التي وصلت إلى مستوى احترافي وعالمي في توظيف التكنولوجيا لتقديم المحتوى المعرفي باللغة العربية. والأهم سماع الشباب وهم يتحدثون بلغة علمية، تشي بالمستوى الذي يمثلونه وبالمستقبل الذي ينتظرنا.
-
ما زال هناك الكثير الذي ينبغي علينا القيام به من أجل تطوير المحتوى المعرفي في المكتبات باللغة العربية، وتطويع التقنيات المختلفة، ومنها الذكاء الاصطناعي، لفهم النصوص العربية وتحليلها واستخلاص المعرفة منها على غرار ما نجد في اللغات الأوروبية
-
تعاوننا وشراكاتنا المختلفة مع جمعيات المكتبات الإقليمية والدولية جزء من جهودنا الحثيثة في مكتبة قطر الوطنية لتقديم نموذج عصري يُحتذى به لما ينبغي أن تكون عليه المكتبات الوطنية في القرن الحادي والعشرين.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية