الهديل

خاص الهديل: بروفا لإنزال استعصاء انتخاب فخامة الرئيس عن شجرة ترشيح سليمان فرنجية!!

 

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

الفكرة الأساسية الأكثر تداولاً في هذه المرحلة والتي لا يتم الإفصاح عنها أمام الإعلام بصراحة، هي كيف سيتم إنزال الثنائي الشيعي عن شجرة التمسك بترشيح سليمان فرنجية…

جرت حتى الآن عدة محاولات للبحث عن خارطة طريق تفضي إلى حل لهذا الموضوع. إحدى هذه المحاولات تمثلت بفتح موفد عربي موضوع ترشح فرنجية مع الرئيس نبيه بري، حيث رد عليه الأخير بالقول: نحن نتمسك بترشيحه؛ ولكن إذا كان لديك كلام آخر في هذا الموضوع، فاذهب وحدث فرنجية مباشرة به..

 

.. ولكن “أبو طوني” قليلاً ما يسمع من الموفدين والمراجع الخارجية رأيهم بترشيحه، كونه يفضل البقاء في بنشعي التي لا يصلها قاصدوها إلا بعد مشقة سفر تستغرق عدة ساعات..

 

داخل الثنائي الشيعي، إضافة لمقربين منه، يوجد لوم على “سليمان بك” لأنه لا يواكب ترشيحه بإطلاق حيويات ومبادرات مطلوبة من قبله؛ وبدل ذلك، فهويخوض “انتخابات الرئاسة بالناظور” من بنشعي الواقعة في أطراف الشمال.

 

وتظهر آخر تحديثات معادلة ترشيحه، غير مشجعة؛ فلقد تبددت حماسة باريس له، وأحد أسباب ذلك أن الإليزيه كانت تعتقد أن وصول فرنجية للرئاسة الأولى سيؤمن صفقة محاصصة عادلة لها، على اعتبار أنه إذا حصل محور الممانعة على رئيس للجمهورية، فإن ذلك سيعني أن رئيس الحكومة سيكون من حصة فرنسا.  

 

هذه الحسبة قائمة منذ بدء سريان جمهورية الطائف. فمنذ العام ١٩٩٠ حافظت باريس على حصتها في الموقع الرئاسة الثالثة بمقابل أن موقع الرئاسة الأولى كان من حصة دمشق وحلفائها المحليين والإقليميين، ثم أصبح من حصة حزب الله وحلفائه المحليين والإقليميين.

 

اليوم تجد باريس أن معركة فرنجية مكلفة سياسياً، وقد لا تفضي إلا تطبيق معادلة الرئاسة الأولى لمحور الممانعة والثالثة لباريس؛ فالمسيحيون بأغلبهم لا يؤيدون وصول فرنجية؛ وحليفة فرنسا الأساسية والأقوى في الخماسية، أي السعودية، انتقلت من موقع الحياديه تجاهه إلى موقع التحفظ على ترشيحه. أضف لذلك أن واشنطن في خلفية تفكيرها تؤيد ترشيح جوزاف عون أو شخصية على إيقاع مواصفاته.. فيما قطر أماطت اللثام عن إسم مرشحها الثالث، وهو بكل الأحوال، وبغض النظر عن كل التأويلات، ليس سليمان فرنجية. 

 

وفي ظل كل هذه الأخبار غير السارة لبنشعي، يبقى هناك سؤال مركزي مركب يطرح نفسه على واقع أزمة الشغور الرئاسي، ومفاده؛ أولاً ما هو الإخراج المناسب لحل مشكلة ترشيح فرنجية؛ وثانياً هل التوافق على إخراج فرنجية من حلبة المنافسة يؤدي إلى تسهيل عملية ولادة فخامة الرئيس العتيد؛ وثالثاً ما هي مواصفات الكتلة النيابية التاريخية التي ستنتخب الرئيس المصنف على أنه الخيار الثالث؟؟.

 

هذه الأسئلة الثلاثة لا يمكن طرحها إلا في سياق أنها سؤال واحد، ولكنه سؤال مركب وذو حلقات متصلة، والحلقة الأولى يفضي حلها لولوج الحلقة الثانية ومن ثم للثالثة.. وتعني هذه اللوحة أن نقطة الاشتباك التي تعطل انتخاب فخامة الرئيس إسمها حتى هذه اللحظة “خلاف الموارنة مع المرشح سليمان فرنجية” من جهة، وخلاف “المسيحيين ومعهم أطراف إسلامية مع الثنائي الشيعي على ترشيحه سليمان فرنجية”.. وعليه فإن فرنجية هو حلقة الاشتباك الأولى المسببة للاستعصاء، وبالتالي فإن إخراج فرنجية من المنافسة بتسوية وليس بصراع هو الطريقة الفضلى إلى فك أول حلقة من تعقيد انتخاب فخامة الرئيس وفتح الباب ثم الدخول إلى الحلقة الثانية المخصصة للاتفاق على “مواصفات عملية الانتخاب”؛ ثم بعد ذلك يتم الانتقال للحلقة الثالثة المخصصة للاتفاق على “مواصفات فخامة الرئيس وإسمه”..

 

عند مربع الحلقة الثانية، أي مواصفات عملية الانتخاب؛ سيكون السؤال هو عن الكتلة التاريخية النيابية التي ستنتخب فخامة المرشح الثالث؟؟. في الإنتخابات الرئاسية الماضية كانوا يطلقون على هذه الكتلة تسمية كتلة التسوية الرئاسية، أي مجموعة الأحزاب التي توافق على الدخول إلى عهد رئاسي جديد بناء على اتفاق بينها يدوم لمدة ستة أعوام. إن البحث عن الكتلة النيابية التاريخية الناخبة للرئيس الجديد التي تتجاوز الـ ٨٦ نائباً تستلزم توافقاً داخلياً مدعوماً بتفاهم خارجي، ومن دون توفر هذين العاملين لا تستطيع أي جهة في لبنان لوحدها، أو أي دولة لوحدها تأمين نصاب التفاهم على عقد جاسة انتخاب الرئيس العتيد..

 

إن تجارب الإنتخابات الرئاسية في لبنان تدلل على أن التفاهم على مواصفات الرئيس العتيد، عادة ما يكون مدخلها التفاهم على مواصفات جلسة انتخابه وتأمين نصابها.. أكثر من رئيس جمهورية جرى تأمين نصاب انتخابه بواسطة إحضار العدد اللازم من النواب بواسطة عربات مدرعة وهم منقادون من وحدات عسكرية خاصة؛ وفي حالات أخرى تمت هندسة تأمين النصاب عن طريق تأثير سلاح الدينار؛ وفي حالات أكثر جرى إحضار نواب النصاب بموجب اتفاق سياسي؛ وعليه يمكن القول أن ثلاثة أرباع نجاح عملية انتخاب الرئيس، تقع في كيفية تخطيط مواصفات عقد النصاب التي تفضي احتياجاتها لمواصفات معينة للرئيس العتيد. 

ويبدو أن مايسترو إتمام هذه الحلقة الثانية (هندسة تأمين النصاب) هو الرئيس نبيه بري العارف بما خفى وما ظهر من توزعات النواب والكتل، والقادر على تدوير زوايا جلسات الإستحقاقات الدستورية؛ وأقرب مثال على ذلك جلسة انتخاب ميشال عون التي حولها بري لجلسة مربكة فيها الكثير من الرسائل المبكرة على تعثر العهد الجديد..

 

والواقع ان الجو الرئاسي لا يزال في هذه اللحظة عالقاً عند مربع الحلقة الأولى ومفادها إنزال الثنائي الشيعي ومعه البلد عن شجرة التمسك بترشيح فرنجية.. ولا جديد على هذا الصعيد سوى وجود همس، تنفيه عين التينة وحارة حريك، عن بدء تبلور قناعة لدى الثنائي الشيعي بضرورة البحث عن مرشح ثالث.. وهناك وجهة نظر تقول أن الخماسية تتجه لقيادة ورشة تحرك تقوم على الآلية التالية: أولاً أخذ التزامات من القوى السياسية بأنها مستعدة لتعاون بعيد المدى مع جهود تنتج تسوية رئاسية.. ويقال أن الخماسية أو جزء من الخماسية، حصلت على تعهد من الثنائي الشيعي بأنها ستبدي “تعاوناً بعيد المدى” معها لانتخاب رئيس.. ثانياً البناء على هذا التعهد من القوى السياسية عملية إنتاج خارطة طريق لعقد جلسة انتخاب الرئيس، أي كيفية تأمين الكتلة النيابية التاريخية الناخبة ذات الـ٨٦ نائباً؛ ثم بعد ذلك البحث بالأسماء وبإسم فخامة الرئيس. والتفسير السياسي لهذه الآلية يقول أن فخامة الرئيس تنتخبه تسوية رئاسية؛ وأن مواصفاته يتم إعدادها خلال العمل لإنتاج مواصفات جلسة انتخابه.

Exit mobile version