الهديل

خاص الهديل: وجهة نظر موضوعية ومهنية: هذه هي نقاط قوة وضعف كل من حماس وإسرائيل المتبقية فوق ميدان غزة

 

خاص الهديل:

 

بقلم: ناصر شرارة

يوجد حاجة للوقوف على رأي يعبر عن وجهة نظر الجيش الإسرائيلي بالحرب الدائرة في غزة وعلى الحدود مع لبنان.. المقصود هنا رأي مهني ولا ينتمي لجوقة الناطق الرسمي بإسم الجيش الذي يزور وقائع الحرب..

ولكن بشيء من التفصيل، لماذا المطلوب البحث عن وجهة نظر موضوعية من داخل الجيش الإسرائيلي حول حرب غزة؟؟.

ببساطة، لأنه بعد مضي أكثر من ستة أشهر على الحرب لم تعد الصورة واضحة لجهة إلى أين وصلت الأمور الميدانية في هذه اللحظة (؟؟)؛ ما هي مدى سيطرة إسرائيل على غزة (؟؟) وهل هي سيطرت بالفعل كما يقول إعلامها (؟؟)، وأيضاً ما هو الوضع الميداني لحماس (؟؟)؛ والى أين تتجه الحرب في غزة.

صحيفة معاريف الإسرائيلية أرادت أيضاً الوقوف على حقيقة الوضع العسكري، وذلك بعيداً عن ما يقوله نتنياهو الذي يخرج كل يوم ليقول للصحافيين “إسرائيل تقترب من النصر المطلق أو الجلي”، وبالتوازي بعيداً عن بيانات حماس وأترابها (حركة الجهاد، الخ..). 

يسرائيل زيف هو لواء احتياط في الجيش الإسرائيلي، حاول الإجابة بمهنية – كما تقول معاريف – عن نقاط محددة بخصوص أين وصلت الحرب؟؛ وهذه نقاط هي حالياً محل جدل وسجال وغموض..

النقطة الأولى داخل “سلة النقاط السجالية”، هي: هل هناك تقدم عسكري إسرائيلي في حرب غزة، وهل هناك نقاط قوة ونقاط ضعف في موقف إسرائيل العسكري العام في غزة؟؟.

إذا حاولنا أن نستخلص من اجوبة اللواء زيف نقاط القوة ونقاط الضعف في وضع إسرائيل في حرب غزة كما هي ظاهرة في هذه اللحظة، وذلك من وجهة نظره العسكرية المهنية؛ فإنه سترتسم أمامنا الصورة التالية: 

يقول زيف “إسرائيل لا تزال عالقة في غزة في عمليات قتالية تكتيكية فقط”.. 

[من منظار عام يبدو وصف زيف هذا لحال الجيش الإسرائيلي في غزة، بمثابة نقطة ضعف يعانيها انطلاقاً من تقدير موقفه العسكري العام، ولكن زيف يوضح عدة نقاط تبين لماذا تستطيع إسرائيل احتواء نقطة ضعفها هذه]:

يقول زيف: “لكن إسرائيل تعتبر أن لديها الوقت، ولا تتخوف من أن تقوم أطراف بالتأثير على جدولها الزمني الذي وضعته لهذه الحرب”.  

[يعبر استدراك زيف أعلاه عن أمر استراتيجي مفاده أن إسرائيل تثق بأن “جنرال الوقت” يقف إلى جانبها ويعمل لصالحها؛ وهذا يعني أن إسرائيل بالعمق لا تخشى من ضغوط إدارة بايدن عليها التي تجري تحت عنوان أن صبرها على استمرار نتنياهو بالحرب ضد غزة قد نفد أو بدأ ينفد، ومن جهة أخرى فإن إسرائيل لا تخشى من أن تؤدي إطالة الحرب إلى تداعيات إستراتيجية من نوع أن تستدرج تدخل طرف ثالث ورابع فيها، أو أن تتحول المعارضة الدولية لحرب غزة من معارضة كلامية إلى معارضة لفظية].

.. وعليه يمكن الاستنتاج من كلام زيف، أن أحد أهم المفاتيح التي تشكل بالنسبة لإسرائيل عاملاً استراتيجياً يساعدها على كسب حرب غزة، هو وقوف “جنرال الوقت” إلى جانبها، ما يؤمن لها ميزة إستراتيجية غاية في الاهمية، مفادها أن الجيش الإسرائيلي يستطيع أن يعمل في غزة وهو متحرر من ضغط الوقت عليه. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه بحسب العادة فإن “جنرال الوقت” لديه مرجعيتان: الأولى هي إدارة بايدن التي تستطيع وحدها أن تقول لتل أبيب كفى، أو يجب أن تنتهي العمليات العسكرية في تاريخ محدد. ولكن نظرية زيف تؤكد بشكل غير مباشر أن “جنرال الوقت” الأميركي ليس فقط لا يريد الضغط على إسرائيل بل يؤمن ظهرها للاستمرار في الحرب حتى الوقت الذي تريده.. أما المرجعية الثانية التي يتأثر بها “جنرال الوقت” فهي الرأي العام الدولي؛ ولكن زيف يقول بما معناه، أن إسرائيل لا تخشاه؛ وأن قوة إسرائيل تجاه الرأي العام الدولي تكمن في أن الجبروت الأميركي إلى جانبها. والنقطة الثالثة التي تجعل إسرائيل لا تخشى “جنرال الوقت” بحسب مضمون كلام زيف، تتعلق بأن تل أبيب تثق بأنه لا يوجد أية جهة أو دولة مؤثرة فعلياً في المنطقة تريد الإشتراك الشامل بحرب غزة لا على المستوى العسكري ولا على المستوى الاقتصادي.

يقول زيف: “منذ شهرين لم تعد إسرائيل تخوض ‘حرباً’ في غزة بل عملية عسكرية رئيسية أو أساسية، وبحسب تحديد الجيش الإسرائيلي فإنها لا تصل إلى حجم حرب”.

[إذن زيف يقول أن الجيش الإسرائيلي انتقل من تنفيذ عمليات عسكرية على مستوى حرب إلى عمليات أقل من حرب رغم شدتها. ويثير كلام زيف هذا أفقاً مقلقاً؛ ذلك أن إسرائيل سيكون بإمكانها ممارسة عمليات عسكرية تحت سقف مستوى الحرب، لوقت أطول في غزة].  

يقول زيف: حماس غيرت استراتيجيتها؛ فقد انتقلت من “حرب المقاومة العسكرية” إلى “حرب العصابات” التي تكبد الجيش الإسرائيلي ثمناً باهضاً. ويساعد حماس في تنفيذ استراتيجيتها هذه أن الجيش الإسرائيلي لم يتم بناؤه على أساس احتفاظه بعدد كبير من الجنود والسيطرة على كل مكان في غزة. فالجيش يدخل ويخرج من غزة وينتظر قتالاً مختلفاً مع حماس بفعل أنها انتقلت من حرب المقاومة العسكرية لحرب الأنصار؛ أي نصب كمائن وأفخاخ، الخ.. يقول زيف هذا الأسلوب يخلف خسائر لدى إسرائيل وهو نوع من “اللبننة”.

[تشي تقدير زيف للموقف بأن حماس بدأت تستعير أسلوب المقاومة في لبنان قبل العام ٢٠٠٠ ‘اللبننة’، كما تؤشر إلى حماس تملك قدرة التكيف مع إطالة أمد الحرب عن طريق جاهزيتها لتغيير استراتيجية قتالها حسب موجبات الزمان والمكان والظروف]. 

الحل الاستراتيجي من وجهة نظر زيف يتمثل بعدة وصايا لإسرائيل، يقول جوهرها التالي: الربح الاستراتيجي يمكن لإسرائيل أن تحققه فيما لو سارت مع الاقتراح الأميركي؛ وفيما لو وافقت على مقترح استبدال حماس بفتح في غزة؛ وفيما لو عرفت كيف تحافظ على سيطرتها المدنية والإنسانية داخل القطاع.

Exit mobile version