الهديل

خاص الهديل: هل يتحول “فخامة الرئيس اللبناني المسيحي الأول” إلى “أول نازح مسيحيي من المشرق”!!

 

خاص الهديل:

 

بقلم: ناصر شرارة

يوجد رأي بات له أنصار كثيرون ومفاده أن مجرد القيام بحراك على مستوى الخماسية حتى من دون توقع نتائج، هو أمر مطلوب، بل وحتى هو أمر ضروري. برأي هؤلاء الذين باتوا كثيرين داخل لبنان وخارجه؛ فإن “حركة الخماسية فيها بركة” نشر الانطباع بأن أزمة الشغور الرئاسي في لبنان ينظر إليها عالمياً وداخلياً على أنها أزمة مطلوب إيجاد حل سريع لها، ولا يمكن التعاطي معها على أنها وضع عادي؛ أو أنها أزمة غير مهمة ويمكن لحلها أن ينتظر طويلاً.

 

والواقع أن عائدين حديثاً من دول لها اهتمام تاريخي بلبنان، نقلوا معهم من هناك وجهات نظر مطروحة خارجياً حول أزمة الشغور الرئاسي في لبنان؛ وتمتاز وجهات النظر هذه بأنها توضح أن فراغ موقع الرئاسة الأولى هو أحد أخطر الأزمات التي يواجهها بلد الأرز!!

 

لماذا؟؟:

 

أولاً- لأن وضع الرئاسة الأولى في لبنان يتم النظر إليه كعلامة استراتيجية لقياس صحة كل الوجود المسيحي ليس فقط في لبنان، بل في كل المشرق..

 

.. صحيح أن الرئاسة الأولى تخص كل اللبنانيين وكل طوائفهم؛ ولكن الأصح أن هذه الرئاسة هي الموقع الرئاسي الوحيد الذي يملكه مسيحيو المنطقة؛ وعليه فإن شغوره يعني أقله أن حال المسيحيين المشرفيين ليس بخير، وأن استمرار شغوره يعني أن مستقبل مسيحيي المشرق إلى أفول..

 

والواقع أن هذا الربط الوثيق القائم في الخارج بين “صحة الرئاسة الأولى” و”صحة مسيحيي المشرق”، هو الذي جعل الفاتيكان حسب معلومات مسربة من روما، يظهر غضبه من أداء مسيحيي لبنان العاجز عن حل أزمة الشغور الرئاسي في لبنان.

 

ثانياً- إن ربط حل الشغور الرئاسي بحل أزمات محكوم عليها بعدم الحل في المنطقة، كأزمة غزة واستداركاً كأزمة فلسطين، هو ربط يجعل من عودة فخامة الرئيس اللبناني المسيحي الوحيد في المنطقة، إلى قصر بعبدا، بمثابة أمر له نفس تعقيدات عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم في يافا وحيفا والقدس، الخ.. ويشبه من حيث صعوبته عودة نازحيي غزة من جنوب القطاع إلى شماله!!

 

ثالثاً- في زمن الترانسفير وفرض الهجرات القسرية على الجماعات والطوائف، ابتداء مما حصل قبل أشهر في قرباخ في القوقاز وصولاً لما يحصل الآن في غزة، صار يمكن النظر إلى شغور موقع فخامة الرئيس اللبناني المسيحي على أنه جزء من حالة النزوح التي تسود المنطقة في هذه المرحلة.. فقصر بعبدا الخاوي من رئيسه اللبناني المسيحي، يمكن وضعه بالنظر لظروف المنطقة، تحت خانة: نازح لأسباب سياسية، وذلك جنباً إلى جنب مع نازحين جرى إدراجهم تحت خانة أنهم نازحون “لأسباب أمنية” أو “لغايات استراتيجية بعيدة المدى”..

قصارى القول أن ملف الشغور الرئاسي في لبنان لا يمكن حصره فقط بدلالاته الداخلية التي بينها عجز أحزاب الطوائف عن إعادة إنتاج السلطة، إضافة للعنة أنانية أقطاب الموارنة، بل هو مرتبط بوقائع التغيرات في المنطقة، أو بمعنى أدق تجذبه أحداث المنطقة الكبرى والتغيرات البنيوية التي شهدتها ولا تزال تشهدها، ليدور في فضاءاتها.

Exit mobile version