الهديل

د. حمد الكواري: حقاً غرب بلا ذاكرة! وغرب ضدّ التسامح!

‏د. حمد الكواري:
حقاً غرب بلا ذاكرة! وغرب ضدّ التسامح!

 

“كراهية مجموعة ما تؤجج كراهية مجموعة أخرى. والكراهية تجعل الكراهية أمراً طبيعياً. وتدمر نسيج مجتمعاتنا. وتقوض المساواة والتفاهم واحترام حقوق الإنسان التي يعتمد عليها مستقبل وعالم مسالمان”.
الأمين العام أنطونيو غوتيراش

 

تمثّل ‎الأمم المتحدة وبالذات الجمعية العامة في قراراتها ضمير العالم، وشكلت منذ تأسيسها انعطافة في تاريخ البشرية من أجل تحقيق السلام إلاّ أنّ مجلس الأمن، وفي كثير من القضايا والحالات، من خلال ‎الفيتو شكّل عدواً لهذا الضمير، إذ أصبح معرقلاً لقرارات الجمعية العامة، دون أيّ اكتراث لجراح المعذبين في الأرض، ودون استجابة لمتطلبات العدل.
ويأتي تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ ثلاثة أيام بأغلبية كبيرة (155) بنعم على قرار “تدابير مكافحة كراهية ‎الإسلام ‎الاسلاموفوبيا” كخطوة لتكريس نهج الجمعية العامة وتعبير لضمير العالم، حيث يدين القرار أي دعوة إلى الكراهية الدينية والتحريض على التمييز أو العداوة أو العنف ضد المسلمين.
إن نتيجة التصويت أكدت من جديد ذلك الاختلال الفظيع في ضمير بعض الدول الغربية التي امتنعت عن التصويت على قرار يفضح “عنصريتها” وموقفها المعادي للإسلام والمسلمين.
كيف لهذه الدول “الممتنعة” أن تتشدّق بالقيم الإنسانية المثلى في حين أنها ما انفكت تنادي بها كشعارات برّاقة لخدمة مصالحها.

إن هذا القرار إنساني يرفض الكراهية والتمييز والعنف، وهو ما يدعو له الأوروبيون إلا عندما يتعلق الأمر بالإسلام، ذلك الدين الذي يدعو إلى التسامح واحترام الأديان، ويمثل حضارة عريقة أنقذت الغرب من الظلام في القرون الوسطى، وهو ديانة يدين بها بليونين من البشر.
ألا يذكر الغرب الذي ما تلقفه من علم المسلمين في القرون الوسطى لينطلق في إنجاز نهضته؟ حقاً غرب بلا ذاكرة! وغرب ضدّ التسامح!
لذلك فإنّ الموقف الشجاع للأمين العام للأمم المتحدة الذي أشاد بالقرار وقال: إنه يسلط الضوء على الوباء الخبيث (الإسلاموفوبيا) التي تمثل إنكاراً وجهلاً كاملين للإسلام والمسلمين ومساهماتهم التي لا يمكن إنكارها، هو موقف مشرّف للمنظمة أوّلاً وللإنسانية ثانياً، وهو موقف مؤيّد لأنصار التسامح والتنوّع الديني في العالم كما هو موقف منصفٌ لسماحة الدين الإسلامي في جوهره وتاريخه.

 

دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية

 

Exit mobile version