الهديل

خاص الهديل: لماذا هرب الوسيط الأميركي من المشاركة بجولة تفاوض الدوحة بين حماس وإسرائيل؟؟

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

داخل أحد فنادق الدوحة، يوجد طابق كبير مجهول العنوان، نزل به يوم أمس وفد المفاوضات من أجل إبرام صفقة هدنة تبادل الأسرى. وداخل أحد طوابقه، يوجد ممر طويل، يقيم عند أقصى أحد طرفيه وفد حماس، وعند أقصى الطرف الآخر يقيم الوفد الإسرائيلي.. وعلى طريق هذا الممر ذهاباً وإياباً؛ يمارس الوسطاء المصريون والقطريون رياضة نقل الرسائل والأفكار والمواقف بين الوفدين.

وفي هذه الجولة لم يشارك الوسيط الأميركي مع فريقي الوساطة المصرية والقطرية؛ وأيضاً لم تقدم واشنطن تعليلاً لسبب غياب ممثلها داخل لجنة الوساطة، وتركت هذا الأمر نهباً للتكهنات؛ ويقول البعض أن بايدن الموجود في لحظة انتخابات، تقصّد إخراج واشنطن من صورة التدخل المباشر في هذه الجولة؛ ويعود السبب إلى أنه يريد تجنب إمكانية أن تنتهي جولة التفاوض على صورة تظهر الموفد الأميركي وهو يحمل حقيبته عائداً الى بلده، وإلى جانبه يسير الفشل في تحقيق هدنة رمضان، كظله. 

هناك انطباعان أساسيان عالقان في هذه الجولة من المفاوضات: 

أولها أن الوفدين الإسرائيلي والحماسي لا يملكان صلاحيات تفاوض واسعة؛ أو أقله يتواجدان تحت سقف تقديم تنازلات منخفض؛ فنتنياهو زود وفده بالتعليمات التالية استمع؛ دوّن ملاحظات؛ ولا تعطي أجوبة قبل العودة إلي.. وقال نتنياهو للوفد ماذا ترفض إسرائيل، ولم يقل له عن ماذا تستطيع إسرائيل التنازل من أجل إبرام الصفقة.

بالمقابل فإن وفد حماس يعرف ماذا يريد يحيى السنوار ولا يعرف ما هي حدود التنازلات التي يقبل بها السنوار..

والمشكلة على هذا الصعيد تتلخص بأن المفاوضين الموجودين في أحد فنادق الدوحة، يحتاجون عند كل تطور إلى الاتصال بالرجلين اللذين يملكان حصراً امتياز اتخاذ القرار بالموافقة أو الرفض. والمقصود هنا نتنياهو الذي يستغرق إتمام الإتصال به من قبل الوفد الإسرائيلي لأخذ مشورته، بعض الوقت؛ ذلك أن نتنياهو لن يقدم إجابته قبل أن يفكر بما يعرض عليه؛ ومجمل وقت إنهاء هذه المشورة يحتاج بالعادة إلى ٢٤ ساعة ما يضطر الوسطاء للبقاء في الممر الفاصل بين شقتي إقامة الوفدين مدة ٢٤ ساعة وهم بحالة عطالة عن العمل.

أما الاتصال بالسنوار، ومجمل عملية إتمام المشورة بينه وبين وفد حماس المفاوض، فهي تحتاج إلى أيام، نظراً لحذر حماس من كون الشاباك يعمد لاستغلال فرصة التفاوض، ليحاول من خلالها معرفة كيف يدير السنوار اتصالاته مع قادة حماس؛ توصلاً لمعرفة أين يوجد السنوار كمقدمة لاغتياله!؟. 

وكخلاصة لكل هذا التعقيد الفني المتصل بأن المتفاوضين ليسوا مخولين بحسم الملفات المطروحة للتفاوض، فإن التوقع هو أن تستمر المفاوضات أيام وربما أسابيع؛ هذا في حال لم يؤد تباعد المواقف بين الطرفين إلى تفجرها سريعاً. 

الفكرة الثانية العالقة بجولة التفاوض الحالية هي على صلة بأن نتنياهو أرسل وفده إلى الدوحة حتى يمتص الحملة الدولية، وبضمنها الأميركية، ضد تعنته، وأيضاً ضد إصراره على استمرار القتال واقتحام رفح.. وعليه فإن كل خطة نتنياهو الخاصة بمقاربته لجولة التفاوض الحالية، تقوم على سعيه لتحقيق هدف أساسي، وهو أن تنتهي هذه الجولة على النتيجة التالية: حماس لم تقدم التنازلات المطلوبة، ولا تريد إطلاق الأسرى؛ وعليه فإن إسرائيل مضطرة للاستمرار في القتال، ولاقتحام رفح.

باختصار يريد نتنياهو الإيحاء بأنه أعطى فرصة للهدنة، وللعمل الإنساني؛ ولكن حماس تعنتت ورفضت الهدنة!!. 

والواقع أن جميع المؤشرات تشي بأن هدنة رمضان لن تتحقق رغم أنها ظهرت في بدايات الأسبوع الماضي، على أنها “مطلب دولي” وعلى أنها “حاجة انتخابية لبايدن”، وبوصفها “حاجة إعلامية” مهمة لإسرائيل كي تستغلها لتحسين صورتها عالمياً!!.

وكل ما تقدم يعني أمراً غاية في الخطورة، وهو أنه في حال فشلت جولة التفاوض الراهنة التي تحظى بكل فرص النجاح المشار إليها أعلاه؛ فإنه سيصبح من الصعب الحديث عن جولة تفاوض جديدة لعدة أشهر مقبلة!!.

Exit mobile version