أقامت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت حفل إفطار برعاية مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان بحضور ممثل رئيس مجلس النواب النائب محمد خواجة وممثل رئيس مجلس الوزراء الوزير فراس الأبيض والوزراء زياد مكاري وعلي خليل وأمين سلام وممثل الرئيس تمام سلام الوزير السابق محمد المشنوق ونواب وسفراء وممثلي رؤساء الطوائف الإسلامية والعديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية والتربوية والعسكرية والإعلامية .
استهل الحفل بشريط فيديو عن إنجازات المقاصد، ثم القى رئيس جمعية المقاصد الدكتور فيصل سنو فقال
: إن افضل ما حققته المقاصد من إنجازات هو إعادة الهيكلة، التي لم تنته بعد. ولكن ما نجحنا به حتى الآن كان أول جزء من نتائجه فائض بعض السيولة وان التطوير من داخل المؤسسة أدى الى ان أزهرت نتيجته الورود المهملة ، وستكمل المسيرة التي أصبحت واضحة. ان وزارة الصحة تعمل ما في وسعها ، ولكن الميزانية لا تقر بسرعة وهذا يعني ان لا عقود، نحن في بلد مفلس دون الإعلان رسمياً. يا إخوان في المقاصد نتعامل مع اكثر من نشاط وكل نشاط له سعر بالدولار. نأمل أن تقر الميزانية لنحسن من التقديمات الاجتماعية.
أضاف: فجميعاً هنا لا نختلف ان ما يحدث في غزة والضفة وكذلك في الجنوب ، ظلماً لا يحتمله البشر إلا المؤمنون بالله وبقضيتهم، قد يختلف السياسيون على طريقة المعالجة ولكنهم جميعاً يجمعون على حق هذا الشعب بوطنه وحقنا في أرضنا .
والقى المفتي دريان كلمة جاء فيها:
أنَّ للمقَاصِدِ رِسَالة ، بَلْ رِسَالات : رِسَالةُ المُحَافَظَةِ عَلى القِيَمِ الدِّينِيَّةِ ، والإسْلامِ المُعْتَدِلِ المُنْفَتِحِ عَلى العَصْرِ ، المُهيَّأِ لمُواكَبَةِ المُتَغيِّرات ، مِنْ خِلالِ ثَوَابِتِهِ الإِيمَانِيَّةِ ، ورِسَالَةِ التَفَاعُلِ الإِيجَابِيِّ بَيْنَ الإيمانِ والعِلم ، بين الإسلامِ والتقدم ، وبين الالتِزَامِ الدِّينِيِّ والرقيِّ الحَضَارِيّ .
نَشَأَتْ عَلى العِلْمِ والتَّعَلُّم ، والدَّعْوَةِ إِلى العلم ، والسعي لعمل الخير ، وَزَرْعِ بُذُورِ العِلْمِ ورِسَالةِ التَّوْحِيدِ والإيمَانِ فِي نُفُوسِ أبْنَائِهَا ، لِتَنْمُو فِيهِم غَرْسَاً صَالِحَاً لأَنْفُسِهِم وَوَطَنِهِم وَأُمَّتِهِم .
أضاف: يُطِلُّ عَلَيْنَا شَهْرُ رَمَضَانَ هَذَا العَام ، وَوَطَنُنَا يُعَانِي أَزَمَاتٍ كَثِيرَة ، مِمَّا يُحتِّمُ عَلَيْنِا تَعْزِيزَ الأُلْفَةِ وَالمَحَبَّة والتَّضَامُن ، وَحَشْدَ كُلِّ الطَّاقَاتِ والجُهُودِ ، والإِرَادَاتِ الطَيِّبَةِ وَمَا أَكْثَرَها ، لِلتَّبَصُّرِ في شُؤونِ البِلادِ والعِبَاد ، لِدَرْءِ مَخَاطِرَ هَذِه الأَزَمَاتِ عَنْ شَعْبِنَا، وَتَحصِينِ وَحْدَتِنَا الوَطَنِيَّةِ مِنَ التَّصَدُّع.
ودَارُ الفَتْوَى في الجُمْهُورِيَّةِ اللبْنَانِيَّةِ، فِي شَهْرِ رَمَضَانَ وَغَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ ، تَعْمَلُ عَلى وَحْدَةِ الصَّفِّ الإِسْلامِيِّ والوَطَنِيِّ ، وتَوْحِيدِ الكَلِمَةِ ، وِلَمِّ الشَّمْلِ ، تَجْمَعُ ولا تُفَرِّق ، وتَزْرَعُ الخَيْرَ ، وتَنْثُرُ ثِمَارَهُ فِي كُلِّ مَكَان ، وَلا تَنْحَازُ إلا لِلقِيَمِ والمَبَادِئِ الإِسْلامِيَّةِ وَالوَطَنِيَّة . ورُغْمَ كُلِّ الصِّعَاب، فإنَّ مُجْتَمَعَنَا لَا يَزَالُ مُستمْسِكَاً بِهَذِهِ المَبَادِئِ ، لأَنَّ المَقَاصِدَ وَالجَمْعِيَّاتِ والمُؤَسَّسَاتِ الخَيْرِيَّةَ فِي كُلِّ لُبْنَان ، لَمْ تَتَخَلَّ عَنْ دَوْرِهَا المُهِمِّ ، فِي أَدَاءِ مَهَامِّهَا التَّعْليمِيَّةِ والتَّرْبَويَّةِ والطُّبِيَّةِ ، لِيَبْقَى مُجْتَمَعُنَا مُتَمَاسِكَاً مُتَآلِفَاً مُتَعَاوِنَاً ، فَهِيَ صمَامُ الأَمَانِ فِيهِ ، والحِصْنُ الحَصِينُ للوَطَنِ ، والرَّكِيزَةُ الدَّاعِمَةُ للدَولَةِ وَمُؤَسَّسَاتِهَا.
إنَّ مَدَّ يَدِ العَوْنِ ، وتَقْدِيمَ المُسَاعَدَةِ لِمَنْ يَحْتَاج ، مِنْ أَسْمَى الأَعْمَالِ الَّتِي حَثَّ عَلَيْهَا الدِّينُ الحَنِيف ، لِمَا لَهَا مِنْ أَجْرٍ عَظِيمٍ عِنْدَ اللهِ تَعَالى ، لِمَنْ يَقُومُ بِهَا مُخْلِصَاً لِوِجْهِهِ الكَرِيم . فَلَيْسَ أَجَلَّ مِنَ العَطَاءِ ، ومُسَاعَدَةِ الغَيْرِ ، تَخْفِيفَاً مِنْ وَطْأَةِ الأَزْمَةِ الاقْتِصَادِيَّةِ والمَالِيَّةِ والمَعِيشِيَّةِ والاسْتِشْفَائِيَّةِ التِي لَمْ يَشْهَدْ لٌبْنَانُ مِثْلَهَا مِنْ قَبْل . فَالدَّوْلَةُ التِي نَطْمَحُ للعَيِشِ والبَقَاءِ فِيهَا هِيَ دَوْلةُ جَمِيعِ اللبْنَانِيِّين ، الدَوْلَةُ التِي هِيَ مَرْجِعُنَا الوَحِيد، وانْتِمَاؤُنَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ إِلَيْهَا وَحْدَهَا دُونَ سِوَاهَا ، كَيْ نَنْعَمَ جَمِيعَاً بالاسْتِقْرَارِ والأَمْنِ والأَمَانِ ، والطُّمَأْنِينَةِ وَرَغَدِ العَيْش .
لَقَدْ آنَ الأَوَانُ لِتَتَضَافَرَ جُهُودُ كُلِّ القُوَى السِّيَاسِيَّةِ في بَلَدِنَا ، وتَسِيرَ في الطَّرِيقِ الذِي يُوصِلُ إلى حُلُول ، ولا طَرِيقَ لِلحُلُولِ المُتَوَازِنَة ، سِوى الحِوَارِ المُقْتَرِنِ بِالعَمَلِ الصَّادِقِ الدَّؤُوب ، ولا نزالُ نُؤمِنُ مَعَ المُخْلِصِينَ بِحَتمِيَّةِ الحِوَارِ بَيْنَ جَمِيعِ مُكَوِّنَاتِ هَذَا الوَطَن ، أَوَّلاً لانْتِخَابِ رئيسٍ لِلجُمْهُورِيَّةِ ، وَلَتحْصِينِ وَحْدَتِنَا الدَّاخِلِيَّة ، لِتَزْدَادَ قوَّةً وَمَنَعَة ، وَلِتَبْقَى مِيثاقِيَّةُ عَيْشِنَا المُشْتَرَكِ عَزِيزَةً مَتِينَةً ، نَقِيَّةً مِنَ الشَّوَائِبِ التي تَعْتَرِيهَا مِنْ حِينٍ إلى آخَر .
إنَّ عَجْزَ القِوَى السِّيَاسِيَّة عَنْ إنْجَازِ الاسْتِحْقَاقِ الرِّئاسِيّ ، رُغمَ كُلِّ الجُهُودِ والمَساعِي المُخْلِصَة ، وَمُسَاعَدَةِ الأَشِقَّاءِ والأصْدِقَاء ، أَمْرٌ مُقلِقٌ وَمُخِيفٌ لِلغَايَة ، فَإِلى مَتَى الانْتِظَارُ والأَخْطَارُ تُدَاهِمُنَا ؟ وإِذَا اسْتمَرَّ وَطَنُنَا بِدُونِ رَئيسٍ، فهذا نَذِيرٌ ببدايةِ تَفَكُّكِ لُبْنَان وفُقْدَانِ كِيَانِه .
لُبْنَانُ أيُّهَا الأَخَوَاتُ والإِخْوَةُ لا يُبْنَى إِلا بِالتَّضَامُنِ وَبِالشَّرَاكَةِ ، وَبِالحِوَارِ والوَحْدَةِ ، وَبِالتَّفَاهُمِ بَينَ أَبْنَائِهِ ، وهَذِهِ هِيَ قُوَّةُ لُبْنَان المُعَرَّض دَائِمَاً لِخَطَرِ تَهْدِيدَاتِ وعُدْوَانِ العَدُوِّ الصُّهْيونِيِّ الإِرْهَابِيِّ المُجْرِم اليَوْمِي عَلى قُرَى وبَلْدَاتِ جَنُوبِنَا اللبْنَانِيِّ الصَّامِد.
إِنَّهُ العَدُوُّ الصُّهْيونِيُّ الغَاصِبُ لأَرْضِ فِلَسْطِين ، والذِي يَشُنَّ حَرْبَ إبادةٍ ضِدَ إِخْوَانِنَا الفِلَسْطِينِيين فِي غَزَّة وسَائِرِ فِلَسْطِين المُحْنَلَّة ، وَيَرْتَكِبُ بِحَقِّهِم المَجَازِرَ الإرْهَابيَّة ، ضَارِبَاً عُرْضَ الحَائِطِ بِكُلِّ التَنْدِيدَاتِ والقَرَارَاتِ التي تُجَرِّمُهُ ، وتَدْعُوهُ إلى وَقْفِ هَذِهِ المَجَازِرِ والإِبَادَةِ عَلى أَرْضِ فِلَسْطِينَ المُغْتَصَبَةِ، التي يُمنَعُ أَهْلُهَا مِنْ حَقِّ الدِّفَاعِ عَنْهَا وَعَنْ أَنْفُسِهِم فِي آن ، إنَّه لَعَملٌ إجْرَامِيٌ إرهابيٌّ بامْتِيَازٍ فَاقَ التَّصَوُّرَ والخَيَال فِي ظِلِّ صَمْتٍ دَوْلِيٍّ مُرِيبٍ.
فِلَسْطِينُ أَرْضُ العَرِبِ والمُسْلِمِين ، تَضُمُّ في رِحَابِها المَسْجِدَ الأَقْصَى ، أُولى القِبْلتَين ، وثَالِثَ الحَرَمَينِ الشَّرِيفَين ، بالإضَافَةِ إلى أَقْدَمِ الكَنَائِسِ فِي الشَّرْق، وفي ثَرَاهَا جَثَامِين أَنْبِيَاء ورُسُل ، وصَحَابَة كِرِام ، الذِينَ حرَّرُوهَا مِنْ مُحْتَلِّيهَا، وفَتَحُوها بِدِمَائِهِمُ الزَّكِيَّة ، فهيَ الأَرْضُ التِي بَارَكَ اللهُ فِيهَا ، وفي مَا حَوْلَها ، لِيُعلِمَ العَرَبَ والمُسْلِمينَ بِوَحْدَةِ المَسَارِ. وتَحْرِيرُ بَيْتِ المَقْدِسِ ومَا حَولَه ، آتٍ آتٍ لا مَحَالة ، وهَذَا لا يَكُونُ إلا بِوَحدَةِ العَرَبِ والمُسْلِمينَ وتَضَامُنِهِم ، وجَمْعِ كَلِمَتِهِم .