خاص الهديل: بيروت “جنرال إعلام الثورة الفلسطينية” من عرفات إلى السنوار..
خاص الهديل:
بقلم: ناصر شرارة
هناك تكتم حول ما يجري في الدوحة بين وفدي حماس وإسرائيل. غير أن استمرار التفاوض يعتبر هو الخبر الوحيد الموثوق به عما يجري هناك؛ ذلك أن عدم انفراط عقدها يعني أن الأمور؛ كل الأمور هي محل أخذ ورد!!!
وخلال الليلتين الماضيتين وردت تسريبات عن حال التفاوض في الدوحة، مصدرها أسامة حمدان القيادي الحماسي الذي يؤدي في هذه المرحلة دور الناطق الرسمي بإسم حماس، عن قنوات التلفزة الإسرائيلية التي تتساقط أخبار الدوحة من خلال مصادر أمنية وسياسية إسرائيلية ذات صلة بهذا الملف: حمدان قال أن الرد الإسرائيلي على مقترح حماس كان سلبياً بشكل عام، وهنا يجب وضع خطين تحت عبارة “بشكل عام”.. واضح أن حمدان انتقى أخف وصف لفظي ليعلق به على الرد الإسرائيلي. كان يمكنه لو أرادت قيادته أن يقول أن الرد الإسرائيلي كان متعنتاً ومرفوضاً، ولا يمكن بوجوده استمرار المفاوضات، الخ.. لكن انتقاء عبارة “بشكل عام”، هي رسالة إلى أن حماس ترى أن ميدان الأخذ الرد والتفاوض لا يزال مفتوحاً أمام تنقيح الردود بين الطرفين وإدخال تعديلات عليها، الخ..
وبشكل عام، فإن إطلالات حمدان المتصلة والتي تعلن موقف حماس الرسمي من كل التطورات في غزة، وتعقيباً على ما يحدث في مجلس الأمن وعلى مواقف العرب والعالم، إنما يظهر أن قيادة حماس لم تفقد التنسيق بين حلقاتها العسكرية الرفيعة المتموضعة في أنفاق غزة وبين أجهزتها السياسية حول العالم..
فتتابع مواقف حماس بلسان أسامة حمدان من كل ما يجري على مستوى حرب غزة، يظهر أن قيادتها الأساسية الممثلة بيحيى السنوار، قررت أن تكون بيروت التي يقيم فيها أسامة حمدان، هي عاصمتها الإعلامية الرسمية.
ولا يبدو مستغرباً أن تنتقي قيادة حماس المتموضعة في أنفاق غزة، بيروت لتعلن منها مواقفها السياسية من التطورات؛ فقبل السنوار كان ياسر عرفات في بدايات ظهوره كقائد لمنظمة “العاصفة” (الذراع العسكري لفتح) المسلحة والمطاردة من كل أجهزة استخبارات الغرب وإسرائيل، قرر أن ينشر بيان العاصفة رقم واحد في بيروت، حيث قام بإيصال هذا البيان بنفسه إلى مكتب الصحفي الأبرز في صحيفة النهار ميشال أبو جودة.
وآنذاك كان عرفات ومجموعته (قيادية الأولى)، يقيمون في سورية؛ ويتدربون في أحد المخيمات الموجودة في دمشق، بينما كانوا ينشرون بياناتهم في بيروت التي اتخذها عرفات حينما كان في حالة حرب وتخفي، عاصمة إعلامية لقيادته المطاردة والمحكوم عليها بالإعدام.
إن بيروت عاصمة إعلام قيادة عرفات منتصف ستينات القرن الماضي؛ تشبه في دورها اليوم بيروت عاصمة إعلام قيادة حماس التي هي في حالة حرب.
ويقول هذا المعنى أنه لا يوجد عاصمة في المنطقة يمكن أن تحمل وتتحمل “اعلام ثورة فلسطين”، بغض النظر عن إسم هذه الثورة وتوجهاتها ومدى صعوبة اللحظة التي تمر بها، إلا بيروت؛ والسبب في ذلك ليس لأن بيروت محمية بسوار من الدبابات والمضادات الجوية؛ بل لأن بيروت تملك إرثاً من الحرية تجعلها مكان ثقة لا يخاف المناضلون أو الفدائيون أن يقولوا رأيهم عبر فضائه..
كان ياسر عرفان يقول “ان لبنان هو شمال فلسطين”؛ ولاشك أن عرفات أظهر ذكاء مبكراً حينما اتخذ من بيروت – دون غيرها من عواصم العرب – خلال بداياته، منبراً إعلامياً لانطلاقته؛ وكان ربما الأفضل له و”لفتح” ولبيروت ان يظل “جنرال الاعلام الفلسطيني” هو الوحيد المتواجد في لبنان، بدل أن يتراجع لاحقاً ليحل مكانه “جنرال الكفاح المسلح الفلسطيني”. وفي هذه الآونة يلاحظ أن “جنرال حماس العسكري” انسحب من جنوب لبنان ليملأ المجال مكانه “جنرال إعلام حماس” المعبر من بيروت عن موقفها السياسي والعسكري، بكل حرية.
وفي حين أن الحال هو كذلك، فإنه يمكن القول مجازاً أنه في وقت لا يمكن لأحد أن يتوقع أين توجد قيادة السنوار داخل غزة؛ فإنه يمكن للجميع أن يرى صوت قيادة السنوار واضحاً وجلياً وعلنياً في بيروت عاصمة كلمة العرب وقضايا العرب في كل الظروف..