الهديل

خاص الهديل: لون سحنة وجهه أصبحت رمادية ويعاني من الرهاب من الآخرين: “الجميع ضد نتنياهو ونتنياهو ضد الجميع

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

صحيفة هأرتس صباح اليوم تنشر مقالة مثيرة عن بنيامين نتنياهو، تقول فيها أنه مريض ومختل ومعادي للديموقراطية، الخ..

جاء في المقالة أن نتنياهو ليس بصحة جيدة، حيث أن جفنه الأيسر متدلي للأسفل، ولون سحنته تميل للون الرمادي، ويده اليمنى مجمدة حتى المفاصل.. وكان قبل أشهر دخل المستشفى على عجل نتيجة خلل أصاب قلبه؛ لكن مكتبه الإعلامي نكر ذلك، وعزا السبب إلى إصابته بحالة جفاف نتيجة الحر!!.

ويلفت المقال كيف أن نتنياهو التقى قبل فترة بمجموعة الجنود الذين نفذوا عملية إطلاق أسيرين من أيدي حماس؛ وقال لهم متفاخراً أنه منذ خمسة أشهر يخوض حرباً ضارية؛ وهذه تعتبر أطول فترة حرب بتاريخ إسرائيل!!.. كاتب المقال يستغرب هذا الكلام والتفاخر به ويقول لنتنياهو: “اسمع !!.. هل أنت مجنون؛ ألا تعلم أن قوة إسرائيل كانت تكمن في نجاحها بخوض الحرب السريعة”.. 

يقول المقال أن نتنياهو يعيش حالياً فكرة أن الجميع ضده؛ الجيش والأجهزة الأمنية والوزراء الذين معه أو حوله، والأعداء بطبيعة الحال، ولكن أيضاً الأصدقاء وحتى الولايات المتحدة الأميركية حليفة إسرائيل!!.

ويضيف المقال أية ديمقراطية تعيشها إسرائيل في ظل نتنياهو الذي يريد أن يمر كل شيء من تحت يديه؛ فهو يرسل وفد تل أبيب للتفاوض في الدوحة من دون صلاحيات ويمنع عقد حوار حول المستقبل السياسي للعملية العسكرية. ومن خارج مقال هأرتس تجدر الإشارة إلى أن وزير الدفاع غالانت ومسؤول الشاباك رفعا صوتهما بوجه نتنياهو أمس، رفضاً منهما لإصرار الأخير على إرسال وفد أصم وأبكم لمفاوضات الدوحة؛ وطالباً بصلاحيات للوفد، ما اضطر نتنياهو للموافقة لحد ما، خاصة بعد أن هدد رئيس الشاباك بعدم المشاركة في المفاوضات من دون صلاحيات.

إن أهمية المقال الذي نشر اليوم في هأرتس لا يكمن في أنه يوجه لنتنياهو نقداً قاسياً؛ ولكن يكمن في توقيته، وذلك لجهة أن نقاط النقد التي طرحها ضد نتنياهو تلاقي وتكمل نقاط النقد التي أثارها كل من بايدن وشومر ضد نتنياهو. 

مقال هأرتس قال ان نتنياهو يضر بالديموقراطية الإسرائيلية وشومر وقبله بايدن قالا أن نتنياهو يضر بأمن إسرائيل على المدى البعيد.. شومر قال أن على الإسرائيليين أن يذهبوا لانتخابات مبكرة من أجل تغيير نتنياهو ومقال هأرتس قال انه يستغرب لماذا تأخر القادة والعقلاء في إسرائيل وفي الجيش وفي الأجهزة الأمنية، عن بدء الانتفاضة على نتنياهو، الخ.. 

حملة هأرتس اليوم على نتنياهو له خلفية خاصة، فهي تشبه بدء حملة قصف استراتيجي من مرابض في أميركا وإسرائيل في وقت واحد وعلى نحو منسق لكيفية توزيع النار لحصار نتنياهو داخل صورة تظهره على أنه شخص مريض وغير مستقر صحياً ولا نفسياً، وهو يعاني من عقدة عصبية تجعله يتخيل أن الجميع ضده وهو في حالة حرب مع الجميع..

واضح أن مخططي الحملة ضد نتنياهو يراعون عدة عوامل: 

العامل الأول تسليط الضوء الناقد على نتنياهو بنفس الأسلوب الذي يتم فيه تسليط الضوء الناقد على بايدن. فالأخير يتم التشهير به من قبل الجمهوريين حلفاء نتنياهو، من خلال إظهار أن صحته البدنية والنفسية غير جيدة، بدليل تعثره خلال سيره، وفقدانه للذاكرة، وبدليل أنه يعاني من حالة إنكار لتردي وضعه الصحي (الخ، ..)، ونتنياهو بالمقابل بدأ يتم التشهير به أيضاً من الزاوية ذاتها عبر القول أنه مريض نفسياً وصحياً ويعاني من حالة عصبية حادة وحالة إنكار لمرضه في قلبه، الخ..

.. إنها “حرب الصورة الشخصية” التي تدخل لأول مرة بهذه الشراسة على حملات التنافس الدعائي الحاد بين مرشحي الحزبين الجمهوري والديموقراطي في أميركا؛ وقد بدأ هذا النوع من الحرب الدعائية تنتقل بدروها إلى الساحة السياسية الإسرائيلية المرشحة لأن تشهد في المدى المنظور معركة انتخابية مبكرة بين حليفي الجمهوري نتنياهو والديموقراطي غانتس!!. ويوضح هذا الأمر أن الانتخابات في كل من أميركا وإسرائيل ستجري في مناخ سياسي ودعائي واحد، وأن نتائجهما سيكون لهما نفس المعنى السياسي. 

العامل الثاني البارز في الحملة على نتنياهو يتمثل في تركيز الضوء على أنه متفرد بالسلطة ولا ديمقراطي، ومحاولة خلق مقاربة بين ظاهرته المتهورة وبين ترامب الذي يتصرف أيضاً على نحو تسلطي وغير ديمقراطي.. وتريد هذه الصورة هنا القول أنه بمثلما أن ترامب يهدد الحياة الديموقراطية في الولايات المتحدة الأميركية؛ فإن نتنياهو يهدد بالتدمير الهوية الديموقراطية لإسرائيل.

خلاصة القول أن مقال هأرتس اليوم بالإضافة لمؤشرات أخرى كثيرة، يظهر أن بايدن قرر أن يطلق حالة من السباق بين الحرب في غزة وبين استثمار حرب غزة في لعبة إسقاط نتنياهو.. وعليه سيكون هناك حاجة خلال الفترة المرئية لمراقبة كيف سينفذ بايدن فكرته المركبة هذه على أرض الواقع؛ وأيضاً كيف سيتصدى نتنياهو لخطة بايدن وحلفائه الهادفة لجعل حرب غزة تتصاحب مع حرب ضده يشنها البيت الأبيض؟؟.

Exit mobile version