الهديل

خاص الهديل: أربعة أسئلة إسرائيلية محرجة: نتنياهو محاصر بين نهايتين!!.

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

أحد كبار كتاب صحيفة معاريف وجه اليوم لبنيامين نتنياهو أربعة أسئلة لافتة ولا شك أن “بيبي” سيواجه حرجاً فيما لو حاول الإجابة عنهم.

السؤال الأول كيف يمكنك النصر على غزة من دون وجود قوات إسرائيلية فيها؟؟.. هنا يشير الكاتب إلى حقيقة أنه لم يعد يوجد اليوم في غزة إلا كتيبتين اثنتين من الجيش الإسرائيلي؛ واحدة في خانيونس والثانية في مستشفى الشفاء ومحيطه.. وبنظر الكاتب فإنه لا يمكن تحقيق “النصر الجلي” الذي يعد به نتنياهو بواسطة كتيبتين فقط!!.

 

السؤال الثاني كيف تعتزم إعادة المخطوفين (أي الأسرى الإسرائيليين) من دون مفاوضات مع حماس؟.

 

والسؤال الثالث كيف تعتزم إعادة مستوطني الشمال من دون حرب مع حزب الله؟.

 

والسؤال الرابع كيف تعتزم ضمان دعم أكبر حليف استراتيجي لإسرائيل (أي الولايات المتحدة الأميركية) من دون علاقة جيدة مع بايدن؟؟.

 

والواقع أن مشكلة نتنياهو في هذه اللحظة لم تعد تقتصر على عدم وجود أجوبة شافية في جعبته على اسئلة معاريف الأربعة؛ بل في أنه لم يعد يملك الكثير من هوامش المناورة السياسية تجاه امرين إثنين استراتيجيين؛ ومعروف في هذا السياق أن نتنياهو يتنفس سياسياً من مخزون قدراته غير العادية على القيام بمناورات سياسية تطيل من عمره السياسي وتشل قدرات خصومه السياسيين؛ فالرجل كما تقدمه سيرته السياسية هو مناور من الطراز الأول ومقامر سياسي محترف لا يتورع عن ممارسة فنون الغش أثناء “اللعب”: 

 

الأمر الاستراتيجي الأول الذي فقد نتنياهو المناورة بشأنه هو أهالي الأسرى؛ فهؤلاء لم يعدوا آلاف من المواطنين الذين لديهم مطالب شخصية وهي عودة أبنائهم من الأسر؛ بل أصبحوا عشرات الآلاف وباتوا يمثلون قضية رأي عام وهم في طريقهم ليصبحوا قوة سياسية انتخابية ضاغطة وكاسرة. 

خلال تظاهرة أمس برزت أول إرهاصات تحول المطالبين بإطلاق الأسرى إلى تظاهرة سياسية ترفع شعار إسقاط نتنياهو لأن ذلك – بنظرهم وجسب قناعتهم الجديدة – هو شرط ضروري لإطلاق الأسرى..

 

.. العنصر الجديد هنا هو أن التظاهرات الداعية لإطلاق الأسرى لم تعد تضم فقط أهالي الأسرى وأقاربهم من الدرجة الثانية والثالثة، الخ.. بل أصبحت تظاهرات تضم إن جاز التعبير “الأقارب السياسيين” لأهالي الأسرى، وهؤلاء يشتركون جميعهم عند “مطلب إسقاط نتنياهو” لأسباب أخرى غير سبب مطلبهم بإطلاق الأسرى.. أضف أن تظاهرة أمس تختلف عن سابقاتها في أمر جوهري وهي أن الشعارات المرفوعة خلالها لا تدعو نتنياهو للعمل من أجل إطلاق الأسرى بل تدعو ايزنكوت وغانتس لإقالة نتنياهو حتي يصبح ممكناً إطلاق الأسرى.. بكلام آخر فإن هذه المظاهرات لم تعد تريد من نتنياهو التفاوض مع حماس لإطلاق الأسرى بل باتت تريد من وزراء داخل الحكومة إقالة نتنياهو حتى يصبح ممكناً التفاوض مع حماس لإطلاق الأسرى.. وعليه فإنه منذ تظاهرة ليلة أمس خسر نتنياهو الجزء الأهم من مناورته بخصوص الأسرى وأصبح ظهره الداخلي عار وهو يتجه إلى الدوحة أو القاهرة لمفاوضة حماس حول أهم ملف في حرب غزة، وهو بماذا يمكن مقايضة الأسرى؛ وبكلام آخر كيف يمكن إطلاق الأسرى من دون دفع ثمن سياسي لحماس؟؟..  

 

والواقع أن أخطر ما يمكن أن يواجهه نتنياهو قد حصل الآن. ومفاده هو أن يصل للحظة يصبح فيه هناك تعبيرات سياسية ضاغطة داخل الساحة الإسرائيلية تشكل – ولو بشكل غير مباشر – امتداداً إسرائيلياً يدعم مطالب ممثل حماس داخل مفاوضات هدنة إطلاق الأسرى..

 

والواقع أن هذا المعنى صار واقعاً، حيث أن نتنياهو عالق حالياً بين تظاهرات سياسية إسرائيلية تطالبه بالاستقالة لأنه لا يفاوض لأسباب شخصية، حماس على إطلاق الأسرى، وبين موقف حماس داخل غرف المفاوضات الذي يشترط عليه عودة سكان غزة إلى شمالها حتى توافق على صفقة تبادل الأسرى. 

وفي هذه الحالة أصبح “بيبي” أمام خيارين إثنين أحلاهما مر: الأول الاستجابة مطلب حماس حتى يفكك الجبهة السياسية الشعبية العريضة (تظاهرات أهالي الأسرى وعائلاتهم السياسية) التي بدأت تتشكل ضده، وتهدد بإسقاطه في الشارع على نحو دراماتيكي؛ والثاني عدم الاستجابة لمطالب حماس حتى لا يتفكك الائتلاف اليميني لحكومته (بن غفير وإخوانه) ويسقط في الكنيست..

وما تقدم يظهر من حيث المبدأ أن نتنياهو لأول مرة يبدو محاصراً بين نهايتين اثنتين لحياته السياسية، وعليه أن يختار الأقل مأساوية عليه!!.. 

الأمر الاستراتيجي الثاني الذي فقد نتنياهو المناورة حياله، يتعلق بتعاظم النظرة السلبية داخل إسرائيل كونه غالى في خلافه مع بايدن.. ففي البداية كان هذا الأمر يعطي نتنياهو قوة داخل الشارع اليميني الإسرائيلي؛ أما الآن فأصبح هناك قناعة داخل إسرائيل بأنه في ظل أن كل دول العالم بدأت تبتعد عن دعم حرب إسرائيل على غزة؛ فإنه صار مطلوباً أن يكون على رأس القرار في إسرائيل شخصية سياسية لها أحسن العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية التي أصبحت وحيدة عالمياً في دعمها لإسرائيل..

Exit mobile version