الهديل

خاص الهديل: معادلة “المجنون الإسرائيلي”: ٧ أكتوبر ضد إسرائيل بمقابل ١ نيسان ضد إيران!!

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

أغلب الظن أن طهران لم تكن تتوقع للحظة واحدة أن تقوم تل أبيب بالإغارة على واحدة من سفاراتها أو مقارها الدبلوماسية؛ أقله لأن طهران تعتقد – وهي محقة بذلك – أنه لا توجد جهة عاقلة ممكن أن تتخذ قراراً بهذا الحجم؛ كون هذا القرار يعني أنها تعلن حالة الحرب المكشوفة على إيران؛ ويعني أيضاً أخذ إيران إلى زاوية جعلها مرغمة على الرد وعلى الخروج للحرب.. غير أن نتنياهو الذي يتحدى كل صباح رئيس أكبر دولة حليفة له (بايدن)، عبر إعلانه أنه لن يستمع لتحذيراته بشأن الهجوم على رفح؛ قام أمس بنفس الوقت بتحدي الأمم المتحدة عبر قصف سيارة لموظفي هيئة دولية إنسانية أجنبية؛ وقام أيضاً بتحدي علني لأكبر دولة يعاديها؛ أي إيران وذلك من خلال قصف قنصليتها في دمشق متخطياً حصانتها السيادية والدبلوماسية!!

وهذه الصورة لما يحدث بين نتنياهو المتمرد على بايدن “ولي نعمة إسرائيل” من جهة، وبين نتنياهو الذي يعلن حالة الحرب على الدولة التي تتجنب واشنطن الحرب معها (طهران) من جهة ثانية؛ تثبت أمراً واحداً، كان سبق لمسؤول المخابرات الفرنسية ريشار إيمييه سبق وقاله لحزب الله حينما زار لبنان خلال الفترة الأولى من اندلاع حرب غزة؛ ومفاده “أنه يجب الحذر لأن الإسرائيلي بعد ٧ أكتوبر دخل حالة جنون؛ وأن أحداً في العالم لا يمكنه إيقافه وتهدئة جنونه!!

ومنطق الأمور يقول أنه إذا كان المجنون الإسرائيلي بات يتصرف وفق مقولة تقول أن ما قبل ٧ أكتوبر لن يكون من وجهة نظر تل أبيب كما كان ما بعد ٧ أكتوبر؛ ولذلك فإن نتنياهو ومعه كل إسرائيل، ما عادا بوارد احترام الخطوط الحمر لا الإقليمية ولا الفلسطينية ولا حتى الإنسانية؛ وما عادا بوارد قبول أن ينصحهما أحد بضبط النفس.. وبنفس المستوى يفترض القول ووفق منطق الأمور ذاته، أن بعد ١ نيسان الذي شهد ضرب القنصلية الايرانية في دمشق، لم يعد كما كان قبل ١ نيسان بالنسبة لإيران التي جرحت في سيادتها وطعنت بهيبتها باغتيال كل الصف الأول تقريباً في قيادة فيلق القدس..

والاسترسال بهذا المعنى يؤدي للقول أن حرب غزة تخرج من نطاقها الإسرائيلي الفلسطيني، لتصبح “حرب الإقليم” التي أمكن تأجيلها لسنوات عديدة، والتي أرسل بايدن أساطيله العسكرية بعد ٧ أكتوبر لردع حصولها..

إن أسوأ التوقعات لدول المنطقة هو أن تشتعل المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وإيران؛ لأن حرباً من هذا النوع ستؤدي إلى إدخال منطقة الشرق الأوسط في محرقة كبرى، يمكن توقع بداياتها ولكن لا يمكن التكهن بنتائجها وإلى أين ستقود..

حتى هذه اللحظة يمكن التكهن بأن كلاً من تل أبيب وطهران ستحاولان التقاط نفس عميق قبل الذهاب للخطوة التالية؛ بمعنى سيتجه الطرفان للقبول بمعادلة تقول أن إيران ضربت بمسيرة من خلال حلفائها ايلات التي هي عمق العصب التجاري الإستراتيجي الإسرائيلي؛ وأيضاً قامت إسرائيل بقصف عمق وعصب النفوذ الايراني خارج أراضيها ولكن داخل سيادتها؛ أي في قنصلية إيران في دمشق حيث مقر اجتماعات قادة فيلق القدس؛ بمعنى: “خرق سيادة إسرائيل في ايلات يقابله خرق سيادة إيران في مناطق نفوذها”؛ وربما تذهب المعادلة لتطرح مقاربة أبعد من نوع ٧ أكتوبر ضد إسرائيل مقابل ١ نيسان ضد إيران!!.. 

وفي حال اعتمد هذا النوع من التفسيرات كحل أو كمخرج لأزمة التصعيد الراهنة، سيصبح ممكناً توقع العودة الى تنظيم قواعد الاشتباك الإيراني الإسرائيلي في المنطقة.. 

أما في حال حدث العكس، أي أن إيران قررت الخروج من نطاق “الصبر الاستراتيجي” التي لا تخفي انتهاجه داخل حرب غزة، مع إسرائيل؛ وبالمقابل قرر نتنياهو المضي بعيداً ضد إيران في “استراتيجية الجنون الإسرائيلي”؛ فإن هذا من شأنه أن يقود إلى واحد من احتمالين إثنين: إما التسريع في مسار انزلاق الجبهة الشمالية لحالة حرب تشمل لبنان وسورية والعراق؛ وحينها لن تكون الأساطيل الأميركية خارجها.. وإما رفع وتيرة الضربات الأمنية الاستراتيحية بين الطرفين ما يجعل المنطقة في حالة فوضى أمنية مستطيرة..

Exit mobile version