التسول .. بيئة مسمومة تنهش في مجتمعنا
انها السادسة صباحا ،سيارات تأتي من مناطق مختلفة من اطراف العاصمة وتنشر قوافل المتسولين و المتسولات من كل الأجناس والأعمار.
فليس من الصعب أن تجد متسولين يقفون عند تقاطع الطرقات واشارات السير وفي الساحات العامة وأمام أماكن العبادة و المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية .
قد يظن الكثيرون أن هؤلاء هم مجموعة من المتسولين ينهشهم الفقر. فيخرجون مجبرين الى الشوارع لإيجاد قوت يومهم على طريقة ” من مال الله ” . لا يا سادة انهم مجموعة او مجموعات من مكتومي القيد وحاملي الجنسية السورية . والذين لا يتصرفون على هواهم بل لديهم “المعلم الكبير ” او المشغل الذي يحدد أماكن انتشار المتسولين و المتسولات و المتخصص بخلق عاهات مصطنعة من أجل استضعاف المارة والحصول على الأموال منهم .
ولم تنجح محاولات الجمعيات لتأهيل المتسولين من أجل أن يتعلموا مهنة ما فهم يمكثون في الجمعية عدة ايام ثم يعودون الى الشارع .لان التسول بالنسبة لهم مردوده اكبر . وهناك أطفال متسولين تحولوا الى مدمنين وهم لم يتجاوزوا الخامسة عشرة من العمر يستوقفون المارة بالقول أن والدتهم مريضة ومرمية على باب المستشفى .
والاباء الذين يرسلون أبنائهم وزوجاتهم للتسول يرفضون الكثير من العروض من الجمعيات التي يمكن ان تتكفل بإعادة تاهيلهم او تعليمهم مهنة ما لان التسول هي المهنة الفضلى التي يجني من وراها الأرباح ويستطيع فرض سيطرته على افراد العائلة وعقاب من يتمرد على المشغل او المعلم الكبير يكون أقسى بكثير من عقاب الدولة ،لذلك لا يخشى المتسولون من الوقوع في قبضة رجال الأمن اكثر مما يغشون من غضب من يشغلهم حيث تتعرض المرأة والطفل للضرب و التعذيب من قبل من يشغلهما ..
والتسول يعتبر بالنسبة لبعض العائلات والبيئة التي نشؤوا فيها وهي ثقافة تربوا عليها من خلال تلك العادات السيئة التي تصبح فيما بعد متوارثة ومهنة قائمة بحد ذاتها شأنها شأن اي مهنة أخرى تتخذ كوسيلة للعيش .