الهديل

خاص الهديل: البيت الأبيض يبدأ بإعداد “طبخة” التغييرات السياسية داخل البيتين الإسرائيلي والفلسطيني!!.

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

خلال الأسبوعين المقبلين يصل إلى الولايات المتحدة وفدان في زيارتين لافتتين؛ الأولى يقوم بها رئيس الحكومة الفلسطينية الجديد محمد مصطفى وبرفقته حسين الشيخ؛ والثانية يقوم بها زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد. 

لوجستياً ليس هناك صلة بين الزيارتين، حيث أنه لكل واحدة منهما جدول أعمال منفصل عن الأخرى. لابيد سوف يلتقي وزير الخارجية الأميركي انتوني بلنكن، وسيخوض نقاشاً مع زعيم الأغلبية الديموقراطية شومر، وسيلتقي أيضاً بأعضاء الكونغرس من الحزبين الديموقراطي والجمهوري.

أما محمد مصطفى وحسين الشيخ فسيلتقيان في واشنطن بوزير الخارجية بلينكن وبمسؤولين أميركيين آخرين.

والواقع أن الفرق والتجانس بين زيارة لابيد ومصطفى – الشيخ، يقع في النقاط التالية:

أولاً – لابيد سيكون موضوعه الأول في أميركا هو ما يمكن تسميته بكيفية معالجة “أزمة نتنياهو”، وكيف يمكن تجاوزها من خلال التنسيق بين المعارضات الإسرائيلية وإدارة بايدن والحزب الديموقراطي الأميركي. 

ويمكن تلخيص أزمة نتنياهو حسب توصيفها من قبل معارضيه في أميركا وإسرائيل، بأنها تتمثل ليس بإصراره – أي نتنياهو – على القضاء على حماس، بل بكيفية تنفيذ هذا القرار من دون أن يؤدي ذلك إلى مقتل كل الأسرى الإسرائيليين والأميركان، وإلى تعاظم النقد الدولي لسياسات جرائم إسرائيل والتغطية الأميركية لها.. باختصار جوهر موقف معارضي نتنياهو في إسرائيل وأميركا، لخصه وزير الدفاع الأميركي أوستن حينما قال لنتنياهو موضحاً له أخطاء سياساته تجاه حرب غزة: ما تقوم به قد يحقق أرباحاً تكتيكية ولكنه سيؤدي لخسارة استراتيجية..

.. وعليه فإن زيارة لابيد لواشنطن ولقاءاته المختلفة هناك ستركز على أمر هام، وهو كيفية تصحيح مسار نتنياهو، بحيث يتم التركيز على تحقيق الربح الاستراتيجي لإسرائيل في حرب غزة، والخروج من متاهة نتنياهو الممعنة في الركض وراء الأرباح التكتيكية التي هي في محصلتها تضر بأمن إسرائيل المستدام من ناحية، وبصورة ومكانة أميركا العالمية من ناحية ثانية، وبمصالح الحزب الديموقراطي في معركة الرئاسة الانتخابية من ناحية ثالثة. 

ثانياً- زيارة لابيد من حيث الشكل تبدو أنها تتمة لزيارة غانتس التي كان قام بها لأميركا مؤخراً، ولكنها من جوانب أخرى هي ليست استكمالاً لها؛ كون الزيارتان تلتقيان عند نقطة أن كل واحدة منهما تدعم الهدف الاستراتيجي ذاته، وهو دعم رؤية بايدن المستاءة من نتنياهو، ورؤية الحزب الديموقراطي الأميركي الراغبة في تغيير الحكومة الإسرائيلية والتخلص من عهد نتنياهو الذي يضمر عدم ود لإدارة بايدن، وانسجاماً مع ترامب؛ ولكن إلى جانب ذلك، فإن كلاً من غانتس ولابيد لديهما إلى جانب معركتهما إلى جانب بايدن ضد نتنياهو، معركة أخرى قوامها التنافس الناشب بينهما على موضوع أي منهما سيختاره البيت الأبيض ليكون زعيم المعارضة الإسرائيلية ضد نتنياهو؟؟.

ثالثاً- رغم أن لابيد رسمياً هو زعيم المعارضة لنتنياهو ولليمين، إلا أن غانتس هو أيضاً زعيم المعارضة بحسب نتائج الاستطلاعات الانتخابية. 

وهناك من المراقبين من يفترض أن الزيارتين المتتاليتين إلى أميركا، السابقة لغانتس والحالية للابيد، ستسفران عن ترتيب بيت المعارضة الإسرائيلية بحيث يخوض لابيد وغانتس الانتخابات العامة في إسرائيل موحدين، وذلك وفق صيغة التناوب بينهما على شغل رئاسة الحكومة في حال فوز معسكرهما على معسكر نتنياهو. 

والواقع أن هذه الفكرة سيتم استنباطها ليس فقط لكونها تؤدي لحل خلاف تنافس لابيد وغانتس على موقع زعامة المعارضة؛ بل لكون هناك انطباع في البيت الأبيض بأن المعركة ضد نتنياهو في إسرائيل لا يمكن خوضها بالاعتماد على زعيم واحد بل لا بد من حشد أكثر من زعيم في المعارضة، ليكون ممكناً خوض مواجهة مجدية ضد نتنياهو الممسك بناصية التوازنات السياسية الإسرائيلية.. وعليه فإن الفكرة داخل إدارة بايدن تركز على حل الخلافات القائمة بين الشخصيات التي تمثل رموز المعارضات ضد نتنياهو في إسرائيل، وذلك لبناء جدار متين بوجهه. والواقع أنه من أجل تنفيذ هذه الاستراتيجية، سيتحتم على إدارة بايدن أن تصنع وسادة قادرة أن تجمع فوقها ثلاثة رؤوس: لابيد، غانتس وجدعون ساعر..

رابعاً- .. وبالتوازي فإن إدارة بايدن تستعجل أيضاً إنجاز وضع داخل السلطة الوطنية الفلسطينية يساعد على تقديمه كورقة لصالح معارضة لابيد – غانتس – ساعر ضد منطق نتنياهو الذي يقول ان السلطة الفلسطينية غير مؤهلة لأن يتم نقل الأمور اليها في اليوم التالي في غزة..

وما تريده إدارة بايدن هنا هو التالي: 

إنتاج حكومة فلسطينية جديدة يلقى عليها مهمة اليوم التالي في غزة؛ على شرط ان يتوفر في هذه الحكومة شرطان إثنان: الأول أن تكون نسخة اصلاحية عن السلطة الفلسطينية؛ والثاني أن تكون هذه الحكومة مدعومة من توازنات الأجنحة داخل سلطة رام الله. ورغبة واشنطن بتحقيق هذين الشرطين في الحكومة الفلسطينية الجديدة هو الذي دفعها لأن تستقبل محمد مصطفى ومعه الشيخ؛ حيث أن الأول يمثل الإصلاح داخل السلطة والثاني يمثل توازنات أجنحة السلطة.

Exit mobile version