الهديل

خاص الهديل: الشرق الأوسط يواجه خطر أن يتكرر فيه مشهد الحرب الأوكرانية في أوروبا!!

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

تجري على مستوى العالم عملية إحصاء للخسائر والمرابح الاستراتيجية التي أسفرت عنها ليلة القصف الصاروخي الإيراني على إسرائيل. من جانبها إدارة بايدن تعتقد أنها قدمت لإسرائيل ثمناً سياسياً مقابل الطلب منها عدم الرد على الهجوم الإيراني عليها.

.. وتمثل هذا الثمن السياسي بعنصرين: الأول عسكري استراتيجي قوامه أنه جرى لأول مرة ليلة ١٣-١٤ نيسان اختبار فعلي لمنظومة الدفاع الجوي الإقليمية التي ناقشت تل أبيب وواشنطن إقامتها قبل عامين. الثاني سياسي استراتيجي؛ قوامه صياغة رد دبلوماسي دولي ضد هجوم إيران يؤدي إلى إحياء فكرة عزل طهران دولياً وإقليمياً.

وبهذا المعنى فإن بايدن يقول لتل أبيب أنه ليس من دون خطة بخصوص مواجهة نتائج الهجوم الإيراني على إسرائيل؛ ويقول بنفس الوقت لطهران أنه ليس من دون أدوات ضغط على إسرائيل لكبح رغبة نتنياهو بأن يفتح باب المواجهة العسكرية أكثر مع إيران..

في أروقة الإدارة الأميركية يرون أن مقاربة بايدن هذه تجاه إيران وتجاه إسرائيل، تندرج ضمن تطبيقات ممارسة “استراتيجية الاعتماد المتبادل” الأميركية التي تنظم سياسة إدارة بايدن العالمية.

جاك سوليفان مسؤول الأمن القومي الاميركي كان في وقت سابق، فصّل تطبيقات “استراتيجية الاعتماد المتبادل”على إيران، حينما قال أن الولايات المتحدة الأميركية تواجه الصين بوصفه طرفاً يسعى لأن يكون منافساً جدياً لأميركا؛ وتواجه روسيا التي تسعى للعودة لممارسة دور الإتحاد السوفياتي على المستوى الدولي؛ وتواجه إيران التي تعمل لهز مكانة أميركا في الشرق الأوسط. وما تفعله أميركا هي أنها تصارع هذه القوى وبنفس الوقت تتعاون معها لحل أزمات معينة في العالم تتسم بأنها حادة. ويقول سوليفان أنه هذه أول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية التي يتم فيها من قبل واشنطن انتهاج سياسة الصراع وسياسة التعاون في نفس الوقت..

والواقع أنه خلال أزمة ضرب قنصلية إيران في دمشق في ١ نيسان، ورد طهران على إسرائيل أول من أمس؛ ظهر واضحاً لمراقبين أن بايدن يطبق مبادئ استراتيجية التعاون المتبادل على هذه الأزمة؛ فهو تعاون مع إيران على احتواء ردها، وعاقبها دبلوماسياً عليه بعد تنفيذه؛ وأيضاً تعاون مع نتنياهو على التصدي للرد الإيراني، ومنعه من تصعيد رده على الرد الإيراني.

.. بايدن وفق تطبيقات “استراتيجية الاعتماد المتبادل” التي تمليها متغيرات عالمية؛ ينفذ “سياسة التعاون والصراع” مع إيران في وقت واحد؛ وأيضاً يمارس نفس السياسة – وإن وفق اعتبارات أخرى – مع “خصمه الحليف” نتنياهو..

إن الصراع أو إدارة الصراع حسبما جرى بين ١ نيسان وبين ليلة ١٢ و١٣ نيسان؛ تظهر أن المنطقة بدأت تتفاعل أحداثها في مرجان تداعيات حرب غزة التي بات واضحاً أنها ستفرز سؤالاً أكثر خطورة من السؤال الذي ظل يتوقعه العالم منذ ٧ أكتوبر الماضي وهو ماذا عن اليوم التالي بعد توقف النار في غزة (؟؟)؛ ومفاد السؤال المتوقع الجديد هو ماذا عن الحرب الإقليمية بعد اليوم التالي في حرب غزة؟؟.

السؤال المطروح اليوم من العالم على واشنطن هو هل تكفي آلية استراتيجية الاعتماد المتبادل في ضبط الصراع الإقليمي ومنعه من التفلت إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط، تكون عملياً أو تتحول عملياً إلى استكمال لحرب أوكرانيا في أوروبا؟!.. واستدراكاً فإنه إذا كانت استراتيجية الاعتماد المتبادل أخفقت في احتواء روسيا في أوروبا وأخفقت في لجم حرب أوكرانيا، فما هي الضمانات بأنها لن تخفق في احتواء إيران في الشرق الأوسط، وأنها ستنجح في احتواء نتنياهو خاصة وأن الأخير لا يبدي نفس التعاون مع إدارة بايدن الذي يبديه زيلينسكي؟؟

إن أكثر ما يقلق إدارة بايدن هو أن العالم يشهد حروباً تشتعل خارج الميدان الذي تريد واشنطن رؤيته مشتعلاً؛ وهو ميدان الشرق الأقصى حيث توجد الصين.. ويسود مناخ عدم الحرب في تلك المنطقة، وذلك في ظل معادلة تقول أن هذا النوع الجديد من الحروب الدائر حالياً، سينتصر به طرف واحد، وهو غير المشارك فيه!!. وفي خضم أن نتنياهو يجر قدم إيران للمشاركة مباشرة بحرب تداعيات طوفان الأقصى، وفيما الرد الإسرائيلي على الرد الإيراني يجعل قدم أميركا تنزلق للمشاركة مباشرة بالحرب؛ فإن أميركا تصبح حينها معنية ليس بعدم توسع الحرب، بل بجذب الصين إليها، حتى لا تعود بكين هي المنتصرة الوحيدة في الحروب الأوكرانية الشرق أوسطية، وذلك من خلال عدم مشاركتها المباشرة فيها.

Exit mobile version