الهديل

خاص الهديل: عملية عرب العرامشة: “بلاغ حزب الله العسكري الاستراتيجي رقم واحد” حول دخوله المعركة الإقليمية الإيرانية الإسرائيلية

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

عملية حزب الله أمس ضد المقر العسكري الإسرائيلي في موقع عرب العرامشة في الجليل الغربي، هي مرحلة جديدة في مشهد المواجهات الجارية على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة.

وتقع أهمية المعنى السياسي والعسكري للعملية في ثلاثة جوانب:

الجانب الأول يتمثل في توقيتها الذي يأتي بعد قيام إيران لأول مرة بالرد من أراضيها على اعتداء إسرائيلي استهدف قنصليتها في دمشق. فمبادرة حزب الله في ظل تفاعل أصداء الهجوم الإيراني على إسرائيل، بتنفيذ عملية نوعية وغير مسبوقة منذ بدء المواجهات بينه وبين الجيش الإسرائيلي، تتضمن رسالة واضحة لتل أبيب مفادها أن جبهة الشمال ليست خارج معادلة أية حرب تنشب بين إيران واسرائيل..

.. بمعنى أدق تعتبر عملية عرب العرامشة رسالة مباشرة موجهة لأعضاء كابينت الحرب الإسرائيلي المنكبين في هذا الوقت على دراسة الرد الإسرائيلي العسكري على الهجوم الإيراني. وتقول رسالة حزب الله أمرين إثنين أساسيين: الأول يجب على الكابينت أن يحتسب جيداً حجم الخسائر التي ستنتج عن التصعيد العسكري مع إيران. الأمر الثاني يجب التوقف جيداً عند عامل اتساع مساحة ميدان المعركة مع إيران..

الجانب الثاني له صلة بتسليط الضوء على سؤال أثار جدلاً بعد حصول الهجوم الإيراني على إسرائيل ومفاده عن الفعالية العسكرية لهذا الهجوم.. وتحديداً فعالية هجوم المسيرات والصواريخ؛ وهل فعلاً سبب قلقاً عسكرياً لإسرائيل أم أنه فقط سبب لها قلقاً جيوسياسياً؟؟.

والواقع أن وصول مسيرة حزب الله إلى هدفها في موقع عرب العرامشة، ونجاحها بتضليل القبة الحديدية ووسائل الدفاع الجوي الأخرى، هو بالتحديد مضمون الإجابة الإيرانية التي أرادت طهران من خلال حزب الله تقديمها للعالم رداً عن سؤاله حول الجدوى العسكرية لهجوم المسيرات الإيرانية ليلة السبت الأحد الماضية على إسرائيل.

وبانتظار أن ينشر الجيش الإسرائيلي معلومات “تثبت العكس(!!)”، عن ظروف نجاح مسيرة الحزب بالوصول إلى هدفها داخل مقر عرب العرامشة العسكري الواقع في منطقة محمية بكثافة بالرادرات وبوسائل الدفاعات الجوية الإسرائيلية، فإن الانطباع الذي سيظل سائداً هو أن إيران لديها قدرات عالية تمكنها حينما تريد من اختراق المنظومة الدفاعية الجوية الإقليمية التي تم تفعيلها بقرار أميركي ليلة السبت الأحد الماضية، بهدف حماية إسرائيل من الهجوم الإيراني..

الجانب الثالث العسكري والسياسي لعملية الحزب في موقع عرب العرامشة يتمثل بأنه انتقل بالمواجهات على الجبهة الشمالية – حسب المصطلح الإسرائيلي لتقسيم الجبهات – من مرحلة الدفاع من قبل الحزب إلى مرحلة الهجوم. ويبدو أن الحزب في المرحلة الجديدة صار له أهداف داخل هذه المواجهات أبعد من حرب غزة؛ وتطال الحرب الإقليمية التي قد تنتج عن حرب غزة والتي ستنخرط فيها قوى دولية تتجاوز في حساباتها حدود لعبة الحرب التي كانت سائدة في المنطقة قبل الهجوم الإيراني.

والواقع أن عملية عرب العرامشة يجب النظر إليها على أنها “تصريح سياسي”، أو بتعبير أدق بمثابة “بلاغ سياسي عسكري استراتيجي رقم واحد” يصدره حزب الله، ويعلن فيه بالنار أن الحزب سيكون حتماً جزءا من أي رد ستقوم به إيران على أي تصعيد عسكري إسرائيلي مقبل، خاصة وإذا شمل هذا التصعيد ضرب منشآت نووية أو أهداف إيرانية ذات حساسية عالية.. 

ويقول أيضاً هذا “البلاغ العسكري السياسي الاستراتيجي رقم ١” أن حزب الله لديه قدرات تساوي في بعض نوعيتها وليس كل نوعيتها وليس بحجمها؛ قدرات إيران العسكرية؛ وبالتالي فإن الحزب مع الحوثي (أنصار الله) هما كل في جبهته، له طاقة عسكرية استراتيجية بحجم دولة وليس فقط بحجم حزب أو منظمة.

ليس واضحاً بعد كيف سيتعامل كابينت الحرب الإسرائيلي مع “بلاغ حزب الله الاستراتيجي رقم واحد”.. ولكن حتى الآن قارب الجيش الإسرائيلي رسالة عرب العرامشة من خلال التأكيد على أن صفارات الانذار اشتغلت حينما اقتربت مسيرة حزب الله من هدفها، وبذلك يريد الجيش الإسرائيلي نفي أن المسيرة نجحت بتضليل القبة الحديدية؛ غير أن كلام الجيش الإسرائيلي هذا، لم تؤيده التقارير الصحفية التي جميعها اعتبرت أن لغز عملية الحزب في عرب العرامشة لا يزال يكمن في عدم الإجابة الواضحة عن السؤال الكبير، وهو: هل اخترقت مسيرة حزب الله الإيرانية الصنع، الدفاعات الجوية الإسرائيلية (القبة الحديدية وشقيقاتها)؟؟؛ وإذا كان الجواب نعم؛ فكيف سينعكس هذا التطور على جبهة الحرب البادئة بالتطور بين إيران وإسرائيل؟؟.

Exit mobile version