الهديل

خاص الهديل: هل تطبق إسرائيل “خطة حرب ١١ أكتوبر الماضي ضد لبنان” في حال فشل حراك ماكرون؟؟

خاص الهديل

بقلم: ناصر شرارة

لا تزال الدول الغربية تحذر لبنان من أن القرار الإسرائيلي يعاني من نوبة جنون نتيجة الصدمة التي ألمت به يوم ٧ أكتوبر ٢٠٢٣؛ وتنصح هذه الدول الدولة اللبنانية باتخاذ خطوة تقطع الطريق على إمكانية ذهاب تل أبيب إلى حرب شاملة تدميرية ضد لبنان.

والواقع أن مضمون هذا التحذير الغربي للبنان كان حمله إلى بيروت أول مرة ريشار ايميه مسؤول الاستخبارات الخارجية خلال زيارة قام بها لبيروت بعد أيام من اندلاع حرب غزة. آنذاك التقى ايميه بحزب الله وقال لمحادثيه أنه عائد للتو من إسرائيل، وأنه قلق جداً كونه شعر أن القيادة الإسرائيلية تنتابها حالة جنون، وهي مصرة على قرع طبول الحرب بكل الاتجاهات، وأن أحداً لا يمكنه إيقافها.. ونصح ايميه حزب الله حينها بعدم استفزاز “الثور الإسرائيلي الهائج”. 

وبعد ايميه نصحت دول عدة لبنان بالتنبه لخطر الجنون الإسرائيلي؛ وكانت دولة أوروبية كبيرة فاتحت مرجعاً لبنانياً كبيراً قبيل الرد الإسرائيلي على القصف الإيراني، بأن هناك قلقاً من أن يقوم نتنياهو بتصعيد عسكري كبير ضد لبنان..

.. والواقع أن ماكرون بخلال لقائه بالرئيس ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزاف عون لم يخف قلقه من احتمال أن يذهب نتنياهو لحرب ضد لبنان؛ ولذلك تنصح الإليزيه بتحريك عجلة تنفيذ القرار ١٧٠١. 

ومن وجهة نظر مصادر غربية فإن الأسباب التي تدعو نتنياهو لشن حرب على لبنان تكمن بالتالي: 

أولاً- لأن هناك داخل كابينت الحرب الإسرائيلي اتجاهاً يرى أن الرد الممكن على إيران من ناحية، والمؤلم لها من ناحية ثانية، هو بتوجيه ضربة قوية لقطعة الماس في تاج نفوذها الإقليمي، أي حزب الله.

ثانياً- ان نتنياهو الخارج من معركة إرادات مع طهران لم يحقق فيها صورة نصر واضحة، بل أثارت ضده انتقادات حلفائه في معسكر اليمين، وبالأخص بن غفير الذي وصف أداء نتنياهو في اشتباكه مع إيران بأنه مسخرة؛ يريد – أي نتنياهو – القيام بخطوة تعوضه اتهام معسكر اليمين له بالفشل على الجبهة الإيرانية.  

ويعلم نتنياهو أن واشنطن لن تسمح له بتوسيع الحرب مع إيران ولا حتى مع لبنان، نظراً لأن بايدن لا يرغب بتوسع حرب غزة؛ ولكن نتنياهو يعتقد أنه يمكنه تجنب الفيتو الأميركي من خلال طرح سيناريو تنفيذ حرب محدودة ضد حزب الله تستمر بين يومين إلى ثلاثة أيام؛ وهدفها هو جعل بيروت تستنجد بواشنطن لوقف حملة القصف الإسرائيلي المكثف على لبنان، ما يتيح فرصة لوصول هوكشتاين إلى بيروت لينفذ وقفاً لإطلاق النار على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية، يقوم على مبدئين إثنين تريدهما إسرائيل: الأول وقف النار على الجبهة الشمالية من دون ربط ذلك بوقف النار على جبهة غزة الجنوبية.

الثاني إعادة المستوطنين ال ٦٠ ألفاً إلى مستوطناتهم الواقعة في منطقة الحدود الفلسطينية المحتلة مع لبنان.

وثمة معلومات تم مؤخراً تداولها في أروقة غربية تقول أن إمكانية أن يقوم نتنياهو بحملة جوية استراتيجية ضد لبنان تستغرق أياماً قليلة، هو أمر بات وارداً؛ وأن تفاصيل هذه الخطة ليست جديدة بل هي موضوعة على طاولة الكابينت الإسرائيلي منذ الأسبوع الأول لدخول حزب الله في معركة إسناد غزة؛ حيث كانت قيادة الحرب الإسرائيلية قد اتخذت قراراً بتنفيذ حملة جوية شاملة وذلك يوم ١١ أكتوبر الماضي، ولكن بايدن تدخل وأوقف هذه الحرب قبل بدئها بساعات. 

وبحسب هذه المعلومات فإن نتنياهو وبخاصة ايزنكوت عضو كابينت الحرب، متحمسان لتنفيذ خطة حرب ١١ أكتوبر ضد لبنان والتي تتكون من ضربة جوية استراتيجية تستهدف بداية جنوب لبنان والضاحية ومناطق بقاعية. 

وما يجعل كابينت الحرب الإسرائيلي منفتح على فكرة الحرب المحدودة على لبنان هو سببان؛ الأول إعادة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم، الأمر الذي يعطي قيادة الحرب صورة نصر؛ كونها حققت الهدف المركزي في جبهة الشمال؛ وهو “إعادة مستوطني الحدود الشمالية إلى بلداتهم”؛ والثاني توجيه رد انتقامي غير مباشر لطهران عبر ضرب أهم مرتكزاتها الإقليمية، أي حزب الله. وبخصوص هذه الجزئية ترى إسرائيل أنه إذا تم شل قدرات كل من حماس وحزب الله العسكرية؛ وإذا تم إنشاء أمر واقع سياسي جديد في غزة ليس فيه حماس، وأمر واقع جديد على الحدود اللبنانية مع إسرائيل ليس فيه حزب الله؛ فهذا سيعني أن إيران خسرت أهم ورقة في استراتيجيتها الإقليمية، وهي ورقة إحاطة إسرائيل بقوى عسكرية حليفة لها؛ الأمر الذي سيؤدي إلى إبعاد إيران عن حدود الدول والمناطق اللصيقة بفلسطين المحتلة؛ وهذا الإنجاز من وجهة نظر إسرائيل يساوي أنها تنشئ “حزام أمني إقليمي” حولها خال من أي وجود لإيران وحلفائها فيه. 

وتضيف هذه المعلومات أن تل أبيب أبلغت الجهات الغربية أنها ستفسح المجال للحل الدبلوماسي مع لبنان لفترة قصيرة، وستنتظر كمحاولة أخيرة نتائج حراك ماكرون الحالي؛ وإلا فإنها ستبادر لخيار الحل العسكري عن طريق شن حرب جوية تسخر فيها ٩٠ بالمئة من قوتها العسكرية الجوية؛ ولن تنهيها إلا بموافقة لبنان على وقف النار من دون ربط ذلك بغزة؛ وتنفيذ ترتيبات أمنية متبادلة على ضفتي الحدود اللبنانية الإسرائيلية.

وتختم هذه المعلومات بتأكيد المعطيات الخطرة التالية، وهي أن إسرائيل لن تنتظر نهاية حرب غزة حتى يتم وقف النار مع لبنان؛ بل هي مصرة على إيجاد حل لمشكلة الوضع المتفجر على الحدود مع لبنان الآن؛ وبمعزل عن حرب غزة التي تخطط إسرائيل – ومن ورائها أميركا – لأن تستمر وقتاً طويلاً؛ وعليه فإن تل أبيب، وربما كانت واشنطن قريبة منها؛ تريد أن تسفر حركة ماكرون الحالية عن نتائج عملية على جبهة لبنان مع إسرائيل؛ وإلا فهي ستقترح الحل العسكري الذي يتبعه تدخل أميركي عبر هوكشتاين وعبر باريس لفرض وقف نار، والبدء بتنفيذ ترتيبات أمنيةعلى الحدود تكون ممولة ومدعومة دولياً..

 

Exit mobile version