الهديل

خاص الهديل: بعد عودته من واشنطن ووصول أردوغان إلى بغداد: السوداني يقف فوق جبل موقع العراق الجيوسياسي الهام..

خاص الهديل:

 كتب بسام عفيفي 

بين زيارة رئيس الوزراء العراقي محمد الشياع السوداني إلى الولايات المتحدة الأميركية، وأيضاً زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد؛ يوجد هناك مسافة زمنية متصلة تؤشر إلى أن العراق أمسك بعد طول ضياع، بناصية بدء معالجة أصعب مشاكله الدولية الموجودة مع واشنطن وأصعب مشاكله الإقليمية الموجودة مع تركيا.

وفي صلب التقدم بخطى ناجحة نحو معالجة الملفين التركي والأميركي اللذين نغصا على العراق استقراره الاستراتيجي طول العقود الأخيرة، يوجد دينامية عراقية باتت لافتة إسمها الرئيس محمد الشياع السوداني الذي قرر أن يكون عهده فترة انتقالية من ضياع العراق الجيوسياسي إلى جعل العراق يقف على قدميه فوق كامل موقعه الإقليمي والدولي.

في الولايات المتحدة الأميركية أثار السوداني قضايا العراق الاستراتيجية ذات الصلة بكيفية تحويل حقبة الاحتلال الأميركي للعراق من حقبة عسكرية صدامية كارثية إلى حقبة ذات أبعاد سياسية واقتصادية متوافق عليها بين البلدين.. 

.. لا شك أن تفعيل إطار التنسيق الاستراتيجي بين البلدين الذي يضع مستقبل التواجد العسكري الأميركي في العراق على طاولة السيادة العراقية لنقاشه بشكل جدي، يعني سياسياً أن العراق خرج من مرحلة مأزقه الدولي وتهميشه الاستراتيجي إلى مرحلة استعادة دوره وموقعه الاستراتيجيان في منطقته وفي العالم.. ويظهر بوضوح أن القوة التي يملكها العراق في خلال انتقاله من مرحلة التهميش الدولي إلى مرحلة استعادة دوره، تكمن تحديداً في نجاح مشروع إرساء الاستقرار العراقي الداخلي الذي تقوده حكومة منتخبة ديموقراطياً، ومنتجة أمنياً وسياسياً واقتصادياً، وموثوقة محلياً وخارجياً وذات ميزات استثنائية تعبر عنها جميعها المعاني الهامة الموجودة في الشخصية الإصلاحية والجادة في مكافحة الفساد المتمثلة بمحمد الشياع السوداني.

إن التتابع الزمني بين زيارة السوداني إلى البيت الأبيض وبين وصول أردوغان إلى بغداد، يشي ببروز اهتمام كان مفقوداً من قِبل أهم دولتين يوجد للعراق مشاكل استراتيجية معهما؛ فمع واشنطن توجد مشكلة تصفية تداعيات مرحلة الأخطاء الأميركية الاستراتيجية في العراق؛ ومع أنقرة توجد جبهات عدة مفتوحة، وليس أقلها الجبهة المائية بين البلدين وقضية الأكراد، الخ… 

إن اهتمام الدول الكبرى عالمياً وإقليمياً بمد يد الصداقة والتفاهم للعراق، ما كان ليحدث لولا نجاح بغداد خلال الآونة القليلة الماضية بإظهار قوة على مستوى بلورة قرارها الوطني الداخلي المصر على إحداث النقلة التاريخية من مرحلة التداعيات الكارثية إلى مرحلة استعادة النهضة العراقية الداخلية والإقليمية والدولية.

إن موقع العراق الجيوسياسي الهام، وإمكاناته الداخلية الهائلة، وثروته البشرية الحيوية، وقوته المعنوية المشهودة؛ كل هذه هي خصائص استراتيجية يوقظها الرئيس محمد الشياع السوداني من سباتها العميق التي كانت تغط فيه طوال المرحلة الماضية؛ وهذا ما يفسر لماذا اليوم عادت بغداد لتكون العاصمة التي يتطلع إليها جوارها الإقليمي على أنها نقطة لتوازنات الاستقرار الإقليمي. وهذا ما يفسر أيضاً لماذا بات ينظر إليها العالم، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأميركية، بوصفها مركزاً لبناء سياسات التفاعل الإيجابي الدولية.

لا شك أن التزامن المتتالي لزيارة الشياع السوداني لأميركا وزيارة أردوغان إلى العراق؛ يؤكد حقيقة استراتيجية وهي أن بلد الرافدين عاد لتوازنه الاستراتيجي، وهو أمر فيه قوة مستعادة للعرب؛ وفيه تصحيح للخلل الجيوسياسي الذي ساد المنطقة طوال أكثر من عقدين..

Exit mobile version