الهديل

د. حمد الكواري: هل يعيد التاريخ نفسه؟

‏د. حمد الكواري: هل يعيد التاريخ نفسه؟

 

من لا يذكر كيف اشتعلت الاحتجاجات الطلابية الأمريكية ضد ‎حرب فييتنام عام 1968، وكانت نقطة تحول انتهت باعتراف 🇺🇸 بهزيمة امريكا وانسحابها من ‎فيتنام 🇻🇳
ولكن لم يدر ببال أحد أن يتكرر الأمر مع ‎الشعب الفلسطيني
ولكن يبدو أن التاريخ يتكرر عندما تتكرر الدوافع لتكراره
وقد ظنت الصهيونية أنها مستثناه من ذلك بسبب سيطرتها المطلقة على وسائل الإعلام ومؤسسات التعليم والمال وما يتبع ذلك من تأثير على مجمل الحياة الأمريكية وصناعة القرار فيها.
ولكن بلغ السيل الزبى وأتى مالم يكن في الحسبان، وفجأة انكسرت كل الحواجز ودخلت أعرق الجامعات بشبابها ونخبها في استدعاء لسابقة فيتنام.
هناك يقظة للشباب تستشري في الجامعات كنار موقدة، وقد يرى فيها البعض صولة عابرة ولكن
مع مرور الوقت يتأكد صلابة هذه الظاهرة. ولم تعد القوالب بالاتهام بمعاداة السامية صامدة لردع هذا التمرد. بدأت أوراق التوت تسقط، والقوانين تذبل أمام الحق الفلسطيني، وعاد الأمل في قدرة الشباب على التغيير الذي سبق تأثيره في انسحاب أميركا من فيتنام.
نظرة على اسم وجغرافية الجامعات وقوتها ونخبويتها يؤكد صلابة الظاهرة وتأصلها، فمن كولومبيا في نيويورك  إلى هارفرد في بوسطن ونورث وسترن وتافاتس في ماساتشوستس. حتى لا نذكر إلا نماذج، ورائع أن العديد من الشباب اليهود يشاركون شباب العالم ، لادراكهم حجم الخطر الذي سببته الصهيونية لهم، الطلاب من كل دين يحتجون، فالعداء للصهيونية ليس عداء لدين بل هو عداء لكيان سياسي متوحش ومتستر بالدين.
ولا يمكن النظر إلى هذه الظواهر بمعزل عن معاناة الشباب وإحساسهم بالعزلة في صنع القرار، لقد دقت نواقيس الغضب الذي يبدأ في الجامعات ثم أخذ بنتشر في المجتمع.
هل سقطت احتجاجات الطلاب من ذاكرة الأمريكيين؟
لم تسقط نبرة الاحتجاج ومضامينه، فوقوف الطلاب من أجل الحق والعدل ليس غير صوت الأجداد من الأحرار، واليوم يجهر الأحفاد بنفس الصوت.
وكم هو رائع أن تكون قضية فلسطين هي البوصلة والمحرك للشباب، ومن المتوقع أن تنتقل الشرارة إلى الشباب في ‎أوروبا وربما في كل بقاع الأرض لنصرة قضايا العدل والسلام في العالم.
الشباب في العالم يمثلون الصلابة والأمل في المستقبل، هكذا يتسع أفق التفاؤل والأمل، هذه المرَة يكون الاحتجاج غربيا لجيل جديد يرفض خيانة قيم حقوق الإنسان ويكشف الوجه الحقيقي لأنظمة تتشدّق بالديمقراطية وتدوس على رقاب الشعوب.
إن مطالبة المحتجين بوقف الحرب على غزة والانتصار للقضية الفلسطينية ليس غير بداية طريق ليقظة الضمير الإنساني.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية

Exit mobile version