الهديل

خاص الهديل: بعد وقف الحرب في غزة: لهذه الأسباب لبنان والسعودية سيكونان على رأس أولوية الاهتمام الأميركي..

خاص الهديل

بقلم: ناصر شرارة

هناك عدة أهداف أساسية مطلوبة في واشنطن؛ ترى إدارة بايدن أن اتفاق وقف النار في غزة سيفتح الباب أمام تحققها؛ ومن بين أبرز هذه الأهداف وضع عملية تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل على السكة؛ وتحقيق وقف نار على الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة؛ وبدء عملية ترتيب الحدود البرية هناك.

 

في واشنطن يتداولون بكثافة مصطلح استكمال الاتفاق البحري الذي جرى برعاية آموس هوكشتاين بين الدولة اللبنانية وإسرائيل عام ٢٠٢٢؛ والذي باتت بنوده معروفة: تصحيح الأخطاء ال ١٣ على الخط الأزرق؛ التوافق على النقطة “بي ١”؛ وضع مشكلة مزارع شبعا في حالة انتظارية لارتباط حلها بدمشق.. 

 

يقال أن كل هذه النقاط جرى التوافق عليها؛ وأن إعلان واشنطن التوصل لاتفاق بين لبنان وإسرائيل على حلها مرهون بتحقيق شرط حزب الله بوقف النار في غزة. 

 

والواقع أن الأهمية العالية التي توليها إدارة بايدن لموضوع وقف النار في جنوب لبنان وترتيب الحدود البرية؛ تقود إلى تسجيل عدة استنتاجات يجدر التوقف عندها وأخذها بعين الاعتبار من قبل الدولة اللبنانية وكل الجهات السياسية: 

 

الاستنتاج الأول يتمثل بأن إدارة بايدن تنظر إلى هدف وقف النار بين حزب الله وإسرائيل واستكمال عملية هوكشتاين لترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل؛ بوصفه إحدى الأهداف الإستراتيجية التي تقع منزلتها وفق سلم أولويات بايدن لما يجب فعله بعد وقف حرب غزة؛ إلى جانب هدف تطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية.. 

.. والترجمة العملية لهذا الاستنتاج تعني أن لبنان كما السعودية سيكونان أول بلدين في المنطقة ستبدأ منهما الحركة الأميركية العالمية لإخراج المنطقة من مرحلة حرب غزة إلى مرحلة بدء مسار تعافي المنطقة من نتائج حرب غزة؛ والمباشرة انطلاقاً منها بمواكبة تنفيذ خارطة طريق من بين أهدافها إنجاز حل الدولتين. 

 

الاستنتاج الثاني يتعلق بأمر إستراتيجي هام يتوجب لحظه؛ وهو أنه إذا كان التطبيع السعودي الإسرائيلي هو خطوة مركزية في استراتيجية بايدن لتحقيق خطته حول “الاندماج الإقليمي” في الشرق الأوسط؛ فإن مهمة استكمال الترتيب البري من قبل هوكشتاين بين لبنان وإسرائيل؛ تظهر أيضاً – أقله من حيث ترتيبها المتقدم على أجندة بايدن الشرق أوسطية – أن لها ذات أهمية التطبيع السعودي الإسرائيلي وذلك أقله من حيث أهمية توقيتها المتصدر سلم أولويات أجندة البيت الأبيض. 

 

.. والمقصود هنا هو أنه بعد أولوية وقف النار في غزة؛ ليس هناك من وجهة نظر بايدن؛ ما هو جدير بأن يسبق زمنياً البدء بملفي وقف الحرب على الجبهة الشمالية كمقدمة لاستكمال مهمة هوكشتاين بين لبنان وإسرائيل من ناحية والبدء من ناحية ثانية بعملية تطبيع العلاقة السعودية الإسرائيلية.

 

وبعض النظر عما إذا كانت إدارة بايدن ستنجح في هاتين الخطوتين اللتين ستكونان من أهم الإنجازات الخارجية لعهد بايدن في الربع الساعة الأخيرة من عهده؛ إلا أن ما يمكن التأكيد عليه هنا هو أن هذين الإنجازين يشكلان مصلحة عليا لبايدن كونهما يفيدانه انتخابياً؛ وكونهما يشكلان مصلحة استراتيجية لواشنطن بوصفهما محطة بداية لانطلاق قطار الاندماج الإقليمي الذي تشحن واشنطن بداخله كل رؤيتها للشرق الأوسط بدءا من حل الدولتين المصحوبة بعدة خطوات متداخلة ومتتالية؛ ولكن من دون أن تكون منفصلة الواحدة عن الأخرى؛ وهذه الخطوات هي وقف نار في غزة وتبادل أسرى ووقف نار بين لبنان وإسرائيل وترتيب الحدود الشمالية لإسرائيل وتطبيع إسرائيلي سعودي وبدء حل الدولتين ومسار تنموي شرق أوسطي يعتمد على بنى تجارية من أوروبا إلى الهند إلى المنطقة. 

 

تريد واشنطن من هذه الاستراتيجية بناء تحالف بقيادتها يضمن لإسرائيل أمن مستدام ويحقق لواشنطن صورة أنها لا تزال تقود المنطقة. 

 

السؤال الذي يقود إليه العرض الوارد أعلاه هو هل لبنان مستعد لتلقف عودته ليحتل موقعاً متقدماً على أجندة الاهتمام الأميركي بالمنطقة؟؟.

Exit mobile version