الهديل

خاص الهديل: حروب على ربح التسوية: “صفقة الكمائن “

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

قالت أمس قناة ١٢ الإسرائيلية أن الرئيس الأميركي بايدن طلب بوضوح ليلة أمس خلال اتصاله بنتنياهو ألا يدخل رفح وأن عليه الذهاب لإبرام صفقة هدنة وتبادل أسرى. لكن في قناة ١٤ الإسرائيلية قدمت رواية مغايرة عن فحوى الاتصال الهاتفي إذ قالت أن نتنياهو قال لبايدن أنه ذاهب إلى رفح بموافقة أمريكية أم من دونها.

السؤال داخل الوسط السياسي والإعلامي الإسرائيلي ليس عن أية قناة تقول الحقيقة الـ١٢ أم ١٤ (؟)؛ بل عن السبب الذي جعل حماس توافق على المقترح المصري(؟؟).

داخل بيئة كابينت الحرب يعتقدون أن السنوار أعد خديعة لنتنياهو؛ فهو أمر كتائب القسام بقصف معبر كرم أبو سالم؛ فاعتقد “بيبي” أن السنوار يقوم بتخريب مسار التوصل لوقف النار؛ وهو أمر يريده نتنياهو الَممعن بالهروب من الصفقة؛ وحتى ينجح بإستغلال خطأ السنوار؛ قام نتنياهو بتبكير بدء الهجوم على رفح؛ وهدفه من ذلك أن تبدو العملية وكأنها رد فعل على عملية كرم أبو سالم التي أخذ يشيع أنها بينت “نوايا السنوار” التي تريد الاستمرار بالحرب؛ وتوسيع الهوة بين إسرائيل من جهة وإدارة بايدن والشارع الدولي من جهة ثانية؛ الخ..

ويمكن القول أنه خلال ليلة امس بدأت رسمياً وإعلامياً عملية الهجوم الإسرائيلي على رفح.. واختار نتنياهو توقيت بدئها في لحظة تحمل نوعين إثنين من المواصفات:

الأولى أنها تقع بعد قصف حماس لمعبر كرم أبو سالم؛ وهدفه من ذلك أن تبدو عملية رفح العسكرية المدانة عالمياً كأنها رد على سلوك حماس الذي لا يريد إبرام تسوية؛ بل يريد الاستمرار في تعميق أزمات إسرائيل الناتجة عن تعقيدات حرب غزة الداخلية والخارجية عليها.

الميزة الثانية التي اختارها نتنياهو لتتم بدء عملية رفح داخل معناها؛ تقع في أن “توقيت البدء” جاء بين لحظتين: لحظة تبلغ نتنياهو بموافقة حماس على المقترح المصري من جهة؛ ولحظة موافقة نتنياهو على إرسال وفد تقني لمناقشة موافقة حماس على مقترح الهدنة من جهة ثانية.. وخلال الفترة بين هاتين اللحظتين تقصّد نتنياهو ليس فقط أن يعلن بدء عملية رفح؛ بل أيضاً إظهار أن حماس وافقت على مقترح ليس طبق الأصل عن المقترح الذي سبق أن وافقت عليه إسرائيل خلال الليلة السابقة.. وادعت تسريبات نتنياهو التي أرادت تبرير تراجع تل أبيب عن موافقتها على الصفقة؛ أن القاهرة أضافت على المقترح عنصرين إثنين جوهريين لم تطلع عليهما تل أبيب؛ وهما “وقف نار دائم”؛ علماً أن إسرائيل وافقت على “وقف عمليات اعتداء”؛ و”سحب الفيتو” من إسرائيل على نوعية الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إطلاقهم.

وإزاء هذه التطورات يجب لحظ وقائع تتجاوز تكتيكات نتنياهو مناورات حماس والأطراف الوسيطة وأهمها عن حقيقة موقف بايدن من كل ما يجري؛ بمعنى هل فعلاً يريد إبرام هدنة؛ وتعبير أدق هل هو يريد هدنة ولكن بثمن استراتيجي يجب دفعه لإسرائيل؛ وبالتالي ما هو هذا الثمن (؟؟)؛ ومن أية جهة يريده: من مصر أم من السعودية أم من السلطة الفلسطينية أم من حماس؛ الخ… 

وضمن هذه الجزئية التي هي أكبر لغز في حرب غزة تبرز ملاحظة مفادها أنه منذ اليوم الأول لحرب طوفان الأقصى أعلنت كل منظومة الحرب على غزة ابتداء من نتنياهو مروراً بغانتس وصولاً لبايدن أن شرط نهاية الحرب هي القضاء على حماس!!

ومع التقدم في مسار الحرب ظل هذا الهدف المشترك قائماً مع تغير بالشكل طرأ عليه؛ وهو أن بايدن ومعه غانتس يقولان أنه يمكن تجميد تنفيذ هدف القضاء على حماس إلى ما بعد استرداد الأسرى عبر صفقة مع حماس؛ فيما نتنياهو يرفض ذلك؛ ويقول يجب السير بالمسارين معاً: تحرير الأسرى والاستمرار بالحرب معاً.

من منظار عام لا يبدو مفهوماً كيف سينجح نتنياهو بتحقيق هذين الهدفين في وقت واحد؛ وأيضاً لا يبدو مفهوما كيف تتوقع واشنطن من حماس الموافقة على صفقة كل هدفها هو تأجيل تنفيذ حكم الإعدام بها إلى ما بعد إتمام هذه الصفقة!!

أغلب الظن أن مشكلة الصفقة المطروحة تكمن في أنها “صفقة كمائن” هدفها استكمال الحرب؛ ولكن بأساليب جديدة..

Exit mobile version