ما سبب تأجيل قرار تعديل سعر الدولار المصرفي
تشير مصادر مصرف لبنان إلى تأخر حركة المشاورات الجدية بين الحكومة ووزارة المالية والمصرف المركزي للبت في سعر الدولار المصرفي، الذي وعد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي بتعديله نهاية الشهر الحالي.
ورغم تأكيد الحكومة ووزارة المالية على ذلك، إلا أن مصادر مصرف لبنان تؤكد أنه لا توجد معلومات جديدة بشأن هذا القرار، مما يجعل الموعد غير واضح حاليًا.
وفي الإطار عينه رجّحت مصادر مصرفية متابعة لـ»نداء الوطن» أن «يكون رفع سعر الدولار المصرفي من 15 ألف ليرة إلى 25 أو 30 ألف ليرة صعب التنفيذ في الوقت الحاضر، نظراً للتعقيدات السياسية والأمنية التي يعيشها لبنان، وبالتالي تحديد رئيس الحكومة موعد نهاية شهر أيار لرفع قيمة الدولار المصرفي ليس أكيداً حتى الآن».
وربطت المصادر «استبعادها رفع سعر الدولار المصرفي قريباً بالكلام الذي أدلى به وزير المال يوسف خليل يوم الجمعة الماضي بأن «تحصين الاستقرارين المالي والنقدي يتطلّب أوضاعاً سياسية مستقرة، وتجاوز مشكلاتهما يكمن في جانب باستكمال ما بدأنا به من خطوات إصلاحية في الموازنة السابقة، في موازنة 2025 كما يتطلب إعادة انتظام الحياة الدستورية»، وهذا يعني برأي المصادر أنه «ليس هناك استعداد من وزارة المال لإتمام هذه الخطوة، ما يعني أن الموضوع لا يزال عالقاً بينها وبين حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري وبين الحكومة، فمنصوري يرفض رفضاً مطلقاً التدخل في هذا الأمر، معتبراً أنه ينفّذ أي قرار يأتيه من السلطة التنفيذية».
ويختم: «هناك اقتراحات أن يكون سعر الدولار المصرفي بين 25 و35 ألف ليرة، ولا معلومات لدى جمعية المصارف كيف ستنتهي الأمور وهي غير واضحة والجميع في حالة انتظار لأن القرار عند الحكومة. لكن ضمنياً الجميع يعلم أنها غير قادرة على السير بهذا التعديل بسهولة».
يشرح رئيس مركز الأبحاث في بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي نسيب غبريل لـ»نداء الوطن» أن «جمعية المصارف لا علاقة لها بتحديد الدولار المصرفي، الحسم يتمّ بين مصرف لبنان ووزارة المال ورئاسة الحكومة ومجلس النواب، ودور المصارف هو الالتزام بما يصدر عن المركزي، طالما أن هذا الأخير يؤمّن السيولة بالليرة اللبنانية».
ويضيف: «يجب أن يتمّ الاتفاق بين وزارة المالية ومصرف لبنان، والمادة 229 من قانون النقد والتسليف تنصّ على أنه على وزارة المال تحديد سعر الصرف القانوني للدولار بالتشاور مع مصرف لبنان، والتصريح الأخير لوزير المال يستنتج منه أنه لم يتمّ الاتّفاق بعد حول هذا الموضوع مع الحكومة».
ويختم:»سعر صرف الدولار تنفّذه المصارف، لكنّ القرار عند السلطة النقدية والتنفيذية وعند التوصل الى اتفاق مهما كانت طبيعته، على المركزي تأمين السيولة بالليرة اللبنانية للسحوبات».
على ضفّة الحكومة، يشرح مستشار الرئيس ميقاتي سمير ضاهر لـ»نداء الوطن»، وجهة نظره حول تعديل الدولار المصرفي فيقول: «لنفترض أن سقف السحوبات حالياً هو مئة دولار شهرياً، علماً أن الدفع هو بالليرة اللبنانية (ل.ل) على سعر صرف 15000 ل.ل.، ما يُشَكِّل 83 في المئة هيركات، أي كلفة 17 دولاراً على المصرف».
ويضيف: «فإن كان سعر الصرف سيُعدّل إلى 30000 مثلاً، مع إبقاء سقف السحوبات على مئة دولار، فذلك يعني أن الهيركات سيتدنّى من 83 إلى 66 في المئة، وهو لصالح المودع، وهدف هذا الأخير عبر مطالبته تعديل سعر الصرف حيث سيحصل على ما يوازي 34 دولاراً (التي ستشكِّل الكلفة الفعلية على المصرف)».
ويرى ضاهر أن «القرار يتعلّق في النهاية بطاقة المصرف وإمكانيته أن يدفع 34 دولاراً بدلاً من 18 على كل السحوبات شهرياً. ففي حال رفع سعر الصرف إلى 30000 ولم تكن الطاقة (عملياً السيولة) متوفّرة لدى المصارف لدفع 34 دولاراً شهرياً، بل طاقتها محدودة بـ 18 دولاراً، فالخوف عندئذ أن يُخفَّض سقف السحوبات من مئة دولار إلى خمسين (ويكون عندها الهيركات 66 في المئة)». ويختم: «الخيار لدى المودع هو ما بين أقَلّ هيركات أو أقل سحوبات فعلية بالدولار»