الهديل

خاص الهديل: صفقة الأسرى ووقف حرب غزة دخلت تعقيدات السباق الرئاسي الأميركي: “حرائق صندوقة الإنتخابات الأميركية”..

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

السؤال ليس لماذا اختلف وزير مجلس الحرب الإسرائيلي غانتس مع رئيس الحكومة نتنياهو؛ بل السؤال لماذا أعلن غانتس الآن وفي هذا الوقت، شروطه على نتنياهو حتى يبقى في الكابينت (؟؟).. وبكلام آخر لماذا لم يطرح غانتس شروطه هذه قبل ثلاثة أو أربعة أشهر،، طالما أنه كان لديه هذه الشروط منذ عدة أشهر، بدليل قوله ليلة أمس أنه كان على نتنياهو أن يدخل منذ أشهر إلى رفح، وأنه كان يمكن لإسرائيل أن تنتصر على حماس لو فعل نتنياهو خلال الأشهر الماضية خطوات معينة يعتقد بها غانتس(!؟؟)..  

.. بمعنى آخر لماذا تأخر غانتس كل هذه الأشهر حتى “يبق البحصة” بوجه نتنياهو؛ وحتى يعلن أن إطلاق الأسرى أولوية على لائحة أهداف الحرب؛ لأن النصر على حماس يستطيع أن ينتظر؛ ولأن تصفية الحساب مع حزب الله تستطيع أيضاً أن تنتظر؛ ولكن الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، ليس لديهم ترف الانتظار كون حياتهم مهددة بالموت مع مضي كل لحظة؟؟.

الإجابة عن السبب الذي دفع غانتس لرفع شروطه الآن بوجه نتنياهو، موجودة داخل مجريات الإنتخابات الأميركية التي دخلت مرحلة الذروة، والتي أصبحت – أي هذه الإنتخابات من اليوم وصاعداً – تحتل رقم واحد ولها الأولوية على لائحة أهداف إسرائيل في حرب غزة!!.

بايدن يريد إطلاق الأسرى الذين بينهم أميركيين على يدي غانتس وليس على يدي نتنياهو؛ حتى يقال في بورصة الإنتخابات الأميركية أن ضغط حليف بايدن في إسرائيل (غانتس) على نتنياهو هو الذي أدى إلى إطلاق الأسرى والمخطوفين الأميركيين لدى حماس.

.. نتنياهو من جانبه سيحاول عدم إعطاء ورقة الأسرى الأميركيين لدى حماس لبايدن؛ وسيفضل تأخير إطلاقهم إلى ما بعد موعد الإنتخابات الأميركية؛ وهو بذلك يحقق من وجهة نظره مكسبين إثنين: الأول يحرم بايدن من تسويق إطلاقهم لمصلحة حملته الانتخابية؛ والثاني يؤجل إبرام الصفقة حتى موعد رؤية ترامب كما يتوقع أو يتمنى، في البيت الأبيض، وحينها سيكون بوضع أفضل تجاه ملف اليوم التالي في غزة الذي سيتزامن مع فتح ملف الإنتخابات الإسرائيلية المبكرة؛ ومع فتح ملف المحاسبة عن التقصير في ٧ أكتوبر داخل إسرائيل.. 

.. لو أن إعلان تمرد غانتس على نتنياهو ليس وثيق الصلة بمجريات الإنتخابات الأميركية بأكثر مما هو له صلة بمجريات حرب غزة؛ لكان غانتس قدم لنتنياهو إنذاراً غير معلن؛ وغير محدد بوقت، وكان فضل إبقاء الجزء الأكبر من خلافه على أهداف الحرب موجودة داخل كابينت الحرب؛ ولكن غانتس مدعو بتشجيع من إدارة بايدن إلى اتخاذ موقف سياسي علني يناسب توجهه لتنفيذ خطة رسم مشهدين متشابهين ومتكاملين في وقت واحد؛ أحدهما يحدث في الولايات المتحدة الأميركية وعنوانه التحضير لمناظرة علنية بين بايدن وترامب وذلك بعد عدة أسابيع، والمشهد الثاني يحدث في إسرائيل وعنوانه ما يشبه عقد مناظرة علنية بين نتنياهو وغانتس تجري فوق مسرح مفتوح ابتداء من يوم أمس حتى يوم ٧ حزيران المقبل؛ وتستمر نتائجها بعد هذا التاريخ، وذلك حتى موعد تاريخ تغير الحال، أو بقاء الحال على حاله، في البيت الأبيض. 

قصارى القول في هذا المجال أن حرب غزة دخلت تعقيد الإنتخابات الأميركية، ومنذ ليلة أمس فإن حل صفقة تبادل الأسرى ووقف النار بين إسرائيل وحماس أصبح له حسابات الربح والخسارة داخل صندوقة انتخابات رئاسة الولايات المتحدة الأميركية؛ ولم تعد حساباته مرتبطة فقط بلعبة المنطقة..

وبعد إنذار غانتس لنتنياهو يبرز أكثر من توقع بخصوص كيف ستسير المواجهة داخل إسرائيل؛ وكيف سيبدو مشهد هذه المواجهة داخل تطورات السباق الرئاسي الأميركي المحموم. من التوقعات المحتملة أن لا يستجيب نتنياهو لإنذار غانتس وأن يقوم الأخير بتمديد مدة إنذاره لفترة إضافية بعد ٧ حزيران، وذلك لعدة أسباب أبرزها أنه لا توجد مصلحة لا لبايدن ولا لحزب غانتس وايزنكوت بأن يخرجوا من كابينت الحرب، ويتركوا كل قراره لنتنياهو وحلفاء ترامب في إسرائيل.. 

ومن السيناريوهات المتوقعة أيضاً أنه بالتوازي مع احتمال أن يشهد التنافس الرئاسي الأميركي أعمال عنف بين أنصار ترامب والقوى الأمنية في الولايات المتحدة الاميركية، فإن التنافس السياسي بين اليمين في إسرائيل والقوى الأخرى التي تتجمع في الوسط قد يشهد أيضاً أعمال عنف تجري على وزن أعمال العنف في أميركا. 

يبدو مشهد غزة مفتوحاً على تطورات دولية ساهمت نتائج نكبة غزة بصنعها؛ رغم أنها تجري ضمن أفق آخر؛ وبموجب صراع أملاه احتقان التجربة الديموقراطية الأميركية بعوامل تعرضها لانفجارات داخلية.

Exit mobile version