الهديل

خاص الهديل: المطلوب من مواعيد الخماسية أن تنتظر مواعيد هوكشتاين!!

خاص الهديل 

بقلم: ناصر شرارة 

لا أحد يعرف كيف ولدت فكرة أن الخماسية ضربت آخر أيار كموعد لاحتمال فخامة الرئيس العتيد.. إذا كان هناك أحد تجنى على الخماسية ونقل عنها زوراً هذا الموعد؛ فهذا خطأ أخلاقي بحقها؛ أما إذا كانت الخماسية أو طرفاً بداخلها ضرب موعد أيار ليتم خلاله الاستحقاق الرئاسي؛ فهذا خطأ ترتكبه الخماسية بحق نفسها، وتجاه الثقة بها بوصفها جهة تعرف لبنان وما يجري حول لبنان..

ما يجب أن تعرفه الخماسية وربما هي تعرفه، هو أن لبنان بلد موجود حالياً خارج مدار الوقت الدولي والوقت الإقليمي، أضف أنه لا يملك لنفسه توقيتاً داخلياً سياسياً؛ وكل قصته اليوم أصبحت مرتبطة بما سيحدث في غزة، واستتباعاً وحصراً بما سيحدث في رفح.. 

.. إذن توقيتات الحل والسِلم والحرب في لبنان هي في هذه المرحلة توقيتات فلسطينية؛ وبالتحديد غزاوية؛ وبالمعنى الضيق رفحاوية (نسبة إلى رفح). 

.. وهذه ليست أول مرة يكون لبنان ملحقاً بالوضع الفلسطيني، وبالحروب الفلسطينية وبالسِلم الفلسطيني المفقود، وذلك بغض النظر عن السبب الذي يؤدي في كل مرحلة إلى نشوء هذا الربط..

منذ العام ١٩٤٨ حتى العام ١٩٦٧ كان لبنان يتفاعل على أساس ترقب ما سيحدث مع الفلسطينيين لجهة خروج مجموعة منهم من تحت عباءة أحمد الشقيري وتأسيس حركة فتح.. ومنذ العام ١٩٦٧ لغاية ١٩٧٠ تفاعل أمن لبنان داخل دائرة ترقب تطورات الوضع الفلسطيني داخل المملكة الأردنية الهاشمية التي كان مطلوباً منها أن تؤدي دور الاسفنجة التي تمتص النتائج الاجتماعية لنكبة الفلسطينيين في العام ١٩٤٨.. ومنذ العام ١٩٧٠ الذي شهد هجرة فلسطينية من الأردن إلى لبنان ولغاية العام ١٩٨٢ الذي شهد الغزو الإسرائيلي للبنان، تفاعل بلد الأرز داخل دائرة أنه أصبح الميدان الذي تنطلق منه الثورة الفلسطينية المسلحة ضد إسرائيل، ما قاد مع أسباب أخرى، لاندلاع حرب أهلية استمرت عشرين عاماً، وتخللها حروب إسرائيلية فلسطينية على أرض لبنان؛ تم في إحداها احتلال بيروت. 

إن لبنان أدى منذ العام ١٩٧٠ حتى خروج منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان عام ٨٢، دور البلد العربي الوحيد المطلوب منه تحمل نتائج تحول الفلسطيني من لاجئ إلى فدائي.. ولهذه الغاية تم عام ١٩٦٩ إبرام اتفاقية القاهرة التي تخول الفدائيين العمل انطلاقاً من جزء من أراضي لبنان في العرقوب (فتح لاند).

في إحدى مؤتمرات القمة العربية على مستوى وزراء الخارجية آنذاك؛ قال ممثل الدولة الليبية أن لبنان هو الدولة العربية الوحيدة التي دفعت كامل قسطها المتوجب عليها تجاه دعم فلسطين وإسناد قضية تحريرها.. وآنذاك قال ياسر عرفات أن لبنان هو شمال الجليل؛ وقال موشي دايان أن لبنان هو “بلد غير متحضر” كونه يؤوي “المخربين” (حسب المصطلح الإسرائيلي الذي يصف الفدائيين)؛ علماً أن دايان تجاهل أن هؤلاء “المخربين” بحسب وصفه لهم إنما هم جاؤوا إلى لبنان بفعل قيام المشروع الصهيوني بطردهم من بلدهم فلسطين.

في نهايات العام ٨٢ – ٨٣ من القرن الماضي فاوض “المسؤول الأميركي من أصل لبناني” فيليب حبيب مع بيروت ومع تل أبيب على فكرة فك الربط بين أزمات لبنان وحل القضية الفلسطينية من ناحية، وأيضاً على فكرة ترتيب هدنة أو “سلم” بين لبنان وإسرائيل من ناحية ثانية؛ وحدث آنذاك ما حدث..

.. واليوم يحاول آموس هوكشتاين “المسؤول الأميركي من أصل إسرائيلي”، التفاوض بين بيروت وتل أبيب من أجل فك المواجهات في جنوب لبنان عن الحرب في غزة من جهة؛ وإنشاء ترتيب وتسوية تنتج هدوء طويل المدى على الحدود البرية اللبنانية الإسرائيلية من جهة ثانية؛ وكل ما يمكن فعله حالياً على مستوى مهمة هوكشتاين، هو الانتظار لمعرفة ماذا سيحدث مع هوكشتاين؛ وما إذا كان “هوكشتاين الأميركي من أصل إسرائيلي” سينجح بإنجاز نصف المهمة التي كان يريد إتمامها “المسؤول الأميركي من أصل لبناني” (فيليب حبيب)؟؟.  

وكما هو واضح من سياق الفقرات السابقة، فإن أي حديث عن مواعيد تضربها الخماسية لحل استحقاق الشغور الرئاسي في لبنان؛ يقود تلقائياً للحديث عن الصعوبة التي طالما شكلت أصل المشكلة كما كانت في ستينات وسبيعينات وثمانينات القرن الماضي، وكما هي الآن؛ أي سد باب الجنوب بوجه عواصف العدوانية الإسرائيلية وبوجه تأثر لبنان بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي، خاصة في ظل الحقيقة التي اكتشفها المسؤول الليبي منذ وقت مبكر، والتي لا تزال قائمة؛ ومفادها أن لبنان هو البلد العربي الوحيد الذي تحمل ويتحمل عبء دعم القضية الفلسطينية وعبء نتائج معركة استعادة حقوق الفلسطينيين.

 

Exit mobile version