الهديل

خاص الهديل: تزامن انتخابات الرئاستين الأميركية والإيرانية: “قضاء الله” و”قَدَر” التوقيتات الصعبة!!

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

دخلت إيران على نحو مباغت، وغير منتظر مرحلة إجراء انتخاب رئيس جمهورية جديد بغضون فترة قصيرة لا تتعدى الخمسين يوماً من لحظة الإعلان الإيراني الرسمي عن وفاة رئيس الجمهورية السيد إبراهيم رئيسي.

 

والواقع أن هذا التطور المفاجئ الذي حدث عن طريق القضاء والقدر كما تقول طهران، أو بفعل فاعل كما يقول آخرون، سوف يبقى أهم ما فيه هو أنه سيقود إلى نتيجة سياسية لم تكن “محسوبة على الورقة والقلم” على لائحة ترتيب أحداث العالم والإقليم؛ وهذه النتيجة تتعلق بحدوث تزامن قسري بين استحقاقي الإنتخابات الرئاسية الأميركية والإيرانية!!

 

.. ومثل هذا التزامن لم يسبق له أن حدث من قبل؛ ذلك أنه قبل أن يتدخل “القدر”، أو ربما يتسبب بإنهاء عهد الرئيس الإيراني قبل انتهاء مهلته الدستورية؛ كانت انتخابات الرئاسة في إيران في جزء منها يتم هندستها لتأتي في نتائجها كرد متناسب سلباً أو إيجاباً مع نتائج الإنتخابات الرئاسية الأميركية؛ حيث أنه في حال أسفرت الإنتخابات الأخيرة عن وصول رئيس متشدد ضد إيران إلى البيت الأبيض، كان سيصل إلى رئاسة إيران شخصية محافظة متشددة ضد الغرب، والعكس صحيح..

 

وحينما وصل باراك أوباما المنفتح على العلاقة مع إيران إلى البيت الأبيض (من العام ٢٠٠٩ لغاية ٢٠١٧)؛ تزامن عهده في قسم كبير منه مع وصول الشيخ الإصلاحي روحاني إلى رئاسة إيران.

 

.. والواقع أن عين الاقليم منذ يوم الأحد باتت شاخصة إلى التزامن الذي استجد بين موعدي انتخابات الرئاسة في البلدين اللذين تنعكس خياراتهما السياسية على كل وضع المنطقة وعلى اتجاه سير الأحداث فيها؛ وبموجب التبادل المفاجئ الذي فرضه شغور موقع الرئاسة في إيران، فإن الإنتخابات الرئاسية الإيرانية هذه المرة ستجري قبل الإنتخابات الأميركية بنحو خمسة أشهر، ولذلك فإن طهران ستكون معنية بإيصال رئيس جديد تكون فيه مزايا تناسب توقعها لمن سيفوز في الإنتخابات الرئاسية الأميركية؛ أو أقله تناسب الاحتمالين المطروحين؛ بمعنى الإتيان بشخصية رئاسية فيها مزايا تعكس تحسب إيران لإمكانية عودة ترامب للبيت الابيض، وبنفس الوقت تناسب إمكانية بقاء بايدن رئيساً لولاية ثانية.

.. وحالياً قد تكون مصادفة، أو مسألة محسوبة سلفاً واقعة أن خلف الرئيس رئيسي المؤقت هو شخصية يوجد عليها عقوبات دولية؛ وهذه رسالة لواشنطن تقول أنه أقله حتى ٢٧ حزيران موعد انتخاب الرئيس الإيراني الجديد تقول لن يكون هناك حوار في هذه الفترة مع البيت الأبيض؛ ولكن بنفس الوقت فإن خليفة عبد الأمير اللهيان المؤقت في منصب وزير الخارجية، هو شخصية لها باع طويل في التفاوض على الملف النووي؛ وهذا يعني أن هذه القناة بالتحديد أبقتها طهران مفتوحة مع أميركا في حال أرادت الأخيرة إحراز شيء من التقدم على هذا الملف قبل دخول خارجية بايدن في المعمعة الإنتخابية، أو خلالها..

والواقع أن كلاً من الرئيس الإيراني المؤقت ووزير خارجية إيران المؤقت يؤشران إلى ما ستكون عليه شكل إيران السياسي في مرحلة ما بعد إجراء الإنتخابات الرئاسية الإيرانية في حزيران المقبل؛ حيث أنهما يؤشران الى ان العهد الرئاسي الإيراني الجديد؛ سيكون على رأسه رئيس محافظ متشدد يمكنه مواجهة ترامب في حال عودته، وبنفس الوقت سيكون لديه وزير خارجية متخصص في التفاوض على الملف النووي ويمكنه مواكبة عهد بايدن في حال تم التجديد له لولاية ثانية..

وهذه الصورة المرسومة الآن في طهران وذلك بعد يومين فقط من شغور الرئاسة الإيرانية، وقبل نحو خمسين يوماً من انتخاب رئيس جديد، تظهر أن الإيرانيين صمموا وهندسوا عهد الرئيس الجديد – ومعه عدة حكمه بما فيها وزير خارجيته – على نحو يتكيف ويحاكي نتائج الانتخابات الرئاسية الاميركية كيفما جاءت نتائجها، سواء فاز ترامب أو بايدن.

Exit mobile version