الهديل

خاص الهديل: هل الاحتجاجات الطلابية الأمريكية الداعمة لقطاع غزة بدأت بالانحسار؟

خاص الهديل:

منذ السابع من اكتوبر 2023، أصبحت الاحتجاجات الطلابية المؤيدة للفلسطينيين في غزة بشكل خاص المناهضة لإسرائيل، سمة بارزة في حرم الجامعات الأمريكية، وكانت أبرز هذه الاحتجاجات تلك التي حدثت في جامعة كولومبيا بمدينة نيويورك التي أصبحت مركزاً للحركات الاحتجاجات بالجامعات الأميركية.

هذه الحركات الاحتجاجية دفعت بعض الإدارات في الجامعات الامريكية الى الغاء حفل التخرج الرئيسي بسبب المخاوف الأمنية، فيما قررت بعض الجامعات إيقاف عدد من الطلاب المشاركين في الاعتصامات عن الدراسة وإحالتهم الى مجلس تأديبي وقد شهدت عدد من تلك الاحتجاجات مواجهات عدة بين المحتجين ورجال الأمن، كما اعتُقِل المئات من الطلاب المعتصمين، وتوجيه اتهامات لهم بالتعدي على ممتلكات الغير ومقاومة الاعتقال.

الاحتجاجات الطلابية الأمريكية لاقت صدىً واسع، وردود فعل متفاوتة بين بعض رؤساء الجامعات وأعضاء هيئات التدريس والطلبة، ما أحدث اضطراب داخل الجامعات وانقسامات لدى الرأي العام، مما أعطى بصيص أمل لسكان غزة الذين رؤوا في هذه الاحتجاجات التي من الممكن أن تثير ضجة في أوساط الإدارة الامريكية وتجبرها على تغيير موقفها الداعم لإسرائيل في حربها ضد القطاع.

هنا نطرح تساؤلاً ألا وهو، هل ستؤدي هذه الاحتجاجات الى تحول جوهري في السياسة الامريكية تجاه اسرائيل؟!، وللجواب على هذا التساؤل، يمكننا القول إن إمكانية التغيير قد تكون حقيقية، وأنه كما قضت حركة الحقوق المدنية على التمييز العنصري المؤسسي وساهمت الاحتجاجات على إنهاء حرب فيتنام عام 1968، فإن الحركات الطلابية اليوم يمكن أن تجبر الإدارات الامريكية والمؤسسات الرسمية المختلفة على إعادة النظر في الدعم السياسي والاقتصادي والفكري اللا محدود للولايات المتحدة لإسرائيل وسياستها.

ومن وجهة نظر ثانية قد يجادل البعض بأن الدعم الامريكي لإسرائيل قد لا يمكن أن تغيره الاحتجاجات الطلابية التي تشهده الجامعات الامريكية هذه الأيام، ومع ذلك فإن التاريخ يروي قصة مختلفة. 

لكن بالإشارة للعهد الحديث نرى أن التاريخ يشير الى تأصيل القوانين والسياسات العنصرية في الولايات المتحدة داخل بنيتها الاجتماعية والقانونية والسياسية، ومع ذلك، تم التخلي عنها بفعل الاحتجاجات الطلابية وتغير الرأي العام، كما حدث الأمر مع حرب فيتنام عام 1968، حيث تعتبر الإدارة الأميركية أن المشاركة في الحرب الفيتنامية كانت ضرورية للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة، إلا أنها تغيرت لاحقا في ضوء التطورات السياسية والاجتماعية.

لكن في ضوء الأحداث التي تتزامن مع حرب غزة وانشغال العالم بها، هل نرى بأن ثمة انحسار بدأت تشهده الاحتجاجات الطلابية الامريكية، أو بمعنى آخر هل بدأت هذه الاحتجاجات تتبخر في سماء ما يشهده العالم من أحداث؟

حتى هذه اللحظة يمكننا القول إنه ليس هناك ثمة ما يشير إلى أن حركة الاحتجاج في الجامعات الأميركية على وشك الانحسار، على الرغم من تفكيك مخيمات الاعتصامات في بعض الجامعات والاشتباكات المشبوهة بين المؤيدين لإسرائيل والفلسطينيين، إضافةً أن الاحتجاجات الغير الطلابية لم تعد تتصدر العناوين الإخبارية بنفس القوة كما كانت في السابق، إلا أنها ما زالت موجودة، ويشير هذا إلى استمرار الحراك الاجتماعي في الولايات المتحدة.

من الجدير بالذكر أن الشهر الجاري يشهد انتهاء العام الدراسي لغالبية الطلاب، مما يعني بدء الاستعداد لحفلات التخرج السنوية في الجامعات الأمريكية، هذا الوقت من السنة يأتي مع تقليل نشاط الاحتجاجات بشكل طبيعي نظراً لانشغال الطلاب بالامتحانات وانتهاء الفصل الدراسي ومع بداية فصل الصيف وعودة الطلاب إلى منازلهم، يثار السؤال حول مصير الحركة الاحتجاجية وإمكانية استمرارها بقوة خلال الفترة القادمة، وكما يبدو أن التساؤلات السياسية تتزايد أيضا، حيث يتساءل البعض عما إذا كانت هذه الحركة ستؤثر على الانتخابات المقبلة وستكون قادرة على تغيير المواقف تجاه إسرائيل أو حتى على تحطيم الهيمنة الحزبية الثنائية في السياسة الأمريكية.

Exit mobile version