خاص الهديل
بقلم: ناصر شرارة
تعتقد صحيفة هأرتس هذا الصباح أن وعود رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بتنفيذ مفاجآت على لبنان، هو كلام يثير في أثره الكثير من الشكوك حول مصداقيته؛ رغم أن الصحيفة تتساءل عن المفاجآت التي سيفعلها نتنياهو حتى شهر أيلول، وهو الموعد الذي قطعه على نفسه لإعادة المهجرين الإسرائيليين عن مستوطناتهم على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة مع لبنان؟؟.
تميل هأرتس إلى التشكيك بكلام نتنياهو بخصوص القيام بحرب ضد لبنان خلال فترة المئة يوم القادمة (أي الفترة بين حزيران وأيلول)، وذلك لعدة أسباب رئيسية، أبرزها أن إسرائيل بعد المشاكل التي برزت على مستوى تزويدها بالسلاح بات عليها أن تعتمد “إدارة مقتصدة لاستعمال الذخائر والسلاح”؛ وهذا الواقع يعني أن تل أبيب لا يمكنها الذهاب لحرب مع لبنان في ظل شح تسليحي على مستوى الذخائر..
.. باختصار طالما أن إسرائيل في حالة اقتصاد بالذخيرة فهي ستكون مضطرة أيضاً لأن تقتصد بفتح الجبهات، وخاصة الجبهة اللبنانية التي ستمتاز بأنها ستكون مكلفة عسكرياً.
السبب الثاني الذي تشير إليه هأرتس تضعه تحت عنوان حاجة إسرائيل لإدارة سياسة مقتصدة بالباقي غير الكثير من أعصاب ومعنويات الجنود والضباط في الجيش الإسرائيلي؛ وهذا الأمر أشد خطورة من الحاجة للاقتصاد بالتسلح والتذخر.
منذ ٧ أكتوبر العام الماضي تم دعوة قوات الإحتياط ثلاث مرات متتالية للعودة إلى الحرب؛ وهذا الواقع أرهق قوات الإحتياط وبدأ جنود وضباط يطالبون بإعفائهم من الخدمة. وفي مثل هذا الوضع المتسم بالإرهاق الذي تواجهه قوات الاحتياط من الصعب الحديث عن التحضير لبدء حرب على لبنان؛ ذلك أنه سيكون هناك حاجة لتنشيط الصحة النفسية واللوجستية لقوات الاحتياط قبل جزها بحرب جديدة؛ ويستلزم حصول هذا التعافي فترة أطول من مئة يوم بكثير!!..
السبب الثالث يتصل بوجود سؤال عن ما إذا كانت المفاجآت تجاه جبهة الشمال مع لبنان التي يتكلم عنها نتنياهو، هي غير عسكرية؛ وذلك من نوع أن تنجح إدارة بايدن عبر آموس هوكشتاين بتحقيق اختراق على جبهة التفاوض الحدودي البري بين لبنان وإسرائيل قبل شهر أيلول موعد دخول التلاميذ إلى المدارس في إسرائيل.. ولكن تحقق مثل هذا الخرق يجب أن يسبقه إعلان هدنة في حرب غزة؛ ذلك أن حزب الله يعلن المرة تلو الأخرى أنه لن يوافق على أي وقف للنار في جنوب لبنان ولن يوافق على أي حديث بخصوص مهمة هوكشتاين إلا بعد وقف النار في غزة. وفي خطابه الأخير قبل يومين جدد السيد حسن نصر الله في خطابه، أن المواجهة مع إسرائيل تتم تحت عنوان أساسي وهي إسناد حرب حماس وفصائل المقاومة الفلسطينية الأخرى في غزة.
طبعاً كل الأسباب الواردة أعلاه والتي تبرر لماذا يجب التشكيك بصدقية كلام نتنياهو عن مفاجآت يخبئها للجبهة مع لبنان حتى موعد أيلول؛ لا تلغي إمكانية أن يكون أدى نتنياهو ما يخفيه فعلياً؛ خاصة وأن الأسباب التي تنفي المفاجآت تظل أسباباً تقنية رغم أهميتها؛ بمعنى أنها أسباب مؤثرة ولكن يمكن لتل أبيب تجاوزها بالاعتماد على فكرة أن أميركا لا يمكنها ترك إسرائيل من دون فائض ذخيرة في حال دخلت حرباً مع حزب الله، خاصة وأن بايدن سيكون حينها في عز حاجته لاستمالة الصوت اليهودي والمال الصهيوني لتمويل انتخاباته الرئاسية؛ كما أن منظومة الرد الصاروخي الإقليمية التي خرجت للنور يوم القصف الإيراني على إسرائيل من غير المستبعد أن تبرز إلى النور في أية حرب مقبلة بين إسرائيل وحزب الله الذي سيتم تسليط الضوء الإعلامي عليه بأنه درة التاج الإيراني داخل قوس نفوذها العسكري في المنطقة. قد يكون أخطر ما يضمره نتنياهو بكلامه عن القيام بمفاجآت ضد لبنان، هو أن يكون رهانه على توريط أميركا بخوض الحرب نيابة عنه مع حزب الله.. وسيسعى نتنياهو لتحقيق هدفه هذا من خلال اقتناص فرصة أن الحزب ينفذ عملية تؤدي بالمصادفة لقتلى مدنيين إسرائيليين؛ أو من خلال افتعال حدث أمني كبير في الخارج، يتم اتهام الحزب به كمقدمة لِجر بايدن من لحظته الانتخابية الحرجة التي يكون فيها بأمسّ الحاجة للصوت اليهودي الصهيوني، ليتم تلزيمه توجيه حملة جوية وصاروخية استراتيجية ضد حزب الله تحت عنوان تحقيق مطالب إسرائيل بالقرار ١٧٠١.