خاص الهديل:
بقلم: ناصر شرارة
هناك تيار واسع في إسرائيل يعتقد بثقة أن كل قرارات الهيئات الدولية لا تؤثر على رمش واحد من جفون عين إسرائيل؛ ذلك أن الكيان العبري يعيش في ظل ثلاثية فولاذية لا تُهزم مفادها: “الكتاب المقدس” و”مفاعل ديمونا” و”الولايات المتحدة الاميركية”.
بعد ساعات قليلة من صدور قرار محكمة العدل الدولية بوقف الحرب على رفح تقصدت إسرائيل ارتكاب مجزرة هناك؛ وبدأت بتوسيع هجومها العسكري التدميري ليطال داخل مدينة رفح..
التصعيد الإسرائيلي في رفح يريد توجيه ثلاث رسائل مباشرة؛ الأولى تفيد بأن تل أبيب لا تعير القرارات الدولية التي تخالف إرادتها أية أهمية.. وهذه رسالة موجهة بالأساس للمجتمع الإسرائيلي وللوبيات اليهودية في العالم؛ وهي موجهة أيضاً للجيش الإسرائيلي الذي تخشى قيادته من أن تتأثر معنوياته نتيجة وصف حربه في غزة بأنها إرهابية وحرب إبادة جماعية سيتم مساءلة كل المشاركين فيها أمام القانون الدولي عاجلاً أم آجلاً..
الرسالة الثانية تستهدف إحراج إدارة بايدن التي تكرر كل يوم بأنها لن تغطي أية عملية إسرائيلية ضد رفح إلا إذا ضمنت إسرائيل لها أنها لن تتضمن عمليات قتل ضد المدنيين الفلسطينيين.
ما تريده إسرائيل هو حشر بايدن في زاوية أن عليه التخلي عملياً عن شرطه الذي يطالب بعملية “نظيفة” في رفح؛ وأن يدعم سيطرة الجيش الإسرائيلي على كل رفح بغض النظر عن الثمن الذي سيدفعه سكان غزة.
والواقع أن فلسفة نتنياهو تجاه إدارة بايدن تقوم على نظرية تقول أنه في زمن الإنتخابات الأميركية يجب التعامل مع رئيس أميركا المرشح لولاية رئاسية ثانية، بوصفه ليمونة يجب عصرها حتى آخر قطرة فيها. وهذا ما بدأ فعلياً يمارسه نتنياهو مع بايدن خلال هذه المرحلة التي تبعد عن موعد انتخابات أميركا الرئاسية مسافة خمسة أشهر.
الرسالة الثالثة التي يريد نتنياهو توجيهها من وراء مجزرة رفح التي ارتكبها يوم أمس موجهة إلى الشارع الإسرائيلي الذي بدأ ينضم إليه بالتتالي زعماء المعارضة من غانتس إلى لابيد إلى ساعر وآخرون.. ورسالة نتنياهو لهؤلاء هو أن منطق السيف سيظل هو المسيطر على المناخ السياسي الإسرائيلي الداخلي؛ ومن يقف بوجه السيف سيقطع رأسه!!
https://youtu.be/CSJ1HlXQKaU?si=-HoXynq56VasRKsj