د. حمد الكواري:
متى نفهم دورنا في استثمار فرص التاريخ؟
طوفان من التغيير يجتاح العالم
ما المطلوب من الفلسطينيين والعرب!
-
ليس غريباً أن يصدح المفكر الفرنسي إيمانويل تود بأن الغرب يسير في اتجاه الأفول، ففي كتابه “هزيمة الغرب” يقدم قراءة موضوعية للنظام الدولي الجديد، والآن أقرأ الكتاب وكأني أقرأ كتابا يتحدث عن اللحظة الراهنة.
-
ما لمسته أثناء وجودي في أوروبا وتنقلي في بعض عواصمها، ومن تبادل النقاش والمعلومات مع بعض الأصدقاء الأوروبيين، أتاح لي الفرصة للاطلاع على التغييرات التي تشهدها القارة الأوروبية وبالذات عنصر الشباب تجاه القضية الفلسطينية، وباعتباري عشت في أوروبا ردحا من الزمن سفيرا ومعايشا لأحداث مهمة ذات علاقة بالقضية الفلسطينية وشاهدت ردود الفعل وقارنت بين آنذاك والآن فإني أستطيع القول أن الأوضاع قد تغيرت حقا، وان الأوضاع تسير نحو تغيير جذري، وعلى الأقل لا تشعر بأجواء العداء للعرب والتعاطف مع السردية الاسرائيلية، إننا اليوم نجد تفهما وتجاوبا لا نجدها في بعض الدول العربية، وجاء حين من الدهر استولى على الغرب دولا وشعوبا حالة غريبة لا تفتقد التعاطف مع الفلسطنيين فقط، بل التطابق التام مع الموقف الصهيوني.
-
إن الصلف والغرور الاسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية الحالية الذي سيطر على جرائم اسرائيل في غزة خاصة وفي فلسطين عامة، قد كشف الوجه الحقيقي لطبيعة اسرائيل وسياساتها، والدعم الحكومي المطلق من حكومات الغرب لاسرائيل في بداية الأزمة كان له ردة فعل معاكس تماما لدى الشعوب، ذلك منطق تاريخ جديد بدأ في الظهور، فمن يستطيع إيقاف صحوة ضمير الجيل الجديد؟ من يستطيع الوقوف ضد المستقبل؟
-
وما التغيير الذي نشهده في الأمم المتحدة ولدى بعض دول الغرب تجاه الاعتراف بالدولة الفلسطينية، من أكثرية دول العالم عبر الجمعية العامة، ومن دول ذات وزن مثل إسبانيا والبرازيل والدول الإسكندنافية والاقتناع بأن القضية الفلسطينية قضية إنسانية وقضية شعب جدير بالحياة إلا نتيجة للعدوان الاسرائيلي الذي تجاوز كل الحدود.
-
ولكن في نهاية المطاف يبقى إصلاح الحال والنفس أساسا للبناء على هذه التطورات.
“إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ “
على الفلسطينيين تطهير مؤسساتهم من الفساد وتوحيدها.
وعلى العرب البناء على الوضع الجديد ودعم الفلسطينيين، والدول التي وقفت إلى جانب العدل،
وأي تخاذل من جانب الفلسطينيين اولاً ثم العرب ثانيا، فإنه يعني إضاعة فرصة قد لا تتكرر.
الأزمات عبارة عن فرص، فمتى نفهم دورنا في استثمار فرص التاريخ؟