الهديل

خاص الهديل: ورشة إسقاط نتنياهو عملية تضليل لطمس مسؤولية واشنطن عن حرب إبادة غزة!!

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

عضو مجلس الحرب الإسرائيلي يدعو لانتخابات مبكرة في الخريف القادم سواء بالتوافق مع نتنياهو أم بإسقاط إئتلاف حكومته في الكنيست. ليس واضحاً إذا كان تحقيق هذا الهدف سيكون ممكناً نظراً لكون نتنياهو يستند إلى أغلبية نيابية يمينية (٦٤ نائباً) مستقرة ولا يمكن اختراقها. وأمس نشرت ما يمكن تسميتها “بالمعارضة الجديدة” صوراً لأبرز أقطابها في أول إشارة عملية إلى أن رحلة هز عرش نتنياهو بدأت؛ وجمعت الصورة جدعون ساعر رئيس حزب اليمين الرسمي، والرجل الذي سبق له ونافس نتنياهو على رئاسة الليكود؛ ويائير لابيد زعيم المعارضة، وافيغدور ليبرمن زعيم حزب إسرائيل بيتنا والذي اختلف داخل اليمين مع نتنياهو في غير مناسبة.

وفي حال ولدت هذه “المعارضة الجديدة” كما هو مخطط لها في هذه الأيام؛ فإنه من المنتظر أن ينضم إليها غانتس ومعه ايزنكوت الذي أشار إلى خطتها (أي المعارضة)، وهي فرض انتخابات مبكرة في خريف ٢٠٢٥. 

.. ولكن على الطريق لبلوغ موعد الخميس، يوجد بعد نحو أسبوع موعد آخر لبدء الصدام الداخلي في إسرائيل مع نتنياهو، وهو يوم ٨ حزيران الذي حدده غانتس كموعد لاستقالته من كابينت الحرب في حال لم يوافق نتنياهو على إعلان خطته عن اليوم التالي. بطبيعة الحال لن يستجيب نتنياهو لإنذار غانتس، وسيودعه لخارج باب الكابينت عند خروجه منه.

وضمن كل هذه الصورة تبدو هناك مشكلة داخل نظرية مطروحة وقوامها السعي لوقف الحرب في غزة من خلال إسقاط نتنياهو!!

أولاً: هذه النظرية غير صحيحة وليست دقيقة ومضللة؛ لأن الإيحاء بأن هناك تحرك داخل إسرائيل وفي البيت الأبيض، لإسقاط نتنياهو كونه لا يريد وقف حرب غزة لا يوجد له معطى مادي؛ ذلك أنه لا يمكن إسقاط حكومة نتنياهو داخلياً إلا إذا توفر شرط واحد إلزامي؛ وهو إقناع طرف في الأحزاب الدينية الستة المشكلة منها حكومته؛ بالفكاك عنها. وهذا أمر مستحيل، كون هذه الأحزاب التي سيتم الطلب منها ترك نتنياهو لأنه لا يريد وقف الحرب في غزة (!!)؛ هي ذاتها التي تهدده بالانفصال عنه وبإسقاط حكومته في حال وافق على وقف النار في غزة(!!)

ثانياً: هذه النظرية (وقف الحرب بإسقاط نتنياهو) مضللة، كونها تريد تغطية حقيقة استراتيجية مفجعة وأساسية ومسؤولة عن استمرار الحرب؛ وهي أن الطرف الذي بيده وقف حرب غزة، ولكنه لا يفعل، هو رئيس الولايات المتحدة الاميركية بايدن!!

منذ أكثر من سبعة أشهر لم ينطق بايدن بشكل صريح بعبارة “وقف الحرب فوراً”؛ وهو يستمر بالتفوه بعبارات تدعو لتقليل بما معناه “لتقليل خسائر الحرب”؛ وهذا مصطلح غير مسبوق في إدارة أزمات إنهاء الحروب في العالم.

نفس المنطق يمارسه بايدن في أوكرانيا؛ فهو “يسلح الحرب هناك”؛ ولا يعمل لإيقافها؛ ويغذي مع بريطانيا خوف أوروبا من روسيا، وهو بذلك يوسع عملياً نتائج حرب أوكرانيا إلى القارة العجوز بدل أن يكبح توسعها.. والحال ذاته يتبعه في السودان حيث بات واضحاً أن إدارة بايدن تمارس هناك “استراتيجية تنظيم الحرب” بين البرهان وقوات الدعم السريع، وليس “وقف الحرب” بينهما. واستطراداً تمارس واشنطن في ليبيا سياسة “وقف إطلاق النار” وليس “حل الأسباب السياسية” التي أدت للحرب. ورغم أن إدارة بايدن وافقت مع دول عدة على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية أواخر العام الماضي في ليبيا وذلك لإعادة إنتاج السلطة هناك؛ إلا أنها رفضت فرض عقوبات على معرقلي إجراء الإنتخابات، وبدل ذلك أعلنت أنها مستعدة فقط لفرض ضغوط سياسية على معرقلي الإنتخابات.(!!)..

.. وفي رفح بدأت إدارة بايدن بالتهديد بخفض صفقات الأسلحة الأميركية لإسرائيل في حال اقتحمت رفح، ولكنها الآن تخفض سقف اعتراضها على دخول إسرائيل رفح، بدل أن تخفض صفقات أسلحتها إليها!!

ثالثاً: نظرية إظهار أن إسقاط نتنياهو، سيكون بمثابة عملية عقاب لإسرائيل عن المجازر المرتكبة في غزة؛ هو أمر تضليلي ومقصود ومدبر وغايته حصر مسؤولية المجازر في غزة بشخص نتنياهو، أو حصرها بالكاد بنتنياهو وغالانت ووزراء من اليمن المتطرف؛ علماً أن مجزرة غزة التي تساوي من حيث نتائجها الكارثة الفلسطينية الأولى عام ١٩٤٨؛ تقع المسؤولية عنها أيضاً على عاتق واشنطن ومعها باريس ولندن. فهذه الدول الثلاث غطت سياسياً وتسليحياً (ولا تزال) حرب غزة التي تسميها محكمة العدل الدولية بحرب إبادة غزة.

Exit mobile version