الهديل

خاص الهديل: خطاب بايدن: مقترح إسرائيلي بضمانات أميركية قد يرفضها نتنياهو!!

خاص الهديل:

بقلم: ناصر شرارة

يحتاج مشهد ليلة أمس المتعلق بخطاب الرئيس الأميركي جون بايدن إلى تفسيرات بالشكل وبالمضمون. فبايدن قال أنه يطرح مقترحاً إسرائيلياً، الأمر الذي أثار مباشرة السؤال حول لماذا بايدن يطرح المقترح الإسرائيلي وليس رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟؟.

 

ثم شرح بايدن في خطابه تفاصيل المقترح الإسرائيلي – حسب قوله – المؤلف من ٣ مراحل والذي سيؤدي لوقف النار في حال التزمت حماس بتعهداتها(!!) وإلى انسحاب إسرائيل من غزة وإلى عودة الغزاويين إلى بيوتهم ومناطقهم في شمال غزة.

 

بعد ساعات قليلة على خطاب بايدن الذي أسماه بالمقترح الإسرائيلي صدر عن نتنياهو تعليق غير مباشر بأن إسرائيل ستكمل تحقيق أهداف الحرب وأن الكابينت مُجمِع على استعادة الأسرى!!.

 

لم يحمل كلام نتنياهو أي رد مباشر على خطاب بايدن ولا على المقترح الذي قال بايدن عنه أنه مقترح إسرائيلي.. وبالمحصلة تجاهل نتنياهو وجود حدث إسمه المقترح الإسرائيلي وكل خطاب بايدن..

 

.. وأبعد من ذلك؛ لأول مرة لم تصدر تعقيبات سريعة لا من سيموتريتش ولا من بن غفير؛ وقد يكون صمتهما مرده أنهما في يوم سبت؛ أو أنهما استغلا طقس صمت السبت حتى يتهربا من فتح مواجهة مباشرة وسريعة مع بايدن. 

 

وبانتظار انتهاء صمت السبت لمعرفة كيف سيتعاطى نتنياهو واليمين والمعارضة في إسرائيل مع المقترح الإسرائيلي كما جاء على لسان بايدن؛ يظل السؤال المهم هو هل فعلاً المقترح الذي قدمه بايدن هو بالحرف مقترحاً إسرائيلياً؟؟.. وإذا كان الأمر كذلك، لماذا تجاهل نتنياهو تأكيد هذا الأمر في كلامه الذي صدر بعد خطاب بايدن؟.

 

ظاهر الأمور كما برز حتى اللحظة يدفع للاستنتاجات التالية: 

 

أولاً – كلام بايدن أمس يمكن تقسيمه لقسمين إثنين كلاهما لهما نفس الأهمية: القسم الأول هو خطاب بايدن ذاته؛ والقسم الثاني هو المقترح الإسرائيلي الذي ورد في سياق خطاب بايدن.

لا شك أن بايدن عرض مقترحاً إسرائيلياً وليس مقترحاً أميركياً ولا مصرياً ولا قطرياً؛ ولكن بايدن قام بإضافة تفسيره على هذا المقترح؛ بمعنى أن بايدن قال لنتنياهو أمس أن عليه قبول المقترح الإسرائيلي مع تفسيرات واشنطن له ولكيفية تنفيذه.. مثلاً قال بايدن في خطابه “ان المرحلة الثانية ستؤدي لوقف نار شامل ودائم”؛ الأكيد أن مثل هذه العبارة غير واردة بالحرف في المقترح الإسرائيلي، ولكنها تشكل جزءاً من تفسير بايدن للمقترح الاسرائيلي.. والجديد هنا هو أنه لم يعد ممكناً أخذ المقترح الإسرائيلي بمعزل عن تفسير بايدن له؛ أو عن خطاب بايدن الذي أعلن فيه المقترح الإسرائيلي.  

 

الافتراض العام السائد في هذه اللحظة – وهنا يقع الاستنتاج الثاني – يفيد بأن قيام بايدن شخصياً بإعلان المقترح الإسرائيلي، أعطى حظاً أكبر لفرصة إبرام هدنة هذه المرة؛ فبالمحصلة يقدم رئيس الولايات المتحدة الأميركية بنفسه ضمانة، ولو شفهية، لتنفيذ هذا الاتفاق الذي من بين أهدافه المرتجاة وقف الحرب وإعادة إعمار غزة وإعادة النازحين الغزاويين إلى بيوتهم.. 

 

الاستنتاج الثالث يذهب للاعتقاد بأن بايدن أعلن المقترح الإسرائيلي حتى يدفع الإحراج عن نتنياهو الذي يتوقع أن يواجه عاصفة اعتراضات كبيرة ضده من اليمين المتطرف فيما لو قام هو شخصياً بإعلانه. 

 

والواقع أنه من بين الملاحظات التي رصدها الإعلام الإسرائيلي بعد خطاب بايدن هو نشوء حالة غضب لدى الإسرائيليين لأنهم استمعوا لأخبار مقترح حكومتهم لاسترجاع الأسرى من البيت الأبيض وليس من رئاسة حكومة إسرائيل.  

 

.. أما الاستنتاج الرابع وهو الأكثر ترجيحاً فهو يتصل بأن بايدن قرر إعلان المقترح الإسرائيلي مع إضافة تفسيره عليه، حتى لا يسمح لنتنياهو بأن يكرر ما فعله مع المقترح الماضي الذي وافق عليه ومن ثم تراجع عنه بعد موافقة حماس عليه..

 

وما يريده بايدن هو وقف إطلاق النار قبل موعد عقد مؤتمر الحزب الديموقراطي في أواسط حزيران ٢٠٢٤ لترشيحه، إذ بعد هذا التاريخ سيتفرغ بايدن ومساعدوه لحمى الإنتخابات الرئاسية؛ وعليه فإن إدارته تريد أقله فترة هدوء تمتد من ٦ إلى ٧ أشهر على جبهة غزة؛ حيث يجري خلالها توقيع اتفاق التطبيع بين تل أبيب والرياض؛ وهذا إنجاز سيقدمه الحزب الديموقراطي على أنه نصر سياسي كبير له وسيوظفه لصالحه في صندوقة الإنتخابات الرئاسية.. 

هل يسهل نتنياهو خطة بايدن هذه؛ أم أنه سيخرج غداً ليقول أن المقترح الإسرائيلي طرأ تعديلات غير مقبولة عليه من قبل بايدن؛ ما يجعله غير مناسب لتطبيقه من قبل تل أبيب؟؟.

Exit mobile version