د. حمد الكواري:
ازدواجية المعايير في عالم يختل فيه التوازن..
“حرية التعبير تتجزأ في فرنسا، فرغم أن الخطاب الرسمي الفرنسي يحاول أن يزعم ويَعِظَ العالم بأن فرنسا مصدر وأُم لـ”حرية التعبير” إلا عندما يتعلق الأمر بها، هنا تقفز ازدواجية المعايير
فرانسوا_بورغا
-
ذاكرتنا ليست قصيرة، فالذاكرة تسعفنا دائما لفهم الآخر ولاستخراج العبر، ولعلكم تتذكرون الحملة الشرسة التي تعرضت لها بلدنا قطر بعد اختيارها لاستضافة كأس العالم فيفا_قطر_2022 حتى تمت الاستضافة على أفضل وجه، بشكل لم يسبق له مثيل في جميع دورات تنظيم الكأس، وكان الغرب بالذات يشن حملات ظالمة سواء بالشك في قدرتنا على أداء الاستحقاق، أو الاتهام بخرقنا لحقوق الإنسان وظلمنا للعمال، وبالسعي في فرض قيم تتناقض مع ثقافتنا وغير ذلك كثير
ها هي فرنسا تستضيف هذا الصيف اولمبياد 2024؛
هل سمعتم في الإعلام الفرنسي أو الغربي عن نقد بأي شكل من الأشكال!
وهل تابع أحد استعداداتها ومدى قدرتها على أداء الاستحقاق المطلوب؟
وهل تحدث أحد عن حقوق العمال الأفارقة والعرب الذين يقومون بالعمل من أجل هذا الاستحقاق؟
أم تمرّ الاستعدادات في جو من الصمت؟
-
عدت للتو من باريس وهي مدينة أعشقها وعشت فيها سنوات وتعلمت لغتها، وأحمل ثلاثة أعلى أوسمة من 3 من رؤسائها (متران، دستان وهولند)
-
وصادف أن معظم المواقع التي يعملون بها لتكون مكانا للأولومبياد في نفس الحي الذي اسكن فيه منذ عرفت باريس وهو الحي السابع حيث الانفاليد (قبر نابليون) وبرج ايفيل وهذا الحي مرتبط بالحي الثامن الشانزليزيه الحي الأشهر في باريس ويفصلهما جسر قصير هو (الألما).
وقد لاحظت أن الترتيبات مؤقته لا تضيف لباريس جمالا، بل على العكس شوهت جمال المدينة، كما لاحظت أن معظم العمال الذين يعملون ليل نهار لتركيب المواقع من أفريقيا ومن دول المغرب العربي.
كما لا حظت أن باريس الآن وقبل الألعاب بفترة أصبحت حركة المرور مزدحمة ولا تطاق، وأن معظم الطرق مغلقة وما اسمعه من الفرنسيين أنفسهم أنهم لا يتطلعون إلى قضاء الموسم فيها، بقدر ما يأملون أن يتمكنوا من ترك باريس، حتى تنتهي الألعاب ويتم التنظيف، هذا إن تم لتعود باريس إلى حيويتها وجمالها.
-
ترى هل استمعتم من انتقد أو على الأقل قيَّم الاستعدادات؟
إنها ازدواجية المعايير، لا شيء غير هذا الوصف البسيط ولعالم يختلّ فيه التوازن حتى في قلب دولة تدعي أنها مصدر حرية التعبير.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية