خاص الهديل:
بقلم: بسام عفيفي
التقى زعماء الغرب في جنوب فرنسا بمناسبة الذكرى الثمانين لإنزال الحلفاء في النورماندي؛ وهو الإنزال العسكري الذي قاد لانتصارهم على المانيا.
والواقع أن إجتماع هذا العام لم يكن فقط من أجل إحياء مناسبة أكبر حرب جرت في أوروبا منذ ثمانين عاماً؛ بل حمل في طياته أيضاً أن حرب النورماندي قد تعود إلى أوروبا مرة أخرى؛ ولكن هذه المرة ليست ضد هتلر المانيا، بل ضد بوتين روسيا حسبما قال الرئيس بايدن أمس في مداخلته الصحفية مع ماكرون حيث ردد مرات عدة عبارة أن خطر بوتين الروسي في حال انتصر على أوكرانيا، سيهدد باقي الدول الاوروبية!!.
وابتعد الرئيس الفرنسي أمس كثيراً في تأييده لموقف بايدن من التشدد ضد بوتين؛ وبالاساس فإن فرنسا تريد رؤية كل حلف الناتو وبمقدمته واشنطن، وهي تنفذ “إنزال عسكري وسياسي مبكر في نورماندي العام ٢٠٢٤”؛ ذلك أن ماكرون يخشى من أن ترامب في حال وصوله للبيت الأبيض فإنه قد يبرم مع “بوتين موسكو” صفقة على حساب مصالح أوروبا.
وبعيداً عن هموم أوروبا وعواصفها الروسية والأوكرانية، فإنه ما لفت النظر أمس هو كلام ماكرون خلال مشاركته في لقاء صحفي واحد مع بايدن، قوله أن باريس مع واشنطن سوف تعملان لاستعجال تخفيف حدة التصعيد بين إسرائيل وحزب الله.
.. وبالإستناد لمصادر متقاطعة فإن خلوة الرئيسين الأميركي والفرنسي التي سبقت بيانهما الصحفي أمس؛ توقفت عند الوضع في لبنان بوصفه واحداً من الملفات الهامة التي ناقشها الزعيمين الأميركي والأوروبي. وضمن هذا الإطار قدمت هذه المصادر لمرجعية لبنانية هامة الملاحظات التالية عن ما جرى في لقاء النورماندي، وعن الحصة التي نالها لبنان خلال لقاء ماكرون – بايدن على هامش أعماله:
الملاحظة الأولى ركزت على أن بايدن اهتم خلال مشاركته هذا العام في لقاء النورماندي بقضية أساسية وهي تصفية كل ذيول الخلاف الكبير الذي نشب منذ نحو عامين بين باريس وواشنطن على خلفية إقدام الأخيرة على “سرقة” صفقة الغواصات التي كانت أستراليا تريد شراءها من باريس بمليارات الدولارات.
الملاحظة الثانية وهي استتباع للملاحظة الأولى ومفادها أن كلاً من بايدن وماكرون دخلا منذ يوم أمس مرحلة “شهر عسل سياسي”؛ ومن هنا يدور الحديث داخل الإليزيه عن أن الرئيس الفرنسي حصل أو سيحصل من بايدن على ضوء أخضر أميركي جدي هذه المرة من أجل القيام بدور تاريخي وكبير في لبنان.
الملاحظة الثالثة تقول أن ماكرون وبايدن اتفقا ضمن التوجه الإيجابي الجديد بين بلديهما على توزيع المهام بين فرنسا وأميركا لاحتواء الوضع اللبناني من كل جوانبه: فبخصوص الجانب المتعلق بالتصعيد بين حزب الله وإسرائيل الناشب على الحدود سوف تعمل أميركا عبر هوكشتاين على تبريد تلك الجبهة.. وليس مستبعداً أن تشارك باريس بهذا الجهد من خلال ضخ مزيد من التواصل داخل قناة الإتصال القائم بين سفارتها في لبنان وحارة حريك.
.. وبخصوص ملف رئاسة الجمهورية في لبنان، فسوف يعمل لودريان بدعم قوي من واشنطن لإنهاء الشغور الرئاسي بغضون هذا الشهر.
.. أما بخصوص ترتيب الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل وملف غاز لبنان؛ فإن الطرفان الفرنسي والأميركي اتفقا على قيادة عمل مشترك واستراتيجي وبعيد المدى على هذا الصعيد.
وتختم هذه المصادر بأن هناك استعداد في باريس لبدء مرحلة جديدة من دورها في لبنان وسوف يتم تحت عنوان حراك فرنسي كثيف مدعوم من تأييد أميركي قوي وجدي.
الأيام المقبلة سوف تظهر ما إذا كان الدفع الإيجابي الجديد السائد بين ماكرون وبايدن سيكون له انعكاسات جدية فوق الساحة اللبنانية؛ أم أن التفاؤل القادم من النورماندي إلى لبنان، هو مجرد تمنيات اللحظات الأخيرة المتبقية من عمر ولاية بايدن في البيت الأبيض، قبل دخول ترامب إليه حسب التوقعات..