خاص الهديل:
بقلم: بسام عفيفي
يوجد للرئيس سليم الحص، عبارة مشهودة مفادها أنه في لبنان لا توجد ديموقراطية بل حرية..
.. ويريد الرئيس الحص عبر قوله هذا أن يعبر عن مناحي الفوضى التي أضرت بأمن لبنان وبانتظام الحياة السياسية في بلد الأرز..
لا يعني ما تقدم أن المطلوب بنظر الحص الإنساني والديموقراطي، قمع الحرية أو ضرب الحريات، بل المطلوب بإلحاح من وجهة نظره هو ترشيد الحرية لتصبح تجسيداً لمعناها الحضاري والإنساني الذي يقول أن حرية الإنسان تتوقف عندما تبدأ حرية الآخرين؛ والمطلوب الإشارة بشكل قاطع إلى أن الديموقراطية هي ممارسة مسؤولة للحرية وليس تهديماً ممنهجاً للوطن ومؤسساته تحت عنوان استغلالها لتصبح معولاً يهدم بدل أن يبني.
لماذا نستعيد الآن مقولة الرئيس سليم الحص؟؟.
.. لسببين إثنين:
أولاً للإشارة إلى استمرار لبنان يرزح تحت عبء أن فيه فوضى وليس ديموقراطية شكّل أحد الأسباب المسؤولة عن إيصاله إلى واقعه المتردي الحالي.
السبب الثاني هو ما يمكن تسميته بالوعي الكويتي الإستراتيجي الذي قاده أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي نجح في اللحظة المناسبة والثمينة أن يرسم خطاً واضحاً بين المسؤولية وبين الفوضى، وبين الديموقراطية المسؤولة وبين الاعتداء على مصالح البلد العليا بإسم الديموقراطية غير الصادقة والفوضوية.
لقد كان أمير الكويت الشيخ مشعل الصباح واضحاً منذ البداية حينما لفت نظر كل القوى السياسية إلى ضرورة إصلاح سلوكهم السياسي باتجاه أن يصبح سلوكاً وطنياً وليس فئوياً تخريبياً؛ وقال بالفم الملآن لجميع الكويتيين بعد الانتخابات الحرة الأخيرة: لقد أصبح لديكم برلماناً حراً، وأصبح لديكم حكومة جديدة؛ وكل المطلوب منكم هو إثبات المسؤولية في ممارسة الديموقراطية التي تنعم بها الكويت حتى يمكن الحفاظ عليها وحتى تستفيد الكويت منها باتجاه التطور والإزدهار والإستقرار.
لقد سقطت قوى سياسية كويتية وازنة في امتحان الوعي الكويتي الإستراتيجي؛ حيث غالت هذه القوى باستغلال الديموقراطية، وبتحويل حقها بممارسة النقد البناء إلى استسهال القدح والذم والتطاول على القيم الوطنية الكويتية وثوابت مواطني الكويت..
كان لا بد بعد كل هذه الفرص التي أعطيت من دون جدوى لإنقاذ الديموقراطية من الفوضى وكي تصحح القوى السياسية من سلوكها؛ أن يقول أمير الكويت المؤتمن على أمن الكويت واستقرارها وتنميتها: كفى.. إن حريتكم تتوقف عند أمن الكويت والكويتيين، وإن الفوضى عدو للكويت ومستقبلها.
حسناً فعل أمير الكويت حينما قرر بشجاعة ومسؤولية أن يأخذ بناصية إصلاح الأمور وإعادة بناء السلوكيات السياسية الصحيحة؛ وذلك حتى لا يصيب الكويت ما أصاب لبنان على مستوى أن الديموقراطية غير المسؤولة فيها باتت تعني تعطيل مرافق الدولة وإلحاق شلل بعملية تداول السلطة وتأمين مصالح المواطن الأساسية.
الكويت هي الآن في حضن الوعي الإستراتيجي الكبير المتمثل بأميرها الحكيم والشجاع والمسؤول؛ وهي تسير بقوة جريان نهر إلى مصبات الاستقرار والتنمية وإعادة الأمور إلى نصابها السليم.
وسوف يكتب التاريخ أن أمير الكويت انتبه في اللحظة المناسبة حيث الشعبوية تسود العالم وتصبح غولاً يقتل الاستقرار ويهدده في دول عريقة، إلى أن الكويت موجودة في لحظة توجب أخذ القرار التاريخي الذي يضع حداً لتعطيل الدولة والبلد فيها بسبب أزمة الممارسات اللامسؤولة للديموقراطية وبسبب تحويل الديموقراطية إلى غطاء للفساد وإلى سلاح يقتل كل جينات الوحدة الوطنية في الكويت الحبيبة.