الجرائم الجنسيّة يوميات لبنانيّة… مَن يحمي أطفالنا؟
لا يمرّ يوم من دون أن نسمع خبراً عن الاعتداء على أطفال أو قصر، حتّى بات الموضوع من الأكثر تداولاً. وتُظهر الأرقام ارتفاعاً في حالات العنف الجنسي ضدّ الأطفال بين عامي 2022 و2023، من 10 إلى 12 في المئة، وتتوزّع الحالات المسجّلة بين 46 في المئة للإناث و54 في المئة للذكور.
وكي لا تستمرّ هذه الأرقام في الارتفاع، لا بدّ من دقّ ناقوس الخطر لمحاولة الحدّ من هذه الجريمة. هنا تُشير الخبيرة في الحماية الأسريّة والناشطة الحقوقيّة رنا غنوي إلى أنّ “القانون هو الرّادع الأوّل والأخير في أيّ بلد في العالم”، وتُتابع في حديثٍ لموقع mtv: “لدينا قانون عقوبات وقانون حماية الأطفال والقاصرين، وعندما تُطبَّق هذه القوانين بشكلٍ منظّم وجيّد، فهذا يشكّل رادعاً مُناسباً”.
ولكن يبدو أنّ القانون في بلدنا لا يكفي أو على الأقلّ يتمّ الاستخفاف به ولا يُطبَّق، لذلك يرى البعض أنّ الإعدام عقوبة مُناسبة لهكذا جرائم تُدمّر حياة الطّفل أو القاصر المُعتدى عليه. إلا أنّ غنوي لا توافقهم وتقول: “أنا ضدّ الإعدام في الوقت الذي يُمكن أن نقوم بإجراءات تخدم المجتمع بدل أن تُدمّره، مع العمل على إعادة الإصلاح والتأهيل”.
وتوضح غنوي: “كما نتعامل مع ضحايا الإدمان، فإنّ الأشخاص الذين يُثبت أنهم ضحايا آفات إجتماعيّة أدّت إلى ارتكاب جنح معيّنة ويثبت الطبّ النفسي استجابتهم للتأهيل، أرى أنّه من الأفضل أن يخضعوا لهذا النّوع من العقاب لجعلهم فاعلين في المجتمع ولا يقتصر الأمر على حجز الحرية فقط”.
وتُضيف: هذا قد لا ينفع في بعض الحالات التي يقول فيها البعض “كلّ واحد بيعمل جريمة بروح على التأهيل وخلص”… مؤكّدةً أنّ “شروط التأهيل دقيقة وعلميّة وليست عشوائيّة، فالحرية تكون مُحتجزة ولكن خروج هذا الشّخص يوماً ما من السجن أو وجوده خارج القضبان سيكون مرتبطاً بخدمة المنفعة العامة”.
الحدّ من هذه الجرائم مُرتبط بمُحاربة الآفة الموجودة في مجتمعٍ مُتهالك يمرّ بأزمة منذ سنوات وهو مجتمع غير متطوّر. هنا المسؤوليّة مشتركة، تقول غنوي: “على السلطات التنفيذيّة من خلال الوزارات المعنيّة أن تطبّق القوانين والرقابة، مع وجود مسؤولية على الأهل باحتضان الأولاد وتشديد الرقابة واعتماد التربية القائمة على الحوار والوعي، ومسؤولية جزئيّة على الأولاد ليتعلّموا من الأهل كيفيّة حماية أنفسهم واستخدام آليات التبليغ لإحقاق القانون”.
وتُتابع: “يجب الحرص على أن تكون آليات التبليغ متاحة بين أيدي الجميع، والقيام بتوعية حول هذا الموضوع والنّهايات التي يُمكن أن يصل إليها”، مُشدّدةً على “ضرورة التبليغ ومعالجة المشكلة”.
كما تلفت إلى أنّ “هناك بعض الدّول التي تعتمد النّظام الإصلاحي في السّجون بالنسبة للقاصرين، أكثر من نظام حجز الحرية والقصاص. فالمساجين في هذه الدول يدرسون ويتعلّمون ويأخذون الشهادات، في ظلّ حجز حريتهم. في لبنان، لدينا ما يُسمّى بالعمل للمنفعة العامة، هذا مقرون ببعض الجنح والجنايات التي قد يرتكبها قاصرون، قد يلجأ القاضي هنا لاتخاذ إجراء رادع تجاه البعض بحجز الحرية والعمل للمنفعة العامة مع إلزام بالمُراقبة الاجتماعية لهذا القاصر وإفادة القاضي بتقارير… وأنا مع تطبيق هذا القانون حتّى على البالغين”.
نتّفق جميعاً أنّ ما من عقوبة كافية لجريمة تدمير طفل جسديًّا ونفسيًّا، وسلبه حاضره ومستقبله. فما الحلّ برأيكم للحدّ من الجرائم الجنسيّة، خصوصاً بين الأطفال والقاصرين؟