خاص الهديل:
بقلم: ناصر شرارة
هناك رسالتان إثنتان وراء التوقيت الذي تقصّد حزب الله أن ينشر فيه حصيلة ما جمعته مسيرته الهدهد من معلومات عن حيفا ومينائها ومنطقتها:
الرسالة الأولى لها علاقة بالرد ميدانياً على ما قاله المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين للمسؤولين اللبنانيين في بيروت؛ وهو كلام فهم منه حزب الله أن زيارة هوكشتاين تبدو في ظاهرها أنها “مسعى للتوسط، ولكنه مغلف برسائل تهديد إلى الحزب وإلى لبنان الرسمي والشعبي” وأيضاً بشكل غير مباشر، إلى إيران..
الرسالة الثانية تتمثل بأن حزب الله تقصّد أن ينشر صور مسيرة الهدهد في هذا التوقيت، كي يؤدي نشرها وظيفة التمهيد إعلامياً وسياسياً لخطاب السيد نصر الله الذي سيلقيه في اليوم التالي (اليوم)، وذلك بمناسبة استشهاد القائد العسكري البارز في الحزب طالب عبد الله.
.. وفيما رسالة الحزب الأولى تريد الرد ميدانياً على تهديدات هوكشتاين المغلّفة بورق هدايا “المسعى العاجل” لقطع مسار شن إسرائيل حرباً إقليمية انطلاقاً من لبنان؛ فإن الرسالة الثانية أراد الحزب بواسطتها مخاطبة جبهته الداخلية عبر القول أن سقوط المزيد من كبار قياديه العسكريين في مواجهات إسناد غزة، لا يعني أن إسرائيل تسجل إنجازات عليه من جانب واحد؛ بل هناك بالمقابل إنجازات ذات طابع إستراتيجي يسجلها الحزب بمرمى تل أبيب؛ وصور مسيرة الهدهد ليست إلا واحدة منها.
.. ومن جهته فقد ترك هوكشتاين في صندوقة بريد لبنان رسالتين إثنتين واحدة للحزب تدعوه لمراجعة سريعة لموقفه على الجبهة الشمالية؛ والثانية للدولة اللبنانية تدعوها لموقف سريع مما يقوم به حزب الله على الحدود الجنوبية اللبنانية مع إسرائيل..
.. وأخطر ما في جعبة هوكشتاين من رسائل للبنان، ليس الرسالتان الموجهتان إلى بيروت وحارة حريك من إسرائيل؛ بل الرسالة الثالثة الموجهة إلى لبنان من إدارة بايدن نفسها، ولو بلسان هوكشتاين الذي أعلن فيها أن المواجهات على الخط الأزرق طالت و”يجب” أن تنتهي؛ والتي قال فيها أيضاً أنه (أي هوكشتاين) موجود الآن في لبنان وإسرائيل لأن الوضع خطر..
ويجدر التنبه في هذا المجال إلى أن هوكشتاين قال نوعين إثنين من التصريحات؛ الأول تمثل بتصريحات مرتجلة وغير مكتوبة؛ والنوع الثاني تمثل بتصريح واحد مكتوب ألقاه من أمام مقر الرئيس نبيه بري؛ وهذا التصريح المكتوب يمكن اعتباره أنه “البيان الرسمي الأميركي” بخصوص موقف إدارة بايدن مما يجري بين لبنان وإسرائيل..
.. ويمكن القول أن هذا “البيان الأميركي الرسمي المكتوب” لم يكن ودياً تجاه لبنان، رغم أن عباراته صيغت بأسلوب يظهر أنه لا يزال هناك وقت أمام لبنان لتفادي الحرب، ولكن هذا الوقت ليس طويلاً؛ أضف إلى أن هذا الوقت صار ضاغطاً دولياً وإسرائيلياً، ولم يعد يتضمن ترف تبديد الوقت الثمين..
إلى ذلك يفترض أن يتضمن خطاب السيد نصر الله اليوم (عصراً) رداً بالمباشر على مسعى هوكشتاين، وعلى ما اقترحه أمس خاصة في جلسته مع الرئيس بري… وفي هذا الإطار سيكون مفهوماً أن يرفض نصر الله خلال خطابه لغة التهديدات معه حتى لو كانت مزينة بورود المساعي؛ ولكن أيضاً سيكون متوقعاً أن يقدم السيد نصر الله بين السطور فرصة لإبقاء باب تخفيض التصعيد في الجنوب، موارباً حتى يمكن تمرير فترة إسناد غزة من دون أن تقع خلالها حرب إقليمية على أرض لبنان.