خاص الهديل..
بقلم: ناصر شرارة
هناك خبر مثير للاهتمام نشرته خلال الساعات الماضية قناة ١١ العبرية.. وحتى نقترب ولو قليلاً من الوضوح لتفسير المعنى الحقيقي الكامن وراء هذا الخبر الملتبس بالشكل وبالمضمون؛ فلا بد من تقديم إيضاح موجز عن القناة التي نشرت هذا الخبر غير الواضح والمثير في الوقت عينه: قناة 11 المعروفة بإسم “قناة كان” هي قناة حكومية مجانية إسرائيلية تدار من قبل هيئة البث الإسرائيلي، تم إطلاقها في 15 مايو 2017 لتحل محل القناة الإسرائيلية الأولى. قامت القناة بتغطية كأس العالم 2018 بتقنية تلفاز فائق الدقة.
من خلال إيراد هذه المعلومات يتضح أولاً أن قناة ١١ تعبر عن الحكومة الإسرائيلية أي أنها قناة رسمية ويتوجب النظر إلى ما تنشره على أنه يحظى بموافقة عليه من قبل كل من الحكومة والدولة في إسرائيل؛ وثانياً كون قناة ١١ (كان) هي مؤسسة تدار بإمكانات كبيرة جداً، فإن هذا العامل يمنح أخبارها نوعاً من الدقة مقارنة بقناة ١٤ مثلاً الناطقة بإسم أقصى اليمين والتي يعوزها المصداقية..
.. والآن؛ ما هو هذا مضمون هذا الخبر المتسم بأنه مثير وأنه غير واضح وذلك لجهة ما إذا كان صحيحاً أو هناك مقاصد استخباراتية أو سياسية تكمن وراءه؟؟..
يقول الخبر كما ورد في قناة (كان) ١١ العبرية أن هناك مجموعة من مقاتلي حزب الله دخلت منذ أيام إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وهي أنشأت (أي هذه المجموعة) نقطة مراقبة داخل “إسرائيل”.
وتتابع قناة ١١ أن الجيش الإسرائيلي يعلم بوجود هذه المجموعة داخل إسرائيل، ولكنه يفضل عدم القضاء عليها حتى لا يزيد من التوتر أكثر على الحدود بين لبنان وإسرائيل!!.
وتضيف قناة ١١ أن تل أبيب تفضل حل هذا الموضوع دبلوماسياً!؟؟
الخبر مثير وغير مفهوم ويحتاج لِكَم كبير من الحذر عند مقاربته والتعامل معه!!.
لماذا؟
لأن الخبر يتحدث عن عبور وتسلل مقاتلي حزب الله إلى داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وهذا يعني أن الحزب نجح في السيطرة على أرض داخل فلسطين المحتلة؛ وأنه قادر على المناورة العسكرية البرية داخل إسرائيل..
وبكل المعاني فإن هذا الخبر لو كان صحيحاً فهو يعني عسكرياً أمراً كبيراً؛ لكونه يشكل اختراقاً عسكرياً من قبل الحزب لخطوط الدفاع الإسرائيلية..
وما يلفت الإنتباه هنا، أو بتعبير أدق فإن ما يثير الإنتباه هنا، هو البرودة التي يتعامل بها المستوى الإعلامي الإسرائيلي الرسمي مع هذا الخبر؛ وأيضاً ما يثير الإنتباه هو المضمون غير المفهومة مقاصده الذي وضعت قناة ١١ الرسمية الخبر فيه..
.. مثلاً ما معنى أن تعترف إسرائيل بشكل شبه رسمي (كون قناة “كان” حكومية) بأن حزب الله ليس فقط نجح بالتسلل إلى داخل أراضي فلسطين المحتلة، بل أيضاً نجح بإنشاء نقطة مراقبة سرية داخل إسرائيل؛ ولقد مضى على إنشاء هذه النقطة عدة أيام؟!..
.. وأيضاً ما معنى أن يقول الإعلام الرسمي الإسرائيلي أن تل أبيب تعلم بوجود نقطة المراقبة السرية هذه التابعة لحزب الله داخل أراضي فلسطين المحتلة؛ ولكن إسرائيل لا تريد ضربها(؟!)، كونها لا تريد توتير الوضع العسكري أكثر مع حزب الله(؟!).
كيف تكون تل أبيب – بحسب قناة ١١ – في موقع الراغبة بعدم توتير الوضع أكثر مع لبنان وحزب الله؛ في حين أن وزير دفاع إسرائيل غالانت ورئيس حكومة إسرائيل نتنياهو ومسؤولين آخرين، يخرجون كل يوم على الإعلام ليهددوا لبنان وحزب الله باقتراب ساعة الحرب الشاملة؟؟.
الواقع أن هذا الخبر يطرح علامات استفهام سياسية كبيرة عن المقصود من وراء نشره(؟؟)؛ كما أن نفس هذا الخبر يحتاج لعمليات تدقيق حول صحته من ناحية، ويحتاج من ناحية ثانية للتدقيق بالأهداف التي تريد تل أبيب الوصول إليها من ورائه، وذلك في حال كان صحيحاً؛ أو حتى في حال كان خبراً مزيفاً!؟.
.. قصارى القول هنا هو أن هذا الخبر هو أكثر من خبر معلوماتي؛ إنه خبر بحجم مناورة أمنية وسياسية، والواضح أن إسرائيل تريد من خلاله استكشاف أمر ما، يتعدى وقائع المواجهة العسكرية على الجبهة الشمالية، ويبحث عن استشراف ملامح اليوم التالي على ضفتي حدود الخط الأزرق؟!.