الهديل

خاص الهديل: لماذا يسعى نتنياهو لإطلاق لقب تشرشل على نفسه(؟؟): لبنان حصان الحرب الإقليمية

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة 

هل يقف لبنان على عتبة حرب تشنها ضده إسرائيل بدعم من الولايات المتحدة الأميركية؟؟.

هذا السؤال مطروح بشدة منذ أسابيع ولكن في الأيام الماضية أصبح الشغل الشاغل للإعلام العالمي. 

لماذا يتم الآن دفع هذا السؤال إلى الواجهة؛ علماً أن المواجهات العسكرية بين حزب الله وإسرائيل مضى عليها تسعة أشهر؛ وشهدت فترات كان التصعيد خلالها يتعاظم ويتجاوز حدود اللعبة المرسومة؛ ومع ذلك لم يسبق أن تم طرح موضوع تحول مواجهات الجبهة الشمالية إلى حرب..

بنظر مراقبين فإن الجديد الذي تشهده الجبهة الشمالية لا يتصل بها؛ بل يتصل بوضع الحرب في غزة وبالمتغيرات التي طرأت هناك، وكلها (أي هذه المتغيرات) مرشحة لأن تنعكس نتائجها على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية: 

أول هذه المتغيرات دخول نتنياهو حرب رفح رغم تحذيرات كل العالم له بضرورة أن يتجنب اقتحام رفح. 

ومنذ بدء معركة رفح تم طرح معادلة تقول أن وضع التطورات على الجبهة الإسرائيلية مع لبنان بات مرتبطاً بما سيحدث في رفح؛ ففي حال طالت معركة رفح فإن مواجهات جبهة جنوب لبنان ستطول؛ وفي حال اضطر نتنياهو إلى اختصار حرب رفح فإنه حينها سيشعل الضوء الأحمر الخاص بالجبهة الشمالية وسيبدأ مناورة بخصوص تهديده بتفجر الحرب مع لبنان تشبه من حيث الشكل والمضمون مناوراته التي شنها بخصوص التمهيد لحرب خان يونس وبعدها لحرب رفح..

 

الفكرة هنا هي أن نتنياهو يبحث عن ميادين جديدة ليبرر من خلالها إطالة الحرب وتأجيل الوصول لليوم التالي في غزة وبدء مسار حل الدولتين؛ وكل ما يريده نتنياهو خلال الفترة التي تفصله عن رغبته برؤية ترامب في الأبيض هو أن لا يجبره بايدن على فتح الملفين السياسي الفلسطيني والداخلي الإسرائيلي؛ وهما أمران يحاذرهما نتنياهو الهارب من دفع الثمن السياسي لوقف النار ومن دفع الثمن الشخصي لتقصيره في ٧ أكتوبر ٢٠٢٣. 

.. وبعد رفح هناك ميدانان إثنان متاحان أمام نتنياهو ليقتحم أحدهما حتى يبرر استمراره بالحرب وعدم إعلان وقف النار المستدام: 

 

الميدان الأول هو الضفة الغربية؛ حيث يخطط نتنياهو أن يستهدف بالحرب الواسعة في المرحلة الأولى منطقة شمال الضفة الغربية والتي تعتبر مدينة جنين ومخيمها عاصمتها.

 

وبنفس الطريقة التي بدأ فيها الهجوم البري على قطاع غزة انطلاقاً من شماله؛ فإن الخطة المقترحة هي أن يبدأ الهجوم البري على الضفة الغربية انطلاقاً من شمالها. 

 

ولكن دون تحقيق هذه الخطة يوجد عوائق عديدة، وكلها إستراتيجية وجوهرية، وأهمها موقف المجتمع الدولي وبضمنه أميركا، الرافض عملياً وليس فقط إعلامياً للحرب على الضفة الغربية؛ بدليل العقوبات المتتالية التي بادرت أوروبا وأميركا إلى فرضها على المستوطنين الذين يحاولون نقل تجربة حرب تدمير غزة إلى الضفة الغربية. أضف لذلك عامل آخر وهي أن إشعال حرب الضفة الغربية ستحول المشهد من حرب بين جيش محتل ومقاومة كما يحدث اليوم في غزة إلى حرب أهلية بين مستوطنين متطرفين وبين فلسطينيين يقيمون على أرض واحدة.. وهذا مشهد قاتل سياسياً وأمنياً وإعلامياً، لا تريد إسرائيل وضع نفسها داخله.  

 

الميدان الثاني المتبقي والمقترح أن يهاجر إليه نتنياهو بعد انتهائه من ارتشاف كل عصير ليمونة رفح، هو ميدان لبنان حيث يراهن نتنياهو على حرب قصيرة على هذه الجبهة، ولكن بشرط أن تكون مكثفة عسكرياً وسياسياً. ويريد نتنياهو أن تؤدي هذه الحرب إلى النتائج الإستراتيجية التالية القادرة على خلط أوراق حرب غزة: 

 

أولاً- أهم هذه النتائج هي أن يتم نقل الحرب من كونها صراع جوهره القضية الفلسطينية إلى صراع جوهره إقليمي.

ثانياً- ولتحقيق هذا الهدف يجب أن تصبح القيادة المركزية الاميركية جزءاً من هذه الحرب؛ وبذلك يصبح التحالف الإسرائيلي الأميركي في هذه اللحظة يعمل وفق أجندة رؤية نتنياهو لواقع هذه الحرب ومستقبلها؛ وتقول هذه الرؤية أن الحرب ليست بين إسرائيل وحماس بل بين محور إيران ومحور الولايات المتحدة الأميركية والغرب؛ وأحد هذين المحورين يجب أن ينتصر بالنهاية، وهو – أي نتنياهو – ملتزم بالعمل من أجل الانتصار مع محوره في هذه الحرب..

 

وما يجدر قوله في هذا المجال هو أن منطق نتنياهو ورؤيته لحرب غزة لا بد أن يأخذه في نهاية المطاف لتطبيق فكرته بأن يكون آخر مشهد في هذه الحرب هو مشهد انتصار محور الغرب بقيادة واشنطن على محور الممانعة بقيادة طهران.. ومن هنا فإن قيامه يشن حرب على حزب الله، سيوفر له (أي لنتنياهو) تأمين هذه الخاتمة الإقليمية لحرب غزة كما يريدها!!. 

 

وضمن توجهه هذا لتعميم رؤيته عن حرب غزة، وتسويقها داخل إسرائيل وفي العالم والمنطقة؛ يلاحظ أن نتنياهو اختار لنفسه دوراً في حرب غزة يشبه – بحسب توصيفه – دور تشرشل في الحرب العالمية الثانية.. بمعنى آخر يريد نتنياهو أن ينظر إليه العم سام وكل الغرب على أن ما يقوم به الآن في غزة وفي المنطقة، إنما يشبه الدور الذي قام به تشرشل في أوروبا خلال الحرب العالمية الثانية؛ حينها طرح تشرشل نفسه بأنه رأس حربة الحلفاء في معركتهم للانتصار على هتلر في أوروبا.. ونتنياهو يحاول تسليط الضوء على صورته حالياً بوصفه تشرشل الحرب الدائرة بين محور الغرب من جهة وبين المحور الإيراني من جهة ثانية، في الشرق الأوسط.. 

 وبالمحصلة فإن بايدن لا يساير نتنياهو في نظريته هذه؛ أو أقله يريد بايدن أن تكون الحرب مع إيران باردة، وليست ساخنة؛ وحالياً لا يحتاج بايدن في إسرائيل إلى تشرشل جديد، بل إلى أشخاص مثل إسحق رابين وايهود أولمرت..

Exit mobile version