الهديل

الاستعمار البريطاني يريد العودة من خلال مطار بيروت

الاستعمار البريطاني يريد العودة من خلال مطار بيروت

كتب عوني الكعكي:

 

تاريخ الاستعمار البريطاني في منطقة الشرق الأوسط، كان من أسوأ الاستعمارات في العالم كله. إذ يكفي هذا الاستعمار أنه تسبب بـ”وعد بلفور”، يوم باع البريطانيون فلسطين لروتشيلد في 2 تشرين الثاني/ نوڤمبر 1917 إثر رسالة وجهها آرثر بلفور وزير خارجية المملكة المتحدة يومذاك الى اللورد ليونيل دي روتشيلد أحد أبرز أوجه المجتمع اليهودي لنقلها الى الاتحاد الصهيوني يهب فيها فلسطين له.

ولم يكتفِ الاستعمار البريطاني بتلك الجريمة الكبرى وهي بيع فلسطين، بل زاد الطين بلّة من خلال مساعدة الاسرائيليين على تفتيت فلسطين وتقسيمها والسيطرة عليها من خلال مساعدة القوات البريطانية التي كانت تنتدب فلسطين للإسرائيليين، فهي كانت تسلمهم مدينة بعد أخرى بعدما تنتزعها من العرب.

كذلك تميّز الاستعمار البريطاني بأنه لم يترك دولة عربية إلاّ وهي على نزاع حدودي مع دولة أخرى. السعودية لها نزاع مع كل جيرانها: الإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر واليمن. والأردن توجد لديه خلافات مع العراق ومع فلسطين ومع السعودية. أما العراق فخلافاته مع الأردن… ولن ننسى الجريمة الكبرى التي تسبّب بها صدّام حسين حين غزا الكويت وهي ان الانكليز أوهموه بأنّ الكويت هي جزء من العراق، ومصر مع ليبيا والسودان.. الخ…

صحيح ان الاستعمار الفرنسي لا يقل شراسة عن الاستعمار البريطاني، فهو يسير بالسياسة نفسها: سوريا اختلفت مع لبنان، والجزائر مع جيرانها، ولبنان لا يزال يعاني من عدم ترسيم حدوده مع سوريا. لكنّ شراسته تلك ومصائبه لا تقارن بشراسة الانكليز وجبروتهم وتحكمهم غير المبرّر دائماً بمصائر الشعوب.

ويبدو ان الدولة التي كانت تفتخر بأنّ الشمس لا تغيب عن أراضيها -أي بريطانيا العظمى- لم تعد كذلك، بل صارت مملكة لا يحكم فيها الملك، ورئيس الوزراء هندوسي ورئيس بلدية لندن من أصول باكستانية.

كذلك، فإنّ الولايات المتحدة الاميركية ألغت ما كان يسمّى بـ”بريطانيا العظمى” لتصبح هذه الدولة “بريطانيا الصغرى”. ولكن يبدو ان جماعة المخابرات فيها لا يزالون يعيشون عقلية العهود القديمة. فاللافت للنظر ان صحيفة “التلغراف” البريطانية، وهي من أشهر صحف المملكة المتحدة والعالم… وتتمتع بصدقية عالية.. فاجأتنا بنشرها معلومات تشير الى ان مطار بيروت بات مخزناً لصواريخ وقذائف حزب الله.

والأنكى ان الصحافي الذي نشر هذا الخبر، قال إنّه حصل على معلوماته من موظفين في المطار… متناسياً ان هناك أكثر من خمسة آلاف موظف… فلماذا لم يقل غيره.. حتى إسرائيل لم تقل سابقاً ان هناك شيئاً مخزناً في المطار، هذا أولاً.

ثانياً: المطار ملاصق للضاحية الجنوبية من بيروت، والضاحية الجنوبية خزّان بشري كبير… ولا يمكن لأي مسؤول يتمتع بالحد الأدنى من العقل، أن يستعمل المطار مخازن للصواريخ، خصوصاً ان الطيران الاسرائيلي الذي ينتهك سيادة لبنان دائماً حتى الأجواء فوق المطار، يمكن أن يعمد الى قصف المطار ويفجّر المخازن مما سيؤثر سلباً بالتأكيد ويسبب كارثة للضاحية.

ثالثاً: زعيم عربي سابق، أوصى الرئيس الشهيد رفيق الحريري بأن يحافظ على مطار بيروت، وأن لا يسمح لبعض الشركات التجارية من العمل فيه… ولكن رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي في عام 2011 سمح لإحدى شركات الطيران التي كانت ممنوعة من العمل في المطار بالعمل، وهذه غلطة كبرى… لكن هذه الغلطة لم تؤثر لا من قريب ولا من بعيد على ما فعلته بريطانيا و”تلغرافها” اليوم، رغم ان لبنان يعاني أزمات اقتصادية وكوارث، ولا ننسى تفجير طائرات الـ”ميدل إيست” في الماضي، واجتياح لبنان واحتلاله أول عاصمة دولة عربية بيروت عام 1982، فتاريخ الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان ليس له حدود.

كما نقول كذلك: إنّ الاستعمار البريطاني مارس الهيمنة وإخضاع الشعوب بالقوة… وهو كان المحرّك الأوّل للقضاء على وحدة العالم العربي. من هنا نقول للبريطانيين: “روحوا خيطوا بغير هالمسلّة”.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version