الهديل

خاص الهديل: مواجهات الحزب وإسرائيل ستلتزم قواعد ضبط التصعيد خلال مرحلة الفراغ الأميركي الإيراني..

خاص الهديل …

بقلم: ناصر شرارة 

حتى الأرقام داخل إسرائيل أصبحت مسألة خلافية داخلية؛ وهذا الأمر يجد تعبيره بوضوح بخصوص الإجابة عن سؤال كيف يجب أن تتصرف إسرائيل إزاء الجبهة الشمالية مع لبنان؟..

أحد أبرز الاستطلاعات كشف أن ٤٦ بالمئة من الإسرائيليين يقولون أنه يجب الحرب ضد لبنان مهما كانت الكلفة؛ ولكن هناك استطلاع آخر أجرته نفس الجهة المستطلعة كشف أن هناك ٩١ بالمئة من الإسرائيليين يرون أنه لا يمكن للجيش الإسرائيلي أن ينتصر بالحرب ضد لبنان!!

وهذا التناقض السائد بين إجابتي المستطلعين، يوضح أن طريقة طرح السؤال على المستوطنين الإسرائيليين هي التي تحدد لحد كبير نوعية إجابته ووجهتها مع أو ضد الحرب على لبنان..

.. والواقع أنه بعد مخاض نحو ثمانية أشهر ونصف من المواجهات المستمرة على جبهة الجنوب – بحسب التسمية اللبنانية – وجبهة الشمال – بحسب التسمية الإسرائيلية -، باتت واضحة عدة ثوابت تتحكم بقرار الحرب وعدم الحرب وحتى مستوى التصعيد على هذه الجبهة..

أولاً- سقف هذه الجبهة هو التواصل غير المباشر الإيراني – الأميركي؛ فقرار الطرفين بعدم الرغبة الاستراتيجية بالذهاب إلى الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله يؤدي حتماً إلى بقاء المواجهات تحت السيطرة وعدم التفلت لحرب..

وفي هذه اللحظة وخلال اللحظات القادمة، سيظل السبب الأساس المؤدي لكبح نشوب الحرب، كامن في بقاء التوافق الأميركي الإيراني غير المباشر على منع نشوبها قائماً؛ وفي حال اختل هذا التوافق، وأصبح أحد طرفيه غير راغب بالاستمرار به، أو غير قادر على تطبيق التزامه به؛ فحينها سيصبح سيناريو الحرب قائماً وقريباً من التحقق.

وضمن هذه المعادلة، فإن كل الخشية الآن من حدوث الحرب، تتركز داخل نقطة محددة، وهي أن تصبح إدارة بايدن خلال فترة الالتصاق بموعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، غير قادرة على تنفيذ التزامها بمنع إسرائيل من الذهاب لحرب مع لبنان (هذا في حال كانت إسرائيل تريد الذهاب لحرب).

هناك عامل ثان استراتيجي يأتي من حيث أهميته بعد العامل الإيراني الأميركي، وهو هل يتوفر لدى إسرائيل سيناريو حرب ضد لبنان ذي جدوى سياسية؟؟.

حتى اللحظة كل الباحثين في مراكز الأبحاث الإسرائيلية يقولون أنه حتى لو شنت إسرائيل حرباً على لبنان فهي لن تحقق النتائج السياسية المطلوبة والمتمثلة بهدفين: إعادة مستوطني الشمال إلى مستوطناتهم؛ وتغيير الواقع السياسي والأمني على الضفة اللبنانية من الحدود.

وترى معظم الأبحاث الإسرائيلية ذات الصلة بهذا الموضوع، أن التسوية مع لبنان أو الصفقة مع حزب الله، وحدها هي التي يمكنها تحقيق هذين الهدفين، أم الحرب فهي لن تستطيع إنجازهما..

وما تقدم يؤكد أن الحرب ليست خياراً لإسرائيل بخصوص الأزمة الناشبة على جبهة الشمال مع لبنان؛ كما أن الحرب ليست خياراً لحزب الله لتحقيق ما يريده على الحدود مع فلسطين المحتلة؛ ويبقى هناك للطرفين (إسرائيل والحزب) سقف المواجهة الدائرة حالياً والمفتوحة على تصعيد مدروس وثمة احتواء أميركي إيراني له؛ فمثل هذه المواجهة يمكنها أن تواكب حرب غزة حتى نهايتها ويمكن أن تواكب فترة الانتخابات الأميركية حتى نهايتها أيضاً؛ ويمكن أن تواكب فترة الفراغ الأميركي في المنطقة التي ستستمر خلال الشهرين الأخيرين من فصل الصيف وذلك بفعل الانشغال الكامل لإدارة بايدن بانتخابات الرئاسة الأميركية.. بكلام آخر فإن المواجهات العسكرية بين الحزب والجيش الإسرائيلي ستتحول من مصدر يهدد بتفلت عقال ضبط النار المنطقة، إلى عامل يؤدي دور أنه سقف التصعيد الممكن للمنطقة أن تتحمله في مرحلة أزمة الفراغ الأميركي الإيراني في الشرق الأوسط؛ وهي أزمة فراغ متوقع أن تستمر خلال شهري آب وأيلول؛ وذلك نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية من جهة، ونتيجة انشغال إيران بانتقال الرئاسة فيها من جهة ثانية؛ وبالتالي فإن المطروح هو “مرجعية ميدان محتدم، ولكن ليس متفلتاً من قواعد ضبط التصعيد تحت سقف انتهاء مرحلة الفراغ الأميركي الإيراني في الشرق الأوسط”..

Exit mobile version