الهديل

خاص الهديل: الحرب الإقليمية انطلاقاً من لبنان: احتمالات نشوبها لا تزال عالية!!.

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

تصل بيروت إشارات متضاربة حول مستقبل الوضع في الجنوب على جبهة حزب الله مع إسرائيل؛ فمن جهة ترد معطيات تستبعد الحرب لأن أميركا لا تريد توسيع حرب غزة وليس لديها مصلحة باندلاع حرب إقليمية وأيضاً لأن إسرائيل وأيضاً إيران وحزب الله لا يريدون حرباً شاملة…

.. غير أنه من جهة أخرى تتوالى المعطيات التي تؤشر إلى أن الحرب بين إسرائيل ولبنان لا تزال احتمالاً وارداً جداً، بدليل مبادرة معظم دول العالم بالطلب من مواطنيها مغادرة لبنان على وجه السرعة؛ وأيضاً ظهور تصريحات متناقضة في إسرائيل بعضها يستبعد الحرب وبعضها الآخر يراها مسألة وقت فقط.. حتى وزير الدفاع غالانت الذي قال قبل يومين ان إسرائيل لا ترغب بالحرب مع حزب الله؛ عاد أمس وقال ان هناك سباقاً بين الحل الدبلوماسي والحل العسكري على الجبهة الشمالية…

والواقع أن مهمة وضع تقدير أقرب للواقع بشأن احتمالات الحرب على لبنان، تقود إلى الاستنتاجات التالية: 

أولاً- احتمالات نشوب حرب من عدم نشوبها، متساوية: ٥٠ بالمئة لصالح اندلاع حرب و٥٠ بالمئة لصالح عدم نشوبها..

لماذا؟؟.

لأنه يوجد احتمال كبير أن تتقصد أن تقوم إسرائيل بعملية تعمية استراتيجية بغية مفاجأة حزب الله ببدء الحرب.. وهذا الاحتمال وارد بنسبة من ٥٥ بالمئة إلى ٦٠ بالمئة؛ وبالمقابل فإن احتمال أن يقرر حزب الله بضرورة مبادئة إسرائيل بالحرب حتى ينزع منها عنصر المفاجأة وارد أيضاً بنسبة من ٤٥ إلى ٥٠ بالمئة.

.. في حزب الله لا يوجد ثقة كاملة بأن أميركا تضمر بخصوص الحرب على لبنان ما تعلنه علناً؛ بتعبير آخر لا يوجد ثقة بأن إدارة بايدن لن تتعاطى مع مسألة الحرب الإسرائيلية على لبنان كما تعاطت مع الحرب الإسرائيلية على رفح.. وهذا يعني أن أميركا قد تقول فوق الطاولة انها ضد الحرب، ولكن تحت الطاولة تقوم بدعم الحرب أو بالاضطرار لدعم الحرب لحسابات سياسية انتخابية ذات صلة بنفوذ الناخب اليهودي والمال الصهيوني الممول للحملات الانتخابية للحزبين الجمهوري والديموقراطي.   

ثانياً- بمقابل التشكيك بنوايا واشنطن، هناك اتجاه تفكير معاكس تماماً؛ ويقول أصحابه أن أسوأ خبر يتلقاه بايدن في هذه المرحلة هو نشوب حرب بين إسرائيل ولبنان؛ لأن هذا الخبر له معنى واحد، وهو ضمان خسارته (أي بايدن) الإنتخابات الرئاسية؛ وعليه يجب التأكد بشكل حاسم أنه على الأقل لا حرب إسرائيلية على حزب الله قبل الإنتخابات الأميركية التي ستجري نهايات هذا العام..

وأصحاب هذه النظرية وهم كثر؛ يقولون ان حرب إسرائيل على الجبهة الشمالية مؤجلة وليست غير واردة؛ فإسرائيل مضطرة لأسباب استراتيجية للذهاب بعد حرب غزة إلى فتح الجبهة الشمالية كون التحديات الموجودة على هذه الجبهة لا تتعلق بالجوهر بحرب غزة، بل تتعلق بصورة الردع الإقليمي الإسرائيلي لمدى عقود طويلة مقبلة. 

ومن وجهة نظر إسرائيل فإن الجبهة الشمالية تحمل لها تحديين إثنين وجوديين:

الأول يتمثل بأن عام ٢٠٢٦ هو عام إنتاج إيران القنبلة النووية؛ وهذا الأمر يحتم على إسرائيل التحرك في خلال هذين العامين لنزع القنبلة النووية الإيرانية قبل تصنيعها.. 

الثاني هو تحدي حزب الله الذي فيما لو لم تتحرك إسرائيل لكسر شوكته وتفكيك سيطرته بقوة النار على مجال سكاني واسع داخل شمال فلسطين المحتلة ما أدى إلى تهجير نحو ٦٠ ألف مستوطن باتجاه مناطق الوسط؛ فإن هذا سيؤدي إلى تآكل قوة الردع الإسرائيلية على مستوى الإقليم وداخل الكيان العبري ذاته. 

.. وبحسب أوساط استراتيجية إسرائيلية فإن الكيان لا يستطيع العيش تحت فكرة قوة حزب الله الإقليمية الرادعة لإسرائيل من جهة، ولا تحت فكرة قدرة حزب الله على فرض حالة اجلاء لمستوطني الشمال متى أراد ذلك؛ وخاصة تحت فكرة أن حزب الله يمكنه إجلاء شمال فلسطين المحتلة من المستوطنين من دون أن يؤدي ذلك إلى حرب..  

ويوضح ما تقدم أن الحرب مؤجلة؛ وأخطر ما يمكن توقعه اليوم هو أن يكون طرفاها (أي الحزب وإسرائيل) يخفي كل منهما توقيت مباغت لبدئها كي يحقق المفاجآة الاستراتيجية ضد الآخر!!.

Exit mobile version