الهديل

خاص الهديل: خسائر إسرائيل حرب غزة: الكلفة القاتلة!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

نشرت اليوم إحدى كبريات وسائل الإعلام الإسرائيلية الإقتصادية تقريراً عن مجموع خسائر الإقتصاد الإسرائيلي نتيجة حرب غزة، وقال التقرير ان هذه الخسائر بلغت حتى الآن ٣٠ مليار دولار.

 

اللافت في التقرير مجموعة أمور:

 

أولاً- ان القسم الأكبر من مبلغ الـ٣٠ مليار دولار الذي هو حجم خسائر الحرب، تم صرفه كرواتب لجنود الإحتياط؛ حيث أن معدل الكلفة المالية لجندي الاحتياط الواحد هو ٨٠٠٠ آلاف دولار في الشهر..

 

ثانياً- يُظهر التقرير أن الوضع الإقتصادي منذ ٧ أكتوبر حتى الآن شهد بطالة وبنفس الوقت زيادة استهلاك؛ والسبب هو أن الدولة تصرف بشكل متواصل رواتب لجنود الإحتياط، ما يجعل هناك سيولة لدى عائلاتهم الذين يشكلون جزءاً كبيراً من المجتمع الإسرائيلي.

 

.. ولكن تراكم هذه الأموال التي تفوق حجم الإنتاج، ستؤدي حتماً إلى تراكم للخسائر في ميزانية الدولة، الأمر الذي ستظهر نتائجه السلبية على الإقتصاد الإسرائيلي لاحقاً.

 

ثالثاً- نسبة معتبرة من الصرف على الحرب يتصل بتمويل إطلاق صواريخ معترضة للصواريخ والمسيرات.. وهذه العملية تعتبر مكلفة من عدة زوايا؛ منها أن إسرائيل مضطرة لإطلاق صاروخ تبلغ كلفته ملايين الدولارات للتصدي واعتراض مسيرة أو صاروخ لا تتعدى كلفته عدة آلاف قليلة من الدولارات.. 

 

 رابعاً- ان الحرب وفق نسختها الجديدة طويلة الأمد، تجعل الإقتصاد الإسرائيلي هو أول الخاسرين؛ ذلك أن ثلاثة أرباع كلفة الحرب يجب أن يتم تمويلها على حساب شل قطاعات الإنتاج؛ والسبب في ذلك أن أية حرب طويلة ستعني تجميد قوة إنتاج نحو نصف مليون شخص منتج، هم عديد قوات الاحتياط الذين لا يمكن لإسرائيل أن تخوض حرباً طويلة من دون جهدهم العسكري.

 

إن جنود الاحتياط مطلوب منهم أيضاً أن يملأُ فراغ امتناع نحو ١٦٠ ألف شخص من أبناء الحريديم عن الخدمة في الجيش لأسباب دينية؛ وهذا يعني أن كل ثلاثة جنود من الاحتياط يجب أن يتم إلحاق جندي رابع بهم تكون مهمته الخدمة بدل حريديمي يرفض الخدمة..

 

قبل أيام حكمت المحكمة العليا بضرورة تجنيد الحريديم بالجيش؛ ولكن الأخيرين خرجوا في تظاهرات معترضين على هذا الحكم..

 

.. والواقع أن مشكلة الحريديم لا تكمن فقط في أنهم يرفضون الخدمة في الجيش، مما يخل بمبدأ المساواة بين “مواطني الدولة العبرية”؛ بل المشكلة أساساً بأنهم غير جاهزين للانخراط بمجتمع الدولة ومؤسساتها؛ كما أيضاً مؤسسات الدولة ومجتمعها غير جاهزين لاستيعابهم.. مثلاً مؤسسة الجيش غير جاهزة حالياً لاستيعاب أبناء الحريديم في حال قرروا الانخراط بالجيش؛ فهؤلاء يحتاجون لترتيبات لوجستية داخل الجيش تستجيب لنمط حياتهم الديني (عطلات السبت وعدم الاختلاط بين الجنسين؛ الخ..). 

 

وتبلغ نسبة الحريديم من سكان إسرائيل ١٦ بالمئة؛ وهؤلاء فيما لو أضفنا إليهم من تسميهم تل أبيب “بعرب إسرائيل”؛ وهم أيضاً لا يخدمون في الجيش (إلا البعض القليل منهم)، فهذا سيوصل إلى نتيجة تقول أنه بعد نحو عشرين عاماً سيصبح نصف سكان إسرائيل يمتنعون أو غير قادرين على الخدمة في الجيش.. 

كل ما تقدم يؤشر إلى خلاصة أساسية وهي أن إسرائيل لم تعد تستطيع مواجهة استحقاق الحروب القادمة لا اقتصادياً ولا ديموغرافياً!! فضلاً عن ما يظهر من عجزها السياسي أيضاً ضمن هذا المستوى.

 

Exit mobile version