خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
يوجد انطباع قوي داخل إسرائيل بأن حرب غزة تتجه لبداية مرحلة جديدة؛ هي أقل من وقف كامل لإطلاق النار وأكثر من وقف عمليات محدود؛ وهي أقل من انسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من غزة، وأكثر من عدم سحب القوات المنتشرة هناك الآن.
.. واتصالاً بهذا الانطباع يوجد استنتاج أيضاً مستند إلى معلومات بأن “وقف النار” و”تخفيض إطلاق النار” في غزة قد يسمح “بوقف النار” أو “بتخفيض وقف النار” على الجبهة بين لبنان وإسرائيل.
ولكن ضمن هذا السيناريو الذي يتوقع حلحلة أو نصف حلحلة للقتال الدائر على الجبهتين الجنوبية مع غزة والشمالية مع لبنان؛ سيبقى هناك جبهة مشتعلة منسية هي جبهة شمال الضفة الغربية حيث يوجد جنين المدينة ومخيمها ونابلس، الخ..
بعد توقف إطلاق النار أو “أخذ نفس من القتال” سيتكشف الحجم الحقيقي للدمار في كل من غزة وجنوب لبنان الذي خلفته الحرب؛ وهو حجم أكبر بكثير مما تنقله الصورة الإعلامية الآن؛ ولكن الصورة التي لن يتسنى للعالم رؤيتها، هو صورة الخسائر الفادحة التي منيت بها الضفة الغربية نتيجة للحرب غير المعلنة المشنة ضدها من قبل تحالف سموتريتش- نتنياهو..
ووراء ستارة حرب غزة، قامت إسرائيل بمصادرة عشرات آلاف الدونمات في الضفة الغربية وفي الأغوار؛ وجرى خلال هذه الفترة البدء بتنفيذ خطة ليس لها فقط هدف قطع طرق التواصل بين مناطق الضفة المأهولة بالفلسطينيين العرب؛ بل أيضاً تهدف هذه الخطة إلى بناء طرق تواصل ديموغرافي بين بيئات الاستيطان في الضفة الغربية.
وبنفس الوقت الذي يجري فيه الحديث في هذه المرحلة عن الاستعداد لبدء مسار جديد في غزة (تخفيف إطلاق النار)؛ يتم أيضاً الاستعداد لتكثيف مسار الاستيطان في الضفة الغربية وتقطيع أوصالها؛ وأيضاً يتم على الحدود الشمالية لفلسطين المحتلة؛ الحديث عن إجراء يطلق عليه تسمية “تحويلات” على صفوف القوات الإسرائيلية المنتشرة على الحدود مع لبنان.
يلاحظ أنه لا يتم الحديث عن الاستعداد لحرب مع لبنان بل مجرد تحويلات في نوعية القوات العسكرية؛ وهو مصطلح يمكن تفسيره بوجوه عدة..
ضمن هذه الأجواء لا يزال هناك إمكانية لمراجعة سيناريو يخص الحرب على جبهة جنوب لبنان؛ قوامه أن يعود آموس هوكشتاين خلال الشهر الحالي إلى لبنان وفي جعبته مهمة مكوكية بين لبنان وإسرائيل ودول أخرى متدخلة بالوضع اللبناني؛ وستحاكي هذه المهمة من حيث شكلها ومضمونها مهمة فيليب حبيب التي أدت إلى وقف نار الحرب الإسرائيلية الكبرى على لبنان عام ١٩٨٢.
طبعاً الظروف مختلفة بين عامي الـ١٩٨٢و٢٠٢٤؛ ولكن يوجد مشترك واحد بينهما؛ وهو إنشاء “دبلوماسية أميركية مكوكية تؤدي إلى “فرملة مسار التصعيد”؛ و”تؤجل الحرب أو الحل” حتى مرحلة ما بعد الإنتخابات الأميركية.