الهديل

خاص الهديل: الصفقة: مرة أخرى نتنياهو يناور.. وثمن الفشل حتمية الحرب على لبنان!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة 

مرة أخرى يقفز إلى الواجهة السؤال الذي تم طرحه من قبل العالم أكثر من عشر مرات منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣، ومفاده هل تنجح هذه المرة صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب بين حماس وحزب الله، أم أن نتنياهو سوف يقوم كالعادة بإفشال الصفقة في اللحظة الأخيرة؟؟.

.. أمس أرسل نتنياهو رئيس الموساد ديفيد برنيع إلى الدوحة، وسربت وسائل إعلامه ان برنيع قال للوسطاء هناك أن إسرائيل متفاءلة بالتوصل لحل؛ ولكن مصادر إعلامية أخرى بينها صحيفة معاريف، كشفت ان برنيع ذهب إلى الدوحة كي يقول للوسطاء ان إسرائيل ترفض طلب حماس بأن لا يتم العودة للحرب من قبل إسرائيل إذا فشل تطبيق الاتفاق بعد ١٦ يوم من إعلانه!!. 

وهذا الأمر هو نقطة خلافية مزمنة بين الطرفين؛ فحماس تقول انه إذا تعثر تطبيق الاتفاق بعد ١٦ يوما يتم استئناف التفاوض بينما إسرائيل تقول انها ستعود للحرب في حال أخلت حماس بتعهداتها تجاه تطبيق الاتفاق.. 

واللافت أن أحداً لا يستطيع ان يضمن أن لا يفتعل نتنياهو المناور، أي خلاف مع حماس بعد مضي ١٦ يوم على إعلان الصفقة، حتى يتذرع به لإستئناف الحرب؛ وعليه فإنه إذا صح أن برنيع ذهب للدوحة حتى يقول أن تل أبيب ترفض طلب حماس ذي الصلة بهذه النقطة؛ فإن هذا الأمر يشكل أكبر إشارة إلى أن نتنياهو لا يتعامل مع المحاولة الراهنة لإنتاج صفقة وحل، بجدية؛ إنما هو كعادته يكسب وقتاً؛ ويريد إيصال التفاوض للنقطة عينها التي يرغبها في كل مرة، وهي القول أن حماس هي التي افشلت الصفقة وليس إسرائيل.. 

هناك نقطة ثانية تبرز في هذه اللحظة المتسمة بوجود أمل بعقد صفقة لوقف الحرب في غزة؛ وفحواها هو تكرار نفس المقولة التي تقول ان نتنياهو يخشى إبرام الصفقة كون كلاً من سموتريتش وبن غفير يهددانه بالاستقالة وبفرط حكومته؛ مما يؤدي إلى انهيار ليس فقط حكومته بل كل حياته السياسية.

الواقع أن هذه المقولة تحتاج للتدقيق بها؛ وعليه فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هو هل فعلاً نتنياهو يخشى من بن غفير وسموتريتش؛ اما يفترض أنه لا يخشاهما كونه هو من صنع حياتهما السياسية؛ وهو ضمانتهما لحفظ مكانتهما داخل الوسط السياسي الرسمي في إسرائيل..

كل الفكرة هنا هي أنه ليس صحيحاً بالمطلق أن السبب الحقيقي والوحيد الذي يجعل نتنياهو يخرب المرة تلو الأخرى إبرام الصفقة، هو خشيته من ردة فعل سموتريتش وبن غفير؛ وخشيته من انهيار حكومته كون أحزاب أقصى اليمين ستتخلى عن الشراكة معه.. وهناك أدلة تثبت أن هذه المقاربة بجزء كبير منها، تهويلية ومضللة؛ وأبرز دليل هو أن واشنطن حينما قبل مناحيم بيغن بتفكيك المستوطنات والانسحاب من سيناء؛ قامت الإدارة الأميركية حينها بتأمين مئة نائب اسرائيلي لدعم استمرار حكومته، ولضمان أن يمضي قدماً في نهجه هذا.. وحالياً يستطيع بايدن أن يؤمن لنتنياهو ماية نائب يعوضونه عن نحو ٢٠ نائب ستخسرهم حكومته بحال أبرم الصفقة. 

ويتضح جلياً هنا أن السبب الذي يدفع نتنياهو المرة تلو الأخرى، لرفض الصفقة ليس سياسياً من نوع خوفه على استمرار حكومته وعلى مستقبله السياسي، بل السبب هو استراتيجي ويتصل بأمور ومشاريع أبعد مما يتم طرحه في الإعلام العبري لتفسير قصة لماذا يواظب نتنياهو على رفض الاتفاق لوقف الحرب!!. 

 

.. يبقى أيضاً نقطة ثالثة تثار حالياً بقوة مع عودة الحياة للمحاولات الساعية لإبرام الصفقة بين حماس وإسرائيل؛ ومضمونها يمكن تلخيصه بإطلاق معادلة تقول انه في حال فشلت هذه الصفقة، فإن هذا سيزيد لحد كبير جداً من احتمالات نشوب الحرب بين إسرائيل وحزب الله..

 

وترتكز هذه المعادلة على معطى أساسي يفيد بأن حزب الله يصر على عدم وقف إطلاق النار مع إسرائيل الا إذا أعلنت حماس انها أوقفت النار في غزة؛ وعليه فإن فشل الصفقة بين حماس وتل أبيب، لأي سبب كان؛ سيعني فشل وقف النار على الجبهة الشمالية بين إسرائيل وحزب الله؛ واستمرار المواجهات بينهما الذاهب منحاها نحو تحولها لحرب شاملة.. 

 

وبموجب هذه المعادلة عينها فإن المعطيات تفيد بأن واشنطن قدمت فكرة للحل على الجبهة الشمالية تنص على إفراغ الجنوب من آلة حزب الله العسكرية (صواريخ متعددة الطرازات ومدافع وقوة الرضوان، الخ..)، وذلك بمقابل أن إسرائيل تقوم بإصلاحات على الحدود بين فلسطين المحتلة ولبنان. 

 

وتبدو هذه الفكرة الأميركية ساذجة لدى مقارنتها بالواقع السياسي والعسكري القائم في جنوب لبنان؛ كون حزب الله لا يربط وقف إطلاق النار من قبله “بإصلاحات حدودية” بل يربطه بوقف الحرب على غزة.. 

وتختم هذه المعطيات المثارة بقوة اليوم في الإعلام العبري والعالمي، بالجزم بأنه في حال لم تنجح الصفقة بين حماس واسرائيل فإن هذا يعني حتمية اندلاع الحرب بين حزب الله وإسرائيل؛ ولكن يظل هناك متسع واحد ضمن هذه الحتمية؛ وهو أن إسرائيل لأسباب تخص استعدادات جيشها؛ ستحتاج لعدة أشهر قبل دخولها الحرب ضد حزب الله..

Exit mobile version