الهديل

خاص الهديل: البحث عن فخامة الرئيس و”مشنقة المشاكل الملحة”!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

المشكلة أن أحداً في لبنان مهما علا كعبه، لا يملك ٨٦ نائباً ليفتتح بهم نصاب جلسة انتخاب فخامة الرئيس الذي يريده.. لا الثنائي الشيعة مع كل صواريخه ومُسيّراته يملكان عدة افتتاح النصاب؛ ولا المعارضة مع كل أصناف تقاطعاتها، ولا حتى اللجنة الخماسية مع كل تداخلاتها، ولا حتى أسطولي ايزنهاور والسادس الأميركيين مع كل ترسانتهما النووية.

.. وعليه يصبح جائزاً القول أن فخامة الرئيس موجود داخل علبة فولاذية يستحيل فتحها حتى لو اجتمع كل أهل الارض؛ ويصبح جائزاً القول أيضاً أن فخامة الرئيس هو أقوى معادلة في العالم وفي المنطقة وفي لبنان قبل انتخابه أو في أثناء البحث عن طريق يوصل إلى انتخابه؛ أما بعد انتخابه فهو الرئيس الأضعف بين الرؤساء الثلاثة في لبنان؛ واستدراكاً يصبح جائزاً القول أيضاً أن عملية استولاد فخامة الرئيس هي نوع من “السهل الممتنع”؛ بمعنى أنه كلما كثر الطباخون كلما تعقدت عملية إعداد الطباخة، والعكس صحيح.

.. مثلاً لو اتفق باسيل مع حارة حريك على ما تريده الأخيرة لولد طفل قصر بعبدا وخرج الدخان الأبيض من حسينيات الضاحية الجنوبية ولكان أرسل البيت الأبيض برقية مباركة منتظراً من فخامة الرئيس الجديد أن ينفذ قرار الـ١٧٠١ الذي لا ينفذ وأن يبسط سلطة الدولة غير الموجودة على كل أراضي الجمهورية اللبنانية، الخ… وأيضاً – من باب الفرضيات – لو اتفق جعجع مع باسيل وتقاطع معهما سنة ودروز وشيعة على إسم فخامة الرئيس، لحصل الشيء ذاته.

الفكرة هنا هو أن فخامة الرئيس – كما يقول كريم بقرادوني دائماً – يولد بسهولة إذا كانت لعبة انتخابه لبنانية وتتم بأسلوب انتخابات مخاتير القرى النائية؛ بينما يولد بصعوبة، وبعملية قيصرية، إذا كانت ولادته تحتاج لتدخل خارجي.

ومرة أخرى فإن مشكلة لبنان أن أطرافه المحليون اعتادوا على اعتبار مناسبة انتخاب فخامة الرئيس بوصفها فرصة ذهبية لهم لإنشاء تواصل مع الخارج ولإبرام صفقات مع الخارج ولمطالبة الخارج بتسديد ما عليه من ديون لهم..

يجب تحرير عملية انتخاب فخامة الرئيس من التدخلات الخارجية؛ ولكن تحقق هذا الأمر صعب بل مستحيل.. ويجب تحرير عملية انتخاب فخامة الرئيس من أنانيات الأقطاب الموارنة المرشحين؛ لا نقول يجب استئصال غدد الطموحات السياسية لديهم، ولكن يجب استئصال مرض الهوس الرئاسي عندهم، علماً أن تحقق هذا الأمر (إنهاء مرض الهوس الرئاسي) صعب بل مستحيل.. ويجب إنهاء أسلوب تعطيل عملية انتخاب الرئيس حتى يأتي الرئيس الذي يريده طرف دون الأطراف الأخرى؛ ولا نقول هنا أن حجب النصاب ليس عملية ديموقراطية، ولكن إبقاء فخامة الرئيس معلقاً على مشنقة اللانصاب هو تعطيل للبلد تحت عنوان الحق الديموقراطي بتعطيل النصاب؛ علماً أيضاً أن تحقق هذا الأمر (إنهاء أسلوب التعطيل) صعباً بل مستحيل.

يبقى أمر واحد صعب، ولكنه ليس مستحيلاً وهو البحث “فلس الأرملة”؛ أي بحث عن حل من عنديات اللبنانيين، وهذا يتوجب ولادة قناعة غير موجودة، مفادها أنه لا يزال ممكناً العيش معاً ليس على أساس تقاسم ما تبقى من حليب بقرة الدولة والوطن بل على أساس أنه يتوجب تصحيح المسار حتى يبقى وطن وحتى يبقى دولة وحتى يبقى حليب في البقرة.

قد يطول الوقت قبل أن يجد الأميركي أنه بات لديه مصلحة كي يعقد مع أحزاب الطوائف أو مع بعضهم، صفقة بملف رئاسة الجمهورية؛ وقد يطول الوقت أكثر وأكثر حتى تخرج اللجنة الخماسية من عنق زحاجة أن الوقت الدولي والوقت الداخلي لا يزالان غير ناضجين لانتخاب فخامة الرئيس العتيد؛ وقد يطول الوقت أكثر وأكثر وأكثر بالفاتيكان قبل أن تصبح سياسته مدعومة بنفوذ مادي وليس بنفوذ معنوي يتمنى ولا يفرض… 

وحتى يدرك البلد موعد بدء وقت الحل الدولي والخماسي والفاتيكاني المؤجل؛ فإن كل الاحتمالات تؤشر إلى أنه سيدخل فترة ان المشكلات الداخلية فيه ستنفجر لأنها لم تعد تحتمل انتظار تأجيل معالجاتها؛ وهي مشكلات كثيرة: النازحون السوريون والكهرباء والحرب المتوقعة والمخيمات الفلسطينية وشلل الإدارات العامة ونقص قوت الجيش والدرك وموظفي القطاع العام، الخ..

قصارى القول أن لبنان بين استحقاق رئاسي معلقاً على مشنقة الانتظار المؤجل، وبين استحقاقات داخلية ستعلق البلد على مشنقة أنها لم تعد تحتمل الانتظار!!

Exit mobile version