خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
ترك بنيامين نتنياهو خلال مطلع شبابه إسرائيل، وذهب مع والده إلى الولايات المتحدة الأميركية، وهناك درس في إحدى جامعاتها.. وحينما عاد نتنياهو إلى إسرائيل، جرى تقديمه على أنه يعبر عن نموذج السياسي اليهودي الأميركي؛ حينها كتب كتابه بعنوان “تحت الشمس”.. ودون فيه نظريته التي عاد وأنكرها لاحقاً. ومفادها أنه حتى يمكن تحقيق السلام في الشرق الأوسط بين إسرائيل والعرب، فإن المطلوب تحويل الدول العربية من أنظمة شمولية إلى دول ديموقراطية؛ لأن الحكومات الديموقراطية هي من تصنع السلم، فيما الدكتاتوريات الشمولية تصنع الحروب.
بعد فترة من صدور كتابه “تحت الشمس”، حصلت الثورات العربية، وبخاصة الثورة المصرية؛ ولكن نتنياهو عارض بشراسة دعم أوباما للثورات العربية، وأرسل إليه يقول “إن مصلحة إسرائيل هي مع أنظمة مستقرة وليس مع ديموقراطيات عربية لا نعرف إلى أين ستأخذ المنطقة”.. وحينها ذكّر المحيطون بأوباما نتنياهو بنظريته التي تدعو لتشجيع قيام حكومات عربية ديموقراطية في المنطقة؛ غير أن أحد صحافيي هأرتس الحاذقين آنذاك خاطب نتنياهو قائلاً: بيبي، هناك مقولة إنكليزية شهيرة تقول “إحذر توقع أجمل أمنياتك”!!.
كان واضحاً منذ ذاك الوقت لهذا الصحفي أن نتنياهو لا يقف عند نظرياته؛ بل هو يطلقها كي يشتري بها الوقت الصعب؛ أم نظرية نتنياهو الحقيقية فهي حسن المناورة على جثة حقوق الفلسطينيين..
حينما صعد لرئاسة الحكومة، سئل نتنياهو كيف ستقود إسرائيل، وأنت لا تؤيد اتفاق أوسلو الذي وقعت عليه “دولة إسرائيل”؛ هل تعتزم إلغاء إلتزام إسرائيل باتفاق أوسلو؟؟..
أجاب نتنياهو: “لا. لن ألغي إلتزام إسرائيل باتفاق أوسلو؛ ولكنني أعتزم عدم تنفيذ اتفاق أوسلو!!”.
منذ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ يتم في إسرائيل تداول معادلة تفيد التالي “حماس تخطف الرهائن وبن غفير يخطف نتنياهو والأخير يخطف إسرائيل”!!.
نتنياهو المشهور بإسم “التحبب” (بيبي)، يرفع اليوم شعار “النصر المطلق”، وهو شعار يصفه العسكريون الإسرائيليون بأن ليس له مستمسك عملي على الأرض؛ وحتى المحيطون بنتنياهو يقولون إن مقولاته عن “النصر المطلق” و”سحق حماس”، (الخ..)، إنما هي شعارات سياسية شعبوية وليست استراتيجيات سياسية وعسكرية قابلة للتحقيق.
وفي النهاية يوجد توصيف يعتد به لسلوك نتنياهو منذ بدأ حياته السياسية حتى الآن؛ وهو يقول إن نتنياهو كان يقول انتخبوني حتى أقضي على حماس؛ ثم أخذ يقول لا تنتخبوا اليسار والوسط حتى لا تقوى حماس؛ واليوم يقول لا تُجروا انتخابات مبكرة حتى لا تنتصر حماس..
وأبعد من ذلك فإن أحد الصحفيين الإسرائيليين قال إن نتنياهو يطور شعاراته حسب مصلحته الشعبية، وليس حسب مصلحة أهداف إسرائيل؛ ففي البداية استعمل شعارات تخويف الجمهور كي ينصب نفسه منقذاً وبطلاً قومياً يهودياً؛ وعندما وجد اليوم أن التخويف لم يعد أسلوباً مجدياً بل صار أسلوباً محبطاً، نظراً لأن فأس ٧ أكتوبر وقع على رأس إسرائيل، أخذ يتقصد صياغة شعارات تبعث على الأمل ولو الكاذب، ومن هنا جاءت صياغته لشعار تحقيق “النصر المطلق”.
خلاصة القول أن سياسة نتنياهو تقوم على مبدأ أساسي وهو العمل لتركيز الضوء على نفسه؛ بغض النظر عن كلفة ذلك على الآخرين، بمن فيهم “إسرائيل”..