الهديل

خاص الهديل: موازين القوى في غزة: مقاومة لا تلين وصراع دولي متجدد

خاص الهديل….

قهرمان مصطفى ..

 

مع كل يوم يمر، تتغير موازين القوى وتتباين المواقف الدولية بشأن الحرب في قطاع غزة؛ حيث تختلف ردود أفعال الدول المعنية تبعاً لتطورات الأحداث على الأرض وتبدلات اتجاهات الرأي العام، مما يجعل من تقدير الموقف السياسي عملية متجددة تتطلب مراجعة مستمرة. ففي خضم هذه التغيرات، تبقى بعض السمات ثابتة تميز سير الحرب والصراع الدائر على الأرض.

 

منذ بداية الحرب التي تشنها اسرائيل على غزة ومختلف المناطق الفلسطينية؛ بمعنى أوضح منذ بداية الإبادة الجماعية التي تشنها اسرائيل على غزة؛ حافظت المقاومة في غزة على زمام المبادرة، حيث كانت اليد العليا لها، متفوقة في الحرب البرية على الجيش الاسرائيلي؛ وما يلفت النظر أن هناك سمتان بارزتان لم تتغيرا خلال الصراع: الأولى هي قدرة المقاومة على البقاء متقدمة ومسيطرة في العمليات البرية؛ والثانية هي استمرار المسارين المنفصلين للحرب: الحرب البرية بين المقاومة والجيش الإسرائيلي، وحرب الإبادة الإنسانية التي يشنها الجيش الاسرائيلي ضد المدنيين. فالحرب الأخيرة ضد الفلسطينيين تعتبر جريمة قائمة بذاتها ولا ترتبط بالأهداف العسكرية لإسرائيل.

 

استفزت هذه الجريمة ضد الإنسانية الضمير العالمي، مما أدى إلى زيادة تعاطف الرأي العام مع المقاومة والشعب الفلسطيني؛ فعلى الرغم من مرور تسعة أشهر على بداية الصراع في السابع من أكتوبر 2023، إلا أن التعاطف مع القضية الفلسطينية ظل ثابتاً.

 

شهدت الحرب تغيرات مستمرة في المواقف الدولية؛ فخلال الأسبوع الأول من يوليو 2024، توقف الحديث عن مفاوضات الهدنة بين أمريكا ومصر وقطرح حيث كانت أمريكا سابقاً قد سحبت مشروع اتفاق الهدنة، متهمةً حماس بفشل الاتفاق وبرأت نتنياهو، على الرغم من أن حماس كانت قد وافقت علناً على المشروع بينما طلب نتنياهو تعديلات تعجيزية.

 

بذلك، تمكن نتنياهو من تجنب الضغوط الدولية لإيقاف الحرب وإلقاء المسؤولية على حماس. فيما انشغل بايدن بهزيمته في المناظرة أمام ترامب، واصل الجيش الإسرائيلي حربه على غزة، محاولاً توسيع المجاعة ووقف المساعدات الإنسانية.

 

من جهة اخرى، المفارقة كانت في قدرة المقاومة على تصعيد عملياتها، موقعةً بذلك خسائر فادحة بالجيش الإسرائيلي؛ فنتنياهو مهتماً بالخسائر العسكرية بقدر ما كان يسعى للبقاء في السلطة. مما تسببت التطورات المستمرة منذ بداية الحرب في تكبيد إسرائيل خسائر كبيرة في الميدان العسكري ومعركة الرأي العام، ومما أدى أيضاً إلى تآكل مصداقيتها السياسية والأخلاقية عالمياً.

 

في نهاية الأسبوع الأول من يوليو 2024، تقدمت قيادة حماس بمبادرة جديدة للخروج من مأزق مفاوضات الهدنة، مما أربك الأمريكيين وأعاد الكرة إلى ملعب نتنياهو، محملين إياه المسؤولية عن قراراته.

 

أثبتت قيادة المقاومة في غزة مهارة فائقة في إدارة الصراع السياسي والعسكري، مضيفةً فصولاً جديدة إلى علم الحروب غير المتكافئة وقتال المدن. بفضل تكتيكاتهم، تغير المشهد الدولي بشكل كبير وأصبحت الأنظار متجهة نحو مفاوضات الدوحة.

ختاماً، نجد أن التطورات المتلاحقة للحرب في غزة قد أظهرت تفوق المقاومة في إدارة الصراع على كافة الأصعدة. في الوقت الذي تتراجع فيه مستويات القيادة في أمريكا وإسرائيل، تستمر قيادة المقاومة في النمو والازدهار، مما يفتح باباً للأمل في مستقبل أفضل. الحرب في غزة لا تزال تكشف عن جوانب جديدة كل يوم، ومن المؤكد أن المرحلة القادمة ستحمل المزيد من التحديات والتحولات.

Exit mobile version