الهديل

مشهد درزي جامع… هذا ما أكداه جنبلاط وارسلان

مشهد درزي جامع… هذا ما أكداه جنبلاط وارسلان

بعد توقيع عقد المصالحة في منزل الشيخ أبو نبيل أديب ملاعب بين عائلتي السيد رياض ملاعب ومروان سامي ملاعب، عُقدت راية الصلح، عصر الجمعة، في بلدة بيصور بحضور الوزير السابق وليد جنبلاط، رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط، رئبس الحزب السوري القومي الإجتماعي ربيع بنات، وزير التربية والتعليم العالم عباس الحلبي، شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى، الشيخ نصر الدين الغريب، شيخ العقل السابق نعيم حسن، المدير العام السابق للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، الوزيرين السابقين غازي العريضي وصالح الغريب، أعضاء كتلة اللقاء الديمقراطي النواب أكرم شهيب، وائل أبو فاعور، مروان حمادة، راجي السعد وهادي ابو الحسن، أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، النائبين السابقين علاء الدين ترو وأيمن شقير، أمين عام جبهة التحرر العمالي الوليد شميط، رؤساء بلديات ومخاتير وفاعليات أهلية واجتماعية وقادة أمنيين وعسكريين، أعضاء من المجلس المذهبي، وكلاء داخلية “التقدمي” وقياديين في “الديمقراطي” وحشد من المشايخ وأهالي بيصور والغرب.

 

بدأ اللقاء بكلمة تعريف من الإعلامي عبدالله ملاعب، قال فيه: “نحن نطوي صفحةً بيصوريةً أليمةً في بلدة لطالما كانت في صراع مع القدر في السلم والحرب، مرّت بيصور بمنعطفات ومحن، تفوّقت عليها ولو بعد حين انتظرت الشمس وتعلّمت، كهذا الجبل الوطني العربي، أن تنضج في الجليد. وكان صوتُ العقل والحكمة، وكانت القيمُ المعروفيةُ الإنسانيةُ، هنا دائماً، تجمع أهالي البلدة. فقد يمرُ المرءُ بلحظة تخلٍ لكنَّ الأهم أن تليها لحظة تجلٍ، كهذه التي تجمعنا اليوم”.

 

الشيخ ملاعب

وبعدها ألقى وليد ملاعب كلمة الشيخ أديب ملاعب، وجاء فيها:

“لقاء عقد راية الصلح اليوم محطة هامة في تاريخ بلدتنا بيصور, نتجاوز فيها الآلام الزمن الصعب لنمتشق وكالعادة وعلى مرّ التاريخ رايات العزة والمحبة والكرامة والإباء. لقاء عقد الراية, لعزم قديم جديد على التكاتف والتضامن, على التآخي في الأزمات والتوحد في الإستحقاقات, والتعاون في تجاوز المحن والمنزلقات الصعبة والخطيرة. فبيصور أيها السادة ومنذ مئة عام ونيف آثرت المضي قدماً في تكريس بيئة توافقية تضامنية وطيدة, إعتمد أهلها الأعراف طريقاً ومسلكاً في الحياة إيماناً منهم بأن العرف هو ما استقرت النفوس عليه, بشهادة العقول, وتلقته الطباع الطيبة والحسنة بالقبول, ثلاثية ضامنة لإرساء قواعد المحبة بين أفراد المجتمع الواحد العقل. النفس والطباع.

السادة الكرام، مشهدية اليوم وبهذا الحضور المميز من الكبار في هذا الوطن, ترسم صورة معبرة لذكرى أليمة ولحدث جلل, فأنتم اليوم الشاهد الأكبر على زوال مكروه حصل بظرف وصدفة لا نريدها ولا يمكن لنا إلا أن تتهيب في إستذكارها, لتكون عبرة لنا ولأولادنا ولأجيالنا الآتية فيما بعد. حضوركم, دليل إهتمام بقضايا الناس, ومصالحهم, بظروف حياتهم وعلاقاتهم. دليل حرص على بقاء هذا المجتمع بمنأى عن الإرباكات والخلافات والتفاعلات السلبية التي لا يمكن أن ننتظر منها الى الهدم والإنقراض لقيمنا, قيم الحق والخير والمحبة والجمال. نتكلم بإسم عائلتين عزيزتين, لهم منا كل تقدير واحترام شاءت الظروف أن يحصل حدث غير محسوب فكانت النتيجة على ما هي عليه, الخسارة علينا جميعاً كبيرة جداً لا يضاهيها إلا هذا الحجم من التسامح من الجانبين, وهذا العفو عن بعض الحق الذي ساهم الى حد بعيد في طي هذه الصفحة المؤلمة والحزينة. فكيف لا ونعلم جيداً بأن التسامح هو من شيم الكرام ومن أخلاق الأفاضل والكرماء والأدباء والراغبين فيما عند الله. إن خسارة الأبناء, وبكل أشكال هذه الخسارة, لا بد ان تترك جرحاً عميقاً في نفوس الأهل وخاصة في نفوس الآباء وفي قلوب الأمهات. قلوب هي من روائع خلق الله, فهن صبرن على المصيبة وآمن بقضاء الله وقدره وحسن تدبيره. وسبحانه وتعالى ألهمهن الصبر في الأزمات لتجاوزها بحكمة ودراية. مؤمنات بقول الشاعر “فأصبر فإن الصبر عند الضيق متسع”.

الشكر كل الشكر الى أهلنا المعنيين بالحدث، الى الأخ مروان وعائلته الصابرة والأخ رياض وعائلته الكريمة, على حفاضهم الدائم على مبدأ التواصل والتلاقي إحتراما لتقاليدنا الموروثة والاعراف السائدة في النهاية لا بد من توجيه كلمة شكر وامتنان الى كل الذين ساهموا في طي هذه الصفحة والتوصل الى الخواتيم السليمة. شكر وإمتنان الى كل من ساهم في تحقيق المطلوب للوصول الى تنظيم هذا اللقاء المبارك. الشكر الكبير لحضوركم أهل وحدة ووفاق, لحضوركم. أصحاب السماحة. لكم وليد بيك, والمير طلال. وتيمور بيك, ولكل من شاركنا مع أهلنا فرحة العبور الى زمن الألفة والمحبة والسلام.

 

العريضي

وكانت كلمة للوزير العريضي، قال فيها:

“بإسم بيصور أرحب بكم مقامات سياسية كبيرة وروحية وأصحاب العمائم البيضاء الطاهرة الناصعة الداعية دائماً الى العقل والحكمة والمنطق والايمان والتوحيد، وشخصيات وزارية ونيابية وعسكرية وأمنية وإدارية وفعاليات بلدية اختيارية، الأهل والأقارب والأحباء والجيران أهلاً بكم جميعاً.

أُصبنا في العام 2017 وفقدنا شاباً كريماً، مكرم ملاعب، وأصيب البيت الآخر أيضاً بيت زاهر وبيت رياض وأصيبت بيصور. الزعيم الوطني وليد جنبلاط أقول باسم بيصور، عندما كان لا بدّ من الوقوف للدفاع عن الكرامة والشرف والعرض لبّت بيصور نداء والدكم زعيم الحركة الوطنية اللبنانية آنذاك وكانت بكل أحزابها وقواها في الطليعة فأطلق عليها المعلم كمال جنبلاط اسمها “أم الشهداء”، وعندما عُقدت راية المختارة لك ثم عُقد لواء القيادة وقدمت عدداً كبيراً من الشهداء يقارب الـ150 كانت وفية وأمينة لم تخذلك، ولم تخذل والدك بل كانت سبّاقة متقدمة وعندما رفعت راية المصالحة مع الآخر كانت بيصور أيضاً مقدامة بالانفتاح ومد يدّ المصالحة ونحن في منطقة نعيش اهلاً وجيران وأحباء نتشارك معا كل حياتنا اليومية.

أقول ذلك لأشير إلى أننا إذا كنا في بيصور وفي الجبل قد تصالحنا مع الآخر من هنا وهناك، هل يجوز أن لا نتصالح مع أنفسنا ونحن أبناء عائلة عربية عريقة لها في تاريخ الجهاد والنضال تضحيات كبيرة أصيبت بهذا المصاب الذي أشرت اليه.

أُصبنا فصوبنا منذ اللحظة الأولى كان لعائلة مروان والد الفقيد مكرم موقف كبير ومشرّف، حرص على الوحدة وإدارة الأمور بحكمة والاحتكام إلى قضاء الله وقدره والحالة العشائرية بين بعضنا البعض في انهاء ذيول ما جرى.

وليد بيك كنت الراعي والمتابع باليوميات بدقة والواقف على كل التطورات والمساعي التي كان يقوم بها الخيّرون، واليوم نحن بحضورك، والمير طلال والمقامات التي أشرت اليها وتيمور بيك، نحن نعقد راية الصلح بين بعضنا البعض وهذا ليس الموقف الأول التي تقفه بلدة بيصور، فسبق ووقع حادث أليم وكان في هذه البلدة الأمير مجيد ارسلان والزعيم كمال جنبلاط والمرحوم سماحة شيخ العقل الشيخ محمد ابو شقرا. هذا مشهد مهيب اليوم تستحقه بيصور والعائلة الكريمة المصابة وهذا يفرح القلوب ويثلج الصدور.

اليوم تعقد راية الصلح نطوي صفحة ونفتح صفحة جديدة، الأمير طلال ارسلان الصديق العزيز رافقناك فترة طويلة في مساعي الخير والصلح والوفاق، في القدر تقع أحداث نصاب بها جميعاً واستمرت هذه المساعي وبينك وبين وليد بيك سعي متكامل ودائم لإنهاء تلك الذيول، لا نرحب بك هنا بل نقول لك أنت أيضاً بين اهلك ومحبيك ونأمل أن تكون هذه المصالحة منطلقة وفتح باب ومسار لانهاء المصالحات المنتظرة هكذا نكون جميعاً بخير وأمان ونؤكد رسالة التوحيد، تيمور بيك الرئيس الحبيب انت ايضاً ببلدتك وبين اهلك لذلك هذا اللقاء المفرح معكم جميعاً يحفزنا على مزيد من البناء على ما سبق.

في بيصور اذا أصيب أهلنا وأقاربنا آل ملاعب كانت بيصور مصابة واذا أصيب أحد من ال العريضي بيصور كلمة واحدة بكل أحزابها وقواها على مختلف الانتماءات، لا ننسى هنا تحت عنوان الصلح يوم استشهد الشهيد صالح العريضي وكان جثمانه لا يزال مغطّى وقف الشيخ ابو صالح وقفة استثنائية تاريخية وخاطب الناس حيث تم قلق وانفعال طبيعي في مثل هذه اللحظة، وقال “لو جاؤوا لي بقاتل ابني الآن لقلت له سامحك الله”، هذه روح المصالحة وروح التوحيد تتجلى اليوم في هذا اللقاء الكبير في بيصور.

لا أنسى جهد رجل كان في موقع المسؤولية ولا يزال في موقع آخر يقوم بمسؤولية وأمانة مكرم الفقيد كان من أسرة الامن العام، شكرا اللواء عباس ابراهيم أنت بيننا أخ كريم وعزيز كان لك دور أساس في مساعدتنا للملمة الأمور وأمسكت من موقعك المسؤول بهذه القضية كواحد منا نقول لك باسم بلدتنا شكراً.

الى العائلتين الكريمتين باختصار عندما دخلنا الآن برفقة أخينا رياض والد زاهر لمصافحة مروان والعائلة الكريمة كان كلام من مروان كبيراً، وشكرا لك على نبلك واخلاقك صافحة رياض وقلت له غداَ يوم آخر بمباركة أصحاب السماحة. هذا مبشّر أساسي على ما نحن مقبلون عليه، وان شاء الله تستمر الأمور على ما توفقنا عليه. وأقول لك يا مروان انت والاخت العزيزة رحاب الام الصابرة بهاء ابننا وابنتك بنتنا وزوجتك اختنا وكلكم امانة. رياض تأكيد المصالحة بالمصافحة أمر مهم لكن أقول لك أيضا زاهر لا يزال في السجن كما قلت في منزلكنم الكريم، زاهر ابننا ايا تكن الظروف ونحن معنيون بمتابعة كل المسائل لتكون الخواطر مجبورة وثابتة على الصلح والتوحيد.

وفي النهاية، باسم بيصور أشكركم وباسم بيصور ام الشهداء اقول تحية كبيرة الى فلسطين وشعبها والى غزة وابطالها ومقاوميها هذا عهد بيصور وهي وفية على العهد”.

 

ارسلان

من جهته، قال ارسلان في كلمته:

بعد أسابيع من أيّام العُشُر المباركة وعيد الأضحى المبارك، شاءت الأقدار أن نلتقي وإيّاكم على هذه الأرض المباركة، المباركة بمشايخها وأعيانها وأبنائها ونسائها ورجالها، المباركة بشيبها وشبابها، الذين قدّموا كلّ التضحيات في سبيل لبنان وصمود لبنان، وبقاء الجبل…

ما سُمّيت بيصور “أم الشهداء” كجائزة ترضية، فما قدّمته هذه البلدة للوطن، وللجبل، ولمنطقة الغرب والشحار في عاليه، كان كافياً لإطلاق تسمية “أم الشهداء” عليها، والرادارُ يشهد، وعيونها تشهد، فإن سألت عين القَمّيمْ، وعين الضيعة، وعين الشكارة، وعين الكرَيْم، وعين المجد، وعين السُمُر، وعين الوادي وغيرها، تجيبك أنّها كما هي تسقي أبناء بيصور والمنطقة، كذلك هم سقوا أرضها بدمائهم الطاهرة والزكية…. لكي تبقى… وهنا اسمحوا لي أن أترحّم على كلّ شهيد سقط من هذه البلدة بعائلاتها كافة وأترحم على رفيق الدربابن بيصور الشيخ صالح فرحان العريضي.

واليوم، نلتقي نحن ووليد بيك وجميع الحاضرين معنا في هذه المصالحة الكريمة،لقد آلمنا هذا الحادث الأليم ولكن ما يواسينا ويعزينا هو إعلائكم للغة العقل والحكمة والوحدة، وتحقيقكم لمبدأ التسامح الذي أنتم أهلاً له. إنّ هذه الصفات إن دلت على شيء فتدلّ على أصالتكم وتشبثكم بالعادات والتقاليد والقيم التوحيدية الأصيلة التي هي أساس وحدة وتماسك مجتمعنا التوحيدي. نبارك لكم هذه المصالحة وأبقاكم الله سالمين موحدين على كلمة سواء في مواجهة المصاعب والتحديات.

نجتمع اليوم في هذه المرحلة الحسّاسة والمفصلية من تاريخ المنطقة والوطن، ونقول: نحنُ على ما نحنُ عليه، في خطّنا العروبي، وفي قضيتنا الفلسطينية، وفي نهجنا المقاوم، وفي وطنيتنا الراسخة، وفي مسلكنا التوحيدي الشريف، نحنُ على ما نحنُ عليه.

وثباتنا في وطنٍ نحن أسّسناه، ونحن حميناه، ونحن فديناه، ونفديه كلّ يوم بوجه كلّ عدوٍّ محتلٍّ،

وأرضُ التنوخيين هذه تشهد.

إخواني جميعاً،

لم يكن أبناء طائفتنا الكريمة يوماً، أينما وُجدوا، وفي بلاد الشام خصوصاً، في لبنان، وفي فلسطين، وفي سوريا، وفي الأردن، مشاريع فتنة، أو تقسيم، أو حرس حدود لعدوٍ غاشِمٍ، فأهل التوحيد، هم أهلٌ للوطنية، وأهلٌ للإنتماء القومي الصحيح والشفاف ومشروعهم الوحيد هو حماية هذه الثوابت ولو بالدم من كلّ عدو، معركة المالكية والناصرة بقيادة الأمير مجيد واستقلال لبنان أكبر دليل على هذه المواقف،ورفض المرحوم كمال بك جنبلاط للدولة الدرزية وثورة سلطان باشا الاطرش وصمود أبناء الجولان العربي السوري المحتل، بَوصلة الموحدين الدروز في العالم، ايضاً دليلٌ على ما أقول.

وهنا لا أستطيع إلا أن أوجّه من على هذا المنبر… من بيصور أم الشهداء إلى مشايخنا وشيبنا وشبابنا ونسائنا وأطفالنا في الجولان المحتل تحية إجلال وإكبار على مواقفهم الوطنية والقومية المتمسكة بثبات بالهوية العربية السورية…

ومناشدتي هنا، ومن بيصور لأبناء السويداء أو بالأحرى لقلّة قليلة من أبناء السويداء، لا تراهنوا يوماً على مشروع إنفصالي من هنا أو مشروع إنعزالي من هناك، ولا على مشروع خارجي تعتقدون أنّه يُراد منه خيرٌ لكم… انظروا إلى تاريخكم، وتمعّنوا في محطاته، وخذوا العِبر منه… ضعوا أيديكم بأيدي أبناء الجبل وأبناء الوطن بكل محافظاته لكي تحافظوا على وجودكم ومستقبلكم ومستقبل أولادكم… في كنف الدولة بقيادتها وموسساتها وجيشها.

أمّا لأبناء الجليل… أبناء فلسطين المحتلة… لعرب الـ 48 أقول وبالأخص منهم المجندين قهراً وهم أكثرية أقول: لا تنخرطوا في جيش الإحتلال ولا تسمحوا له بالفتنة في ما بينكم ولا تواجهوا إخوتكم الفلسطينيين لأنكم شعباً واحداً، واحذروا واحذروا واحذروا المكر والخداع الصهيوني، ومهما طالت حركة التاريخ فإن حرية الشعوب آتية ولو بعد حين، فأنتم خير من ميّز بين الحقّ والباطل، وبين الظالم والمظلوم، كونوا على ثقة بأنّ خياركم إلى جانب إخوتكم في الوطن هو الخيار الصائب، وكل المشاريع الأخرى والكيانات المحتلة إلى زوال أكيد.

نحن أيها الإخوة… مشروع الدولة والشرعية والمؤسسات، وخلاصنا بخلاص وطننا، وبوحدتنا، وبانفتاحنا على الآخر وبتقبّلنا له، في بيتنا الداخلي كما في الوطن، نؤمن بالتعددية وبالتنوع وبالإختلاف، لكن من دون الخلاف.

وذلك لا يعني أنّنا مؤمنون بما يريده البعض، بأن تُصبح الخيانة وجهة نظر، وبأن تضيع البوصلة، بين العدو والصديق.

وهنا لا بد من توجيه التحية إلى المقاومين الأبطال في كلّ الساحات، وفي غزّة والجنوب اللبناني على وجه الخصوص، فمرحلة ما بعد السابع من أكتوبر وعمليّة “طوفان الأقصى” ذكّرت العالم بإجرام العدو وبطشه، عدو الأرض والناس الذي لا يفرّق بين طفل ومسنٍّ وامرأة ورجلٍ، عدوٌّ لا أمل بدحره عن أرضنا إلا بالمقاومة.

قلتها منذ عقود، وكرّرتها في أكثر من مناسبة، وقد أكون دفعت في مكان أو آخر ثمن قناعاتي الشخصية، ونهجي الذي ما بدّلته لحظةً، لكن ضميري مرتاح، وجمعتنا اليوم خير دليل على ذلك.

قلتها وأكرّر، أبناء الجبل لم يكونوا يوماً ولن يكونوا إلا سنداً في ظهر المقاومة والمقاومين، وحماة الثغور بالأمس هم حماة ظهر المقاومين اليوم، وفي السّلم كما في الحرب، بيوتنا وقلوبنا مفتوحة لهم، وما يصيبهم يصيبنا، والنصر حليفهم وحليفنا بإذن الله.

أمّا الملف اللبناني الداخلي، فاسمحوا لي بألّا أعلّق، وأن أكتفي بالتأسّف إلى ما وصلت إليه الحالة… من فوضى وفلتان.. وعصفورية بكل ما تحمله الكلمة من معنى… ونتيجة كل ذلك المزيد من الصعوبة في الوضع الإقتصادي والمعيشي على الناس… وسنبقى في كل الظروف إلى جانب الناس وهمومهم ومطالبهم.

وأنهي كلامي بالتوجّه إلى أشقائنا في الدول العربية، في الخليج العربي وكل الدول، بأن يوحدوا الموقف من خارج إطار القمم العربية وبياناتها، ويتخذوا قراراً جاداً ومصيرياً يدخلون فيه التاريخ من بابه الواسع، بالضغط الفعلي على الدول العظمى والمؤثرة، للوصول إلى وقف نهائيٍّ للحرب على غزّة وعلى الجنوب اللبناني، تفادياً لما هو أعظم، وحرصاً على استقرار المنطقة، كل المنطقة،

ودمتم جميعاً وبيصور ولبنان بألف خير.

 

جنبلاط

وفي الختام، تحدّث جنبلاط قائلاً:

“نختم اليوم بمعية الأمير طلال ارسلان وأصحاب السماحة والمشايخ الأفاضل والفعاليات والرفاق في اللقاء الديمقراطي جرحاً أليماً أدمى العائلة الواحدة في بيصور، نختمه من خلال التمسك بالقضاء، والتقاليد والأعراف التي عُرفت بالطائفة المعروفية والتي عندما نطبقها وبالرغم من فداحة الخسارة وفقدان الأحباء تبقى الضمانة من اجل العبور إلى المستقبل.

التحية لأهل بيصور، فقد كنتم في طليعة المقاومة الوطنية العربية وصمدتم في وجه مغامرة التقسيم والإنعزال وفتحتم الطريق إلى العروبة وإلى بيروت ولاحقاً طريق المقاومة إلى الإقليم وصيدا والجنوب، تاريخكم ناصع بالتضحيات وأبيض.

أضم صوتي إلى صوت الأمير طلال ارسلان والرفيق غازي العريضي ومن بيصور أم الشهداء، نحيي أم الشهداء غزّة”.

أبي المنى

بدوره، كان للشيخ أبي المنى كلمة لدى اصطحابه والشيخ حسن والوزير العريضي أهالي الجاني لمصافحة أهل المجني عليه في بداية اللقاء، قال فيها:

“بسم الله الرحمن الرحيم

الصلحُ والإصلاح أمرٌ فرضٌ من الله عزَّ وجَلّ، وواجبٌ على أهل الفضل وعلى المؤمنين والإخوة.. قال تعالى: “إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ”

نعم أيها الإخوة إن المؤمنين إخوة، والموحدين إخوة، وأبناء الجبل وأهل بيصور إخوة وآل ملاعب ملُّهم إخوة، فهل يجوز إلا الإصلاحُ والمصالحة بين الإخوة؟…

قد تُرَدُّ السيئةُ بسيئة مثلِها ولكن العفوَ والإصلاحَ أَولى وأجدر تصديقاً للآية الكريمة: “وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ”.

وها نحن نلتقي اليوم في بيصور لدفع السيئة بالحسنة ولنتوّج المساعي الخيّرة بعقد راية الصلح بين الأهل والإخوة، لنطوي صفحةَ الظلم والغضب والانفعال والتخلّي، ونفتحَ صفحةَ العدل والحلم والصفح والتعقّل…

فالجبل يستحقُّ وحدتنا وبيصور تستحقّ مثلَ هذه الساعة المباركة ومثلَ هذا الموقفِ الجامع المشرّف، وآلُ ملاعب بما هم عليه من حكمة وتقوى وعلم ورجولة يستحقّون مثلَ هذا الحضورِ المميّز؛ قيادةً سياسية ورئاسةً روحية وأصدقاءَ وأقارب ومحبّين…

اليوم نحن هنا لنباركَ تلك المساعي الخيّرة ولنشدّ على الأيدي المصافِحة والمصالِحة، ولكي نناشد أبناءَنا في بيصور وفي كل مكان بأن يحتكموا دائماً إلى العقل والقانون قبل وقوع المحذور وألّا يخرجوا عن طريق الحكمة والمعروف… فتصرّفٌ عشوائيٌّ انفعالي قد يُنتج ألماً نفسياً كبيراً، ولحظةُ جهلٍ وغفلة قد تكلّف ساعاتٍ وساعاتٍ من الجهد والتعب لرأب الصّدع والإصلاح…

فلتكن هذه المصالحة العائلية خطوةً أخرى مبارَكة على طريق إنجاز المصالحات وجمع الشمل على مستوى الطائفة وعلى مستوى الوطن…

وكما ان خيارنا الثابت هو التمسك بالهوية العربية والوطنية والإرث الجهادي لأسلافنا المعروفيين دفاعاً عن الأرض والعرض، كذلك فإن خيارَنا وخيارَ المشايخ والقيادة وخيارَ كلّ المخلصين هو التأكيد على الهوية الروحية التوحيدية للطائفة والتماسك الاجتماعي ووحدة الكلمة والموقف.

اللهمَّ بارك جمعَنا ومصالحتناوافتح لنا الباب لكلّ ما يثمرُ خيراً ويُنتجُ محبةً وإلفة”.

 

 

Exit mobile version