الهديل

خاص الهديل: هذا هو الهدف الحقيقي الذي كانت إسرائيل تطارده داخل مخيم المواصي

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة 

تعمدت تل أبيب تغطية مجزرة مخيم النازحين في المواصي بذريعة ان الجيش الإسرائيلي كان مع الشاباك يطارد في المخيم محمد الضيف القائد العسكري الأول لكتائب عز الدين القسام ومجموعة من رفاقه.. وقالت إسرائيل إنه توفرت معلومات للشاباك بأن الضيف ورفاق له، تركوا الأنفاق وأقاموا مركزاً مخفياً لهم داخل مخيم المواصي.

 

هذه الرواية الإسرائيلية تحمل الكثير من عدم التماسك، وهي تطرح عدة أسئلة بمواجهتها: 

 

أولاً لماذا على العالم أن يصدق السردية الإسرائيلية بخصوص أن محمد الضيف قرر في هذا الوقت بالذات الخروج من مركزه في الأنفاق، طالما أن الحرب مستمرة وطالما أن وقف إطلاق النار لم يتم إنجازه بعد؟؟.

 

الرواية الإسرائيلية تجيب على هذه النقطة بالقول إن محمد الضيف وأركان قيادته في لواء رفح، قرروا الخروج من الأنفاق بسبب ما حصل من تقدم على مسار المفاوضات بشأن إطلاق الأسرى وقف النار!!.

 

.. هذه الإجابة توضح أن إسرائيل تحاول فبركة أسباب لتبرر جريمتها. وداخل هذا التبرير الزائف توجد نقطة أساسية حاولت إسرائيل من خلالها أن تجيب على سؤال توقع مصممو مجزرة المواصي بشكل مسبق أن يتم طرحه من قبل الرأي العام العالمي، وهو ما الذي دفع إسرائيل لقصف مخيم أعزل ولضرب منطقة بقنابل ثقيلة، كانت هي ذاتها حددتها بأنها آمنة؟؟. ولتحاشي إحراج هذا السؤال فبرك الشاباك قصة وجود الضيف في المخيم؛ علماً ان الهدف العميق لعملية المجزرة ليس له علاقة لا بمحمد الضيف ولا حتى برافع سلامة..

 

مرة أخرى الأسباب التي فبركتها إسرائيل لتبرير ارتكابها مجزرة المواصي كاذبة ومكشوفة.. وعليه فإن السؤال الأهم هو عن أسباب نتنياهو الحقيقية من وراء إقدامه على ارتكاب هذه المجزرة؟؟: 

 

السبب الأول يتمثل برغبة نتنياهو بتعميم صورة حول العالم تقول إن قادة حماس الأساسيين كمثال محمد الضيف ورافع سلامة يستخدمون أهالي غزة كدروع بشرية لهم!!.

 

ثاني سبب الإيحاء لأهالي غزة بأن عليهم الإبتعاد عن التعاطي أو التواجد أو تشارك في نفس المكان مع أي مسؤول في حماس.. 

 

.. بكلام آخر يريد الشاباك إيصال رسالة لأهالي غزة تقول إن المنطقة الآمنة الوحيدة في غزة، ليست مخيمات النازحين ولا أية منطقة ترفع الأونروا علمها عليها؛ ولا حتى المنطقة التي تقول عنها إسرائيل إنها آمنة، بل يوجد في غزة منطقة واحدة آمنة لا تزال غير موجودة وهي حصراً حيث لا يوجد مسؤول لحماس أو أي تواجد مهما كان حجمه لحماس.. 

 

والواقع أن مجزرة المواصي هي جزء أساسي من جهود الشاباك والجيش وأمان لضرب القدرات السلطوية والاجتماعية لحركة حماس في غزة، وذلك عبر ممارسة ضغط عسكري صادم هدفه خلق قطيعة كلية بين قادة حماس وعناصرها وبين أهالي غزة، وذلك تحت طائلة الموت. 

 

ثالث هذه الأسباب – إيصال رسالة لقادة حماس وبخاصة ليحيى السنوار تفيد بأن لا وقف لإطلاق النار قبل القضاء على قيادة حماس؛ وأنه حتى بعد وقف النار لن تنتهي مهمة تتبع قادة حماس بغية تنفيذ حكم الاغتيال بحقهم. 

 

وهذه النقطة تعني أن نتنياهو يريد استخدام مجزرة المواصي حتى يدفع السنوار لفرملة اندفاعة حماس للإسهام بشكل إيجابي بالتوصل لصفقة.

 

رابع سبب يكمن في أن نتنياهو يريد القضاء على أية بارقة أمل داخل عقل وقلب المواطن العربي الفلسطيني في غزة بخصوص أنه يمكن في المستقبل عودة الحياة لقطاع غزة..

 

والواقع أن الهدف الكبير لحرب نتنياهو في غزة هو تهجير سكانها وذلك على مدى قصير يستغرق بين سنة و٥ سنوات. ونتنياهو يراهن على أن يبدأ مسلسل هجرة الغزاويين الصامت مع بدء أول توقف جزئي ومؤقت للنار، ولذلك يصر نتنياهو على رفض إعلان وقف دائم للنار. 

 

تقوم خطة نتنياهو على تفاوض يؤدي لاطلاق أسرى، بالتزامن مع إبقاء الباب مفتوحاً على ارتكاب مجازر تؤدي – بحسب التفكير الإسرائيلي – إلى تكريس قناعة فلسطيني غزة بأمرين إثنين: 

 

الأول أنه لا يمكن للغزاوي العيش في مكان واحد مع حماس..

 

.. والثاني أنه لا يمكن للغزاوي الإستمرار بالبقاء في غزة، وأن المطلوب هو البحث عن مخرج يوصله إلى أي مكان خارج غزة.

 

إن ما تخطط له إسرائيل لمستقبل غزة هو نوع من حرب الإبادة، وهو أيضاً سيناريو محكوم عليه بالفشل كون تاريخ الفلسطيني فوق أية مساحة من فلسطين، يؤكد انه متمسك بالبقاء فوق أرضه مهما بلغت التضحيات..

وخلاصة القول في هذا المجال ان الهدف الحقيقي الذي طاردته إسرائيل داخل مخيم المواصي لم يكن محمد الضيف أو رافع سلامة بغض النظر عن وجودهما هناك من عدمه؛ بل كان الهدف المجرم الحقيقي هو قتل علاقة الغزاوي بحماس، وإشعاره بأن حياته معها تساوي مقتله مع عائلته، وأيضاً قتل أية بارقة أمل داخل عقل الغزواي وقلبه توحي له بأنه يستطيع البقاء وانه لا زال لديه مستقبل في القطاع..

Exit mobile version