الهديل

خاص الهديل: إنقلاب الصورة: ترامب من متهم إلى “بطل قومي”!!

خاص الهديل…

بقلم: ناصر شرارة

كتبت محاولة الإغتيال التي تعرض لها ترامب أمس، تاريخاً جديداً له. فقبل اغتياله كان ترامب متهماً بأنه يخرب الديموقراطية في الولايات المتحدة الأميركية، وبعد الإغتيال صار ترامب ضحية العنف السياسي واللاديموقراطي في بلاد العم سام؛ وقبل المحاولة كان ترامب متهماً بأنه لا يشبه قيم الحزب الجمهوري؛ وبعدها أصبح يجلس داخل إطار صورة “البطل القومي” بنظر الحزب الجمهوري وأيضاً بنظر مناصريه الذين زاد عليهم الآن فئة ثالثة تدعمه وهي “المتعاطفون” معه؛ وهؤلاء الأخيرون (المتعاطفون) هم الناخبون الأميركيون الذين دخلوا منذ يوم أمس على خط السباق الرئاسي بين ترامب وبايدن لصالح الأول.

 

طالما كان ترامب شخصية مثيرة للجدل وللسؤال عن الجهات الخفية الملتبسة التي تقف وراءه؛ ولكنه منذ يوم أمس أصبح شخصية مثيرة للسؤال عن عنوان الجهات التي تقف وراء محاولة اغتياله.. ومنذ أمس لم يعد ترامب هو المتهم أو أقله لم يعد المتهم الرئيسي؛ بل صار هناك لائحة اتهام جديدة اسمها التحريض ضد ترامب التي تضم على رأس لائحتها الرئيس والمرشح الحالي بايدن وكل خصومه الذين انتقدوه ولكنهم اليوم أصبحوا متهمين بمحاولة شيطنته.

 

بكلام آخر فإن محاولة اغتياله “طهرته” من أخطائه التي لا كانت حتى أول من أمس لا تحصى؛ ونقلته من إطار صورة “رجل الكايبوي” الشرير وغير الديموقراطي، إلى صورة “الشريف” الذي يبشر بتطبيق القانون ويستخدم مسدسه فقط من اجل تطبيق العدالة..

 

ومن بين نحو ٧ إلى ٨ رؤوساء أميركيين سابقين اغتيلوا أو تعرضوا للإغتيال، سيعتبر ترامب نفسه حراً في اختيار أحدهم كنموذج يشبهه؛ وربما يجد ترامب انه من الأفضل له – وبالطبع ليس لكيندي – أن يختار نموذج الرئيس كيندي؛ ليدعي انه له نفس مظلوميته، وليشير إلى مدى تعلق الأميركيين به وحبهم له. والواقع أن ما كان ينقص شخصية ترامب لتصبح ظاهرة غير مسبوقة داخل مجتمع الرؤساء الأميركيين؛ هو أن تضاف إلى قصتها وسيرتها الذاتية محاولة اغتيال من النوع الذي تعرض لها أمس.. ويبدو الآن أن كل مظاهر الإثارة والسوريالية المطلوبة ليصبح بإمكان ترامب أن يدخل للمرة الثانية إلى البيت الأبيض، قد أصبحت كاملة الآن؛ وبات الجميع، خصومه قبل أتباعه، ينتظرون نوفمبر المقبل ليس كموعد لصدور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، بل كموعد حتمي سيتم فيه تظهير مشهد دخول ترامب – بقدمه اليمين – إلى البيت الأبيض!!

 

قبل محاولة اغتيال ترامب أمس كانت الإنتخابات الأميركية تجري في فضاء سياسي خال من أية قضية معتبرة، وكان يسودها نوع من الهزل الذي يعبر عنه “سجال ساحات الضيع” الجاري بين كبير السن بايدن ورجل الصفقات ترامب.. وفقط الآن سوف يتم تسويق قضية لهذه الانتخابات؛ وهي الدفاع عن الديموقراطية ضد العنف السياسي!!. وعلى نحو ما؛ سوف يحاكي ترامب ما فعله ماكرون حينما بكر الانتخابات التشريعية في فرنسا كي يستطيع القول ان هذه الانتخابات تجري من أجل قضية مقدسة هي الحفاظ على الجمهورية بوجه زحف أقصى اليمين البربري والفاشي.. وبنفس اللكنة ستقول أميركا اليوم ان موعد ٥ نوفمبر سيمثل يوم الاحتجاج على محاولة اغتيال ترامب وذلك ضمن مهمة الدفاع عن قضية وقيم الديموقراطية الأميركية..

Exit mobile version