خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
يوم ٢٤ الشهر الجاري سيُلقي نتنياهو خطاباً أمام الكونغرس.. سيحاول نتنياهو أن يحشد أكبر دعم من سيناتورات الحزبين الجمهوري والديموقراطي لصالحه.. ثمة أحداث كبرى حدثت عشية مناسبة إلقائه خطابه في الكونغرس؛ وأهمها محاولة الإغتيال التي تعرض لها ترامب نهاية الأسبوع الماضي. وكان سبق حدَث محاولة اغتياله؛ حدث آخر كان له أهميته أيضاً؛ وهو تعثر بايدن خلال مناظرته مع ترامب.. وكل هذه الأحداث دعّمت حظوظ ترامب للوصول إلى البيت الأبيض..
يشعر نتنياهو أنه سيصل إلى الولايات المتحدة بتوقيت مناسب له؛ فخصمه بايدن سيكون في أضعف لحظة سياسية؛ فيما حليفه ترامب يقف على أرض انتخابية صلبة وواعدة بقوة. أضف لذلك أن خصومه داخل ائتلافه الحكومي أو خصومه في المركز واليسار في إسرائيل؛ وبالأخص كل من غالانت وغانتس، يتجهون ليصبحوا يتامى داخل أميركا نتيجة تضاءل قوة حليفهم بايدن المتعاظمة.
إن أهم نقطة سيوحي بها نتنياهو خلال هذه الفترة هو أن الصراع السياسي داخل إسرائيل أصبح قطعة من الانقسام الحاصل حالياً داخل الولايات المتحدة الأميركية بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي وحصرياً بين المراهنين على استمرار بايدن في الإنتخابات ومن ثم في الرئاسة الأميركية؛ وبين المراهنين على عودة ترامب إلى البيت الأبيض وأفول نجم بايدن إلى غير رجعة.
نتنياهو من المراهنين على عودة ترامب؛ وهو خلال كل عهد بايدن كان يخوض “صراع البقاء” داخل المشهد السياسي و”صراع الصمود حياً سياسياً” لغاية حلول لحظة عودة ترامب إلى البيت الأبيض.
.. وخلال عهده؛ نفذ بايدن انقلاباً سياسياً أبيض على نتنياهو، أسفر عن إبعاده عن الحكم لأقل من عامين، وذلك لمصلحة حكومة لابيد – بينت؛ ولكن نتنياهو عرف كيف يقطع سياق انقلاب بايدن عليه؛ وعاد إلى الحكم من خلال الاعتماد على أحزاب أقصى اليمين الذين شكّل معهم حكومته الراهنة..
إن خطة نتنياهو الراهنة هو الحفاظ على حكومة اليمين وذلك على حساب إطلاق الأسرى والتوصل لاتفاق وقف النار.. بمعنى آخر نتنياهو سيحافظ على الستاتيكو الحالي: حرب في غزة ضمن تطبيقات المرحلة الثالثة؛ وتصعيد في جنوب لبنان ضمن قواعد اشتباك لا تؤدي إلى توسيع الحرب..
يراهن نتنياهو على أن ينتقل بعد وصول ترامب إلى البيت الابيض إلى مرحلة تغيير المعادلة سواء داخل إسرائيل من جهة، وداخل قطاع غزة من جهة ثانية، وعلى الجبهة اللبنانية من جهة ثالثة..
على مستوى الداخل الإسرائيلي سيعمد نتنياهو لتحضير إجراء انتخابات مبكرة ولكن وفق توقيته الذي سيعتمد في تحديده على دعم ترامب له لتحقيق نتائج لافتة في مجالي تهميش خصومه السياسيين الإسرائيليين وبخصوص حربه على حماس؛ أما على مستوى الحرب في غزة فإن نتنياهو سوف يستخدم “الدعم الأميركي الترامبي” للضغط على العرب لتحقيق نتائج سياسية لصالح إسرائيل على صلة بطبيعة اليوم التالي في غزة. أما بالنسبة للبنان؛ فإن نتنياهو يتوقع أن يكون ترامب أكثر قسوة مع إيران ومع حزب الله من بايدن..
إلى هنا رهانات نتنياهو الذاهب إلى واشنطن يوم ٢٤ الشهر الجاري وفي ذهنه أنه سيلقي في الكونغرس خطاب نصره على خصومه سواء في إسرائيل أو داخل أميركا.. ولكن ما يفوت نتنياهو هو أن الأيام التي تفصله عن يوم ٢٤ الشهر الجاري قد تحمل مفاجآت لا يمكن توقع نوعيتها؛ ولا نوعية النتائج السياسية التي ستسفر عنها.
.. بكلام أخير؛ فإن الولايات المتحدة الأميركية ذاتها والوضع الإسرائيلي الداخلي وحربي غزة وأوكرانيا؛ جميع هذه الملفات الكبرى دخلت ليس ثلاجة الانتخابات الأميركية الإنتظارية، بل دائرة مفاجآت الإنتخابات الرئاسية الأميركية المتحركة فوق صفيح ساخن وعلى كثبان رمل كثيف..